الصلاة من أجل تعافي البابا فرنسيس في قداس إلهي ترأسه اليوم الجمعة الكاردينال بارولين بحضور وبرغبة من أعضاء السلك الدبلوماسي المعتمدين لدى الكرسي الرسولي.
ترأس أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان الكاردينال بييترو بارولين اليوم الجمعة ١٤ آذار مارس في القصر الرسولي قداسا إلهيا على نية صحة البابا فرنسيس، وذلك بحضور أعضاء السلك الدبلوماسي المعتمدين لدى الكرسي الرسولي، وقد تم هذا الاحتفال انطلاقا من رغبة الدبلوماسيين. وفي بداية عظته قال الكاردينال إننا نجتمع هنا اليوم للصلاة من أجل أن يستعيد البابا صحته ويعود بيننا قريبا. ثم أراد تسليط الضوء على أن هذا القداس يأتي في اليوم التالي لمرور ١٢ عاما على انتخاب البابا فرنسيس، وهكذا فإن صلاتنا تصبح أكثر زخما وحيوية، قال أمين السر، وتساءل حول طبيعة هذه الصلاة. وواصل إنها ليست صياغة طلب وذلك لأن الله يعلم ما نحن في حاجة إليه، علينا الاهتمام بالتالي لا بالتضرع إلى الله طالبين ما نحتاج بقدر ما يجب أن نكون وقبل كل شيء في إصغاء للرب. وأضاف الكاردينال بارولين أن الأسلوب الأفضل لتقديم صلاتنا إلى الله هو في المقام الأول تقديم قلبنا منفتحا على كلمته ومنتبها إليها.
وبهذا التصرف فلنُصغِ إلى ما قال لنا إنجيل اليوم، تابع أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان مذكرا بكلمات يسوع حسب إنجيل القديس متى: “فإِنِّي أَقولُ لكم: إِن لم يَزِدْ بِرُّكُم على بِرِّ الكَتَبَةِ والفِرِّيسيِّين، لا تَدخُلوا مَلكوتَ السَّموات”. وأضاف نيافته أن بالإمكان ترجمة هذا النص كالتالي: إن لم تذهبوا أبعد من منطق البشر في البحث عن مشيئة الله فلن تلتقوه أبدا. وعن هذا البحث قال أمين السر إنه يدور في المقام الأول مع الآخرين، فنحن مدعوون إلى أن نبحث عن مشيئة الله في علاقتنا مع الآخرين، مع من هم بجوارنا، وعلى هذه العلاقة أن تقوم على المحبة، قال الكاردينال بارولين، وتابع أننا نعلم أن المحبة هي اختبار محبتنا لله. وذكَّر في هذا السياق بتساؤل القديس يوحنا كيف يمكن لأحد القول إنه يحب الله الذي لا يراه إن كان لا يحب الأخ الذي يراه.
ثم عاد أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان إلى إنجيل اليوم مذكرا بكلمات يسوع: “سـَمِعْتُمْ أَنَّهُ قيلَ لِلأَوَّلين: ((لاتَقْتُلْ، فإِنَّ مَن يَقْتُلُ يَستَوجِبُ حُكْمَ القَضـاء)). أَّما أَنا فأَقولُ لَكم: مَن غَضِبَ على أَخيهِ استَوجَبَ حُكْمَ القَضاء، وَمَن قالَ لأَخيهِ: ((يا أَحمَق)) اِستَوجَبَ حُكمَ المَجلِس”. وواصل الكاردينال بارولين أن هذه المساواة بين القتل والغضب ليست مبالَغة، وأضاف أن الحروب التي تدمي عالمنا لا تولد في ميادين القتال، فإن كانت هناك ميادين قتال فذلك لأن كل شيء قد أصبح ميدان قتال، حتى المدن والمناطق التي يسكنها المدنيون. تولد ميادين القتال هذه في القلوب، قال نيافته، من مشاعر الغضب والعداء، فالقلب هو مَن يُسلِّح اليد، ولكن تُسلحها الأفواه أيضا، فكم من مرة قلنا أن السعي إلى السلام يتطلب نزع سلاح الخطاب، أي عدم استخدام لغة عدوانية إزاء الآخرين.
توقف أمين السر بعد ذلك عند ضرورة المصالحة وذكَّر هنا بكلمات يسوع “إِذا كُنْتَ تُقَرِّبُ قُربانَكَ إِلى المَذبَح وذكَرتَ هُناكَ أَنَّ لأَخيكَ علَيكَ شيئاً، فدَعْ قُربانَكَ هُناكَ عِندَ المَذبح، واذهَبْ أَوَّلاً فصالِحْ أَخاك، ثُمَّ عُدْ فقَرِّبْ قُربانَك”. وقال الكاردينال بارولين إن هذه هي دعوة إلى أن ننظر إلى داخل قلوبنا لنتعرف على ما نحمل من مشاعر. وواصل نيافته الحديث عن قراءة اليوم حيث يقول يسوع: “سارعْ إِلى إِرضاءِ خَصمِكَ ما دُمْتَ معَه في الطَّريق، لِئَلاَّ يُسلِمَكَ الخَصمُ إِلى القاضي والقاضي إِلى الشُّرطِيّ، فتُلْقى في السِّجْن. الحَقَّ أَقولُ لَكَ: لن تَخرُجَ مِنه حتَّى تُؤدِّيَ آخِرَ فَلْس”. وتابع الكاردينال بارولين أن يسوع لا يتحدث هنا على الأرجح عن ديوننا المالية بل عما علينا من دَين للآخرين. وتساءل نيافته هنا مَن منا ليس عليه أن يسأل الآخرين العفو، وشدد بالتالي على أهمية الاعتذار وطلب المغفرة والذي يعني إحداث تغيير جذري في التصرف. وأشار هنا إلى أننا قد نشعر بصعوبة عمل هذا إلا أن الله يعلم أن هذه الكلمات تثير لدينا أزمة، ولكنها أزمة مفيدة لأن الصلاة خلالها ستجعلنا نعترف بتواضع بعدم قدرتنا بمفردنا، بأننا فقراء في حاجة إلى مساعدة. وواصل أمين السر متحدثا عما وصفه بمبدأ مسيحي أساسي آخر، ألا وهو أن الرب لا يطلب منا شيئا مستحيلا بل هو مَن يوفر لنا الأدوات لتحقيق كلمته.
ثم ختم الكاردينال بييترو بارولين عظته مشددا على أننا بإصغائنا إلى كلمة الله نفتح بالأحرى قلوبنا لنتلقى عطية قبل أن نطبق وصية. ثم أراد أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان توجيه الشكر على الرغبة في الصلاة من أجل صحة البابا فرنسيس كما وشكر المشاركين في القداس الإلهي، وقال إننا قد صلينا معا من أجل البابا وسنواصل رفع الصلوات بشكل فردي.