أكدت تركيا أن أحداث الساحل السوري الأخيرة استهدفت وحدة سوريا، وجرّ إدارتها الجديدة إلى الاستفزاز وإخراجها عن مسارها بتدخل من أطراف خارجية.
وقال وزير الخارجية، هاكان فيدان، إننا «نرى أن هناك محاولات لإخراج السياسة التي تتبعها الحكومة السورية منذ أسابيع، دون الانجرار لأي استفزاز، عن مسارها من خلال استفزازات».
وشدد على أهمية ابتعاد الطوائف العلوية والمسيحية والدرزية في سوريا عن الاستفزازات.
وأضاف فيدان، الذي شارك، يوم الأحد، في عمان في اجتماع خماسي رفيع المستوى ضمّ وزراء خارجية ودفاع ورؤساء أجهزة مخابرات في كل من تركيا والأردن والعراق وسوريا ولبنان، أن تركيا تؤكد في جميع المحافل قدسية أرواح المدنيين وممتلكاتهم وحقوقهم الثقافية.
مخطط استفزازي
ولفت إلى أن الحكومة الجديدة في سوريا أظهرت موقفاً توافقياً تجاه الأقليات والطوائف الأخرى، مما أفشل مخططات الكثير من الجهات الإقليمية والدولية التي كانت تتطلّع إلى حدوث استفزازات واضطرابات في المنطقة.
وتابع أنه في ظل هذه الظروف اتخذت بعض الجهات خطوات لخلق استفزازات بأنفسها، وأن بعض مقاطع الفيديو المصورة التحريضية التي ظهرت في منصات التواصل الاجتماعي أثرت سلبا في الأحداث بسوريا، داعياً إلى قطع الطريق أمام أي استفزازات.
وقال فيدان إنه جرت مناقشة هذه التطورات مع الوفد السوري في اجتماع عمان الذي وصفه بـ«التاريخي»، مؤكداً ضرورة أن تتمتع دول المنطقة بإرادة ومبادرة للتعاون في حل مشكلاتها، وإلا فإنها ستتحول إلى مشكلات عالمية، ما يؤدي إلى تدخل الجهات الفاعلة العالمية الأخرى، وهو ما يخلق مشكلات أكثر من الحلول.
وذكر أن الدول الخمس قررت إنشاء آلية مشتركة للعمليات والاستخبارات ضد تنظيم «داعش» الإرهابي خصوصاً، لافتاً إلى أن «القضاء على تنظيم حزب العمال الكردستاني الذي يعدّ عدواً مشتركاً للعراق وسوريا وتركيا، وإنهاء أنشطته الإرهابية المسلحة، يقعان ضمن أولوياتنا».
إثارة الطائفية
في السياق ذاته، عدّ نائب الرئيس التركي، جودت يلماظ، أن بقايا النظام السابق، وأي كيان يتصرف خارج القانون، لن يتمكنوا من عرقلة التحول التاريخي لسوريا.
ولفت يلماظ، في بيان عبر حسابه في «إكس»، إلى أن الأحداث التي شهدتها سوريا في الأيام الأخيرة أحزنت الجميع، مشدداً على أن الجهات التي تسعى إلى إثارة الصراع بين أفراد الشعب السوري على أساس الهويات العرقية والطائفية وتقويض استقراره، لن تنجح.
Son günlerde Suriye’de yaşanan olaylar hepimizi üzmektedir.Tüm unsurları ile kardeşimiz olan Suriye halkını etnik ve mezhebi kimlikler üzerinden çatıştırma ve istikrarını bozma gayreti içinde olanlar başarılı olamayacaktır.Eski rejim kalıntıları da hukuk dışı hareket eden her…
— Cevdet Yılmaz (@_cevdetyilmaz) March 9, 2025
وقال يلماظ إن محاولات إثارة الفتنة الطائفية في تركيا عبر سوريا محكوم عليها بالفشل أمام حكمة الشعب التركي وقوة دولته.
وشهدت تركيا، خلال الأيام القليلة الماضية، مسيرات من جانب العلويين والاتحادات التي تمثلهم، وانتقادات من أحزاب سياسية في مقدمتها حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب، المؤيد للأكراد، وكذلك حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة، فضلاً عن الأحزاب اليسارية، لما وُصف بأنه «مذبحة للعلويين» في الساحل السوري.
وأكد يلماظ أن تركيا ستواصل الدفاع عن أمن ووحدة وحقوق جميع مواطني جارتها سوريا من مختلف الأديان والمذاهب والهويات العرقية، مشيراً إلى أن تحقيق الاستقرار والرخاء بسوريا في أجواء من الوحدة، ليس فقط عبارة عن أمنية أخوية، وإنما هو من متطلبات الأمن القومي التركي.
وقال إنه إذا كان هناك من يبحث عن مذنب في الخارج بالأحداث التي شهدتها سوريا، فسيكون كافياً أن ينظروا إلى الجهات التي تريد لسوريا أن تكون غير مستقرة وضعيفة.
في السياق ذاته، أكد نائب رئيس حزب العدالة والتنمية الحاكم، المتحدث باسم الحزب، عمر تشيليك، أن الحكومة التركية تتابع من كثب الأحداث الأخيرة في محافظتي طرطوس واللاذقية، ووصفها بأنها «هجوم إرهابي يستهدف وحدة سوريا واستقرارها».
وقال تشيليك، في مؤتمر صحافي بمدينة أضنة جنوب تركيا ليل الأحد – الاثنين، إن تركيا تدافع، منذ البداية، عن الوحدة الوطنية لسوريا ووحدة أراضيها، وإن شعارها الأهم في هذا الصدد هو «سوريا لكل السوريين»، و«نرفض بشكل كامل أي محاولات من قبل أي بؤرة أو دولة لتحويل سوريا إلى دولة تابعة أو زعزعة استقرارها بواسطة وكلائها».
تدخل أميركي – إيراني – إسرائيلي
بدوره، اتهم الكاتب في صحيفة «حرييت» القريبة من الحكومة التركية، عبد القادر سيلفي، كلاً من أميركا وإيران وإسرائيل بتحريك الأحداث في الساحل السوري لزعزعة استقرار سوريا.
وكشف سيلفي، استناداً إلى مصادر خاصة، عن لقاء سري عُقد في مدينة الرقة، الواقعة تحت سيطرة قوات «قسد»، في 3 مارس (آذار) الحالي، بمشاركة ممثلين عن القيادة المركزية الأميركية، ووحدات حماية الشعب (التي تقود قوات «قسد»)، ولواء علوي سابق خدم في مناصب مهمة بالجيش السوري في عهد الأسد، وممثل عن «مجموعة إرهابية درزية»، وممثل عن إيران وصل إلى مقر الاجتماع في اللحظة الأخيرة.
وتساءل: «هل من قبيل المصادفة أن تبدأ الأحداث بعد 3 أيام من هذا اللقاء بمجزرة بحق جنود سوريين حوصروا في طرطوس واللاذقية؟»، مضيفاً أن إيران تحاول خلق حالة من الفوضى في سوريا من خلال العلويين، ومن ناحية أخرى تبذل القيادة المركزية الأميركية (راعية وحدات حماية الشعب الكردية)، كل ما في وسعها لعدم التخلي عن الخيوط التي تمسك بها في سوريا، كما تستخدم إسرائيل الدروز.
وأضاف: «كما يتعاون الإخوة الأعداء (إسرائيل وإيران) على زعزعة استقرار سوريا، من خلال تحرك إيران لإحداث الفوضى في البلاد عبر استغلال الأكراد والعلويين، وأنه لهذا السبب وجّه وزير الخارجية، هاكان فيدان، تحذيراً إلى إيران، قائلا إذا كنت لا تريد أن تُلقى الحجارة على نافذتك، فلا ترمِ الحجارة على نافذة جارك».
ولفت إلى أنه من غير الممكن حل لغز أحداث اللاذقية وطرطوس من دون فهم الدعوة التي وجّهها المرشد الإيراني، علي خامنئي، إلى الشباب السوري في 23 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، حيث أعطى الإشارة للانتفاضة، بقوله إن «الشباب السوري ليس لديه ما يخسره»، وإن إيران لا تستطيع استيعاب فكرة خسارة سوريا، التي تستخدمها حديقة خلفية لها.
وذكر أنه لذلك، نشرت المخابرات الإيرانية فيديوهات مأخوذة من قناة هندية على «اليوتيوب»، عبر حسابات تابعة لـ«حزب الله» اللبناني و«قسد»، على أنها مجازر تُرتكب بحق المدنيين في اللاذقية وطرطوس. كما اخترقت المواقع الرسمية للحكومة السورية ووضعت علمي «حزب الله» و«قسد» عليها، كما حدث في عهد نظام الأسد، حين تم التقاط صور لأطفال يُقتلون بالأسلحة الكيميائية في الغوطة، وتقديمها على أنها تحدث في اللاذقية وطرطوس.