تعرضت جهود نيجيريا لإنعاش إنتاج النفط وتشجيع الاستثمارات لخطر كبير بسبب أعمال تخريب استهدفت جزءاً من منظومة أنابيب النفط في البلاد.
كان تحسن الأمن عنصراً أساسياً في تعافي إنتاج البلاد، الذي ارتفع 40% على مدى السنوات القليلة الماضية بعد أن انخفض إلى أقل من نصف ذروته التاريخية. في يناير الماضي، تجاوز أكبر منتج للنفط في أفريقيا حصته المحددة من قبل منظمة “أوبك”، التي كانت بعيدة المنال في السابق.
تخريب خطوط النفط النيجيرية
يُعد التخريب الذي تعرض له جزء من خط أنابيب “ترانس-نيجر”، الذي ينقل حوالي 15% من صادرات نيجيريا من النفط، انتكاسة للحكومة التي كانت قد اتخذت تدابير لزيادة الأمن في المنطقة. رد الرئيس النيجيري بولا تينوبو بفرض حالة الطوارئ في ولاية ريفرز أمس الأول، متذرعاً بخلافات سياسية استمرت 18 شهراً بين المسؤولين المحليين، الذين قال إنهم فشلوا في وقف أعمال التخريب التي نفذها مسلحون.
أوضح كليمنتين وولوب، مدير منطقة جنوب الصحراء الكبرى في شركة الاستشارات السياسية “هورايزن إنغيج” (Horizon Engage): “إن هذا ضربة لحكومة تينوبو في نجاحاتها الأخيرة في زيادة إنتاج النفط، التي كانت مدفوعة جزئياً بتحسينات في تدابير الأمن. كما أن هذا يعطي إشارة صعبة للغاية للاستثمار في وقت بدا أن الحكومة قد اجتازت منعطفاً حرجاً في قطاع الطاقة”.
من جانبها، قالت شركة “رينيسانس أفريكا إنرجي” (Renaissance Africa Energy)، وهي تحالف محلي استحوذ الأسبوع الماضي على أصول تشمل خط أنابيب ترانس-نيجر الذي اشترته من شركة “شل”، إنها لا تخطط لإصدار إعلان حالة القوة القاهرة بشأن صادرات خام من نوع بوني لايت. تشير بيانات تتبع السفن التي جمعتها بلومبرغ إلى أن هناك ناقلتين في انتظار تحميل الخام من محطة بوني.
خلال 2022، عندما اقترب إنتاج نيجيريا من الانخفاض إلى أقل من مليون برميل يومياً، تدهور الوضع الأمني لخط أنابيب “ترانس-نيجر” إلى درجة أنه منظومة خطوط الأنابيب تعرضت للثقب بشكل غير قانوني في حوالي 150 موضعاً، ما يعني أن المنتجين لم يحصلوا إلا على جزء صغير من الكميات التي ضخوها من خلالها.
تحديات النفط في نيجيريا
دفع تشديد الأمن على خطوط أنابيب النفط مؤخراً اللصوص إلى استهداف خطوط الغاز بدلاً منها. رغم ذلك، فإن عودة أعمال النهب والتخريب في القطاع يعرض نيجيريا لتحديات خطيرة، إذ تعتمد البلاد على إيرادات النفط النيجيري والغاز لتمويل حوالي نصف ميزانيتها.
تُفاقم حالة انعدام الاستقرار السياسي في نيجيريا التي أدت إلى فرض تينوبو حالة الطوارئ من حالة من عدم اليقين. بدأت هذه الحالة عندما نشب الخلاف بين حاكم ولاية ريفرز، سيمينالاي فوبارا، وسلفه نيسوم ويكي -حليف لتينوبو وأحد أعضاء المعارضة في حكومة الرئيس- بعد انتخابات 2023، ما أدى إلى نشوء فصائل محلية تهدد بالتحول لاستخدام العنف.
قال وولوب: “في ظل هذه الخلفية، نرى وجود إمكانية لزيادة الاضطرابات في المدى القصير”.
في الشهر الماضي، قضت أعلى محكمة في نيجيريا بأن فوبارا تصرف بشكل غير قانوني عندما حكم الولاية دون أن يكون لديه أغلبية من المشرعين الموالين لمنافسه. وجهت المحكمة البنك المركزي بحجب الإيرادات -تشمل في الغالب حصتها من مبيعات النفط والغاز الخام- ما زاد من توتر الأوضاع.
أمر تينوبو بوقف فوبارا ونائبه لمدة 6 أشهر، إلى جانب المشرعين المحليين المنتخبين في 2023. كما عين الرئيس مسؤولاً عسكرياً متقاعداً لتولي حكم على الولاية.
خطوات نيجيريا لحل الأزمة
بدأت “رينيسانس” تحقيقاً مشتركاً في أعمال التخريب، وفق ما ذكره متحدث باسم الشركة. وبينما تجنبوا إعلان القوة القاهرة -بند قانوني يسمح للشركات بالإعفاء من التزاماتها التعاقدية- فإن الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية تمثل أول تحد كبير للمجموعة المحلية.
من جانبه، أوضح منصور محمد، رئيس أبحاث الإنتاج في غرب أفريقيا في شركة “وود ماكنزي”: “إن النهج الذي تتبعه رينيسانس سيكون جزءاً أساسياً في التوصل لسبل حل التحديات المتعلقة بالأمور غير الفنية فوق الأرض في قطاع النفط والغاز في نيجيريا من قبل المشغلين المحليين”.