على توقيت القضاء والقدر، كتب على عدد من البحرينيين أن يكونوا محصورين في سوريا بعد التطورات اللافتة التي عصفت بالبلاد وأدت إلى إسقاط نظام بشار الأسد، في أحداث عجز عن كتابتها كُتاب السيناريو، لكن قلم الواقع كتبها وبثها عبر شاشة الحياة أمام الملايين.
“البلاد” تواصلت مع البحرينيين الموجودين في سوريا، حيث نقلوا للصحيفة ما يدور في حي السيدة زينب، الذي يقصده البحرينيون لزيارة العتبات المقدسة ممثلة في حفيدة الرسول صلى الله عليه وسلم، السيدة زينب بنت علي.
أجمع المتحدثون أن الأحداث في السيدة زينب بدأت قبل نحو ستة أيام من سقوط النظام، حيث قصد المنطقة الآلاف من النازحين من منطقتي نبل والزهراء، اللتين تعرضتا لتهديدات من قبل قوات المعارضة بعد الإطاحة بحلب، إذ إن المنطقتين متاخمتان لحلب.
وبعد توافد النازحين، كما قال البحرينيون الموجودون في سوريا، رفض الجميع توفير مأوى لهم، مما دفعهم للتدخل بالقوة، مهددين ملاك ومديري الفنادق في حي السيدة زينب. وقد تعرضت الحملة البحرينية لأساليب من العذاب النفسي، حيث تم السطو عليهم وإشهار الرشاشات والمسدسات، وتحت التهديد بالنار تم نقلهم إلى فندق آخر بعد تدخل السفارة ووزارة السياحة السورية.
يقول المواطن حسن سبت، المقيم في سوريا، في حديثه لـ”البلاد”: “ظل الوضع تحت الترقب في منطقة السيدة زينب، حيث كانت هناك مجاميع كبيرة من المسلحين الموكل إليهم حماية المرقد، خصوصًا بعد تتابع الساعات والأخبار التي تشير إلى سقوط المناطق التي كانت تحت سيطرة الأسد.”
ويجمع محدثو الصحيفة من البحرينيين أن مساء يوم السبت شهد حركة غريبة للمسلحين في منطقة السيدة زينب، إذ اجتمع معهم سماحة السيد عبدالله نظام، رجل دين شيعي بارز في سوريا، يرأس الهيئة العلمائية لأتباع أهل البيت ومقرب من إيران. وأبلغهم بأن يلقوا أسلحتهم وينسحبوا بعيدًا عن منطقة السيدة زينب، مؤكدًا لهم أن المقام سيكون بخير وأن هناك اتفاقًا مع الثوار بهذا الخصوص.
ويعود حسن سبت بالحديث ليؤكد أن المسلحين من الميليشيات تركوا المنطقة بالفعل، ومع إعلان سقوط نظام الأسد لم يكن هناك أي مسلحين في حي السيدة زينب. لكن التحول الدراماتيكي حدث مع ساعات الفجر الأولى ليوم الأحد.
يقول مواطنان بحرينيان، فضلا عدم ذكر اسميهما، مقيمان في حي السيدة زينب، إن المسلحين تركوا أسلحتهم في مركز الشرطة المحاذي للمقام، ثم جاء أهالي المنطقة وأخذوا الأسلحة، وقاموا بعمليات بلطجة ونهب وسرقة مقتنيات من مقام السيدة زينب، بالإضافة إلى نهب المحلات التجارية في حالة من الفوضى، وانتشار السلاح بين أهالي المنطقة.
ومن اللافت، كما سجله البحرينيون، أن الثوار وقوات المعارضة لم يقصدوا حي السيدة زينب إلا في زيارة واحدة مع سماحة السيد عبدالله نظام، حيث دخلوا المقام وبدّلوا العلم ثم رحلوا عن المنطقة، ولم يقوموا بأي أعمال عدائية تجاه الموجودين هناك.
ومع انقضاء يوم الأحد وما شهده من أحداث كبيرة، ومع دخول الساعات الأولى ليوم الإثنين، توجه عدد من البحرينيين إلى مقام السيدة زينب بعد أن تأكدوا من أنه مفتوح من خلال اتصالاتهم بمعارفهم. وفقًا لما أكدوه، كان مقام السيدة زينب مفتوحًا من باب الرجال، كما كانت جميع الساحات (أو ما يتعارف عليه بـ”الصحون”) الداخلية للمقام مفتوحة، إلا أن مبنى الضريح كان مغلقًا. وكانت الحركة طبيعية، حيث وصل الزوار وقاموا بالزيارة، بينما مكث البحرينيون نحو أربع ساعات في المقام. من جملة ما لاحظوه وجود أعداد من أهالي نبل والزهراء اتخذوا المقام سكنًا لهم بعد نزوحهم من مناطقهم.
وفيما يتعلق بمشاكل الفوضى، أشار المواطن ملا محمد عمران إلى أن الفوضى كانت تعم المكان، وأن آثار التدمير والسرقات كانت تجوب الشوارع بين أحياء منطقة السيدة زينب. وكان لافتًا ارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه، حيث دفع 500 ألف ليرة سورية مقابل كيلو بطاطس، طماطم، تفاح وموز، بينما كانت الفاتورة قبل يومين لا تتعدى 10 آلاف ليرة.
تنبه صحيفة البلاد مختلف المنصات الإخبارية الإلكترونية الربحية، لضرورة توخي الحيطة بما ينص عليه القانون المعني بحماية حق الملكية الفكرية، من عدم قانونية نقل أو اقتباس محتوى هذه المادة الصحفية، حتى لو تمت الإشارة للمصدر.