د. نايف كوردستاني
2025-03-14T17:29:55+00:00
font
Enable Reading Mode
A-
A
A+
تُشكِّل منصّات التَّواصل الاجتماعيّ واحدةً مِنْ أهمّ أدوات إدارة الصِّراع الطَّائفي بين (السُّنّة، والشَّيعة) إذ تُوظّف هذه المنصِّات كوقود لإذكاء، وإشعال نار الفتنة الطَّائفيَّة، وأصبحت هذه المنصِّات بؤرة الصِّراع السُّنّيّ الشِّيعيّ، وكانت هذه الصِّراعات موجودة ضمن نطاق ضيّق بين العلماء من الفريقين، وفي كتبهم، والطَّائفيَّة مرتبطة بالمُعْتقد الدِّينيّ، وهي صورة تعكسُ الموروث الدِّينيّ لدى الفريقين، ومدى ارتباطهما بالاتّباع، والتَّقليد، وقد ارتبطت الطَّائفيَّة بالتَّعصُّب، والغُلو، والتَّمسُّك بفكرة مذهبيَّة يؤدّي إلى الاستخفاف بآراء، ومعتقدات الآخرين، ومحاربتها، والصِّراع ضدّها، وضدّ مَنْ يحملون تلك الأفكار، ومِنْ هذا تجد أنَّ الطَّائفيَّة عاطفة انفعاليَّة تستثمر العاطفة، وتوظِّف ذاكرة الموروث الدِّينيّ، وتخاطب جماهيرهم لإيقاظ انفعالاتهم الرَّاكدة الكامنة في غياهب الذَّاكرة.
وقد شَهِد المجتمعُ العراقيُّ إقبالًا واسعًا من قبل مختلف شرائح المجتمع على منصَّات التَّواصل الاجتماعيِّ؛ لكون النَّظام البعثيّ السَّابق منعَ مِنْ تداول، واستخدام أجهزة (السَّتلايت) لبثِّ القنوات الفضائيَّة في العراق، وكان البلد شبه معزول داخليًا، وخارجيًا عن الأحداث التي تجري في العالم حتَّى أنَّ شبكة (الإنترنيت) لم تكنْ موجودةً إلا في نهاية حقبة التَّسيعينيات ضمن نطاق محدود لكي لا يطّلع المواطن على أخبار العراق من الخارج، والانتقادات المُوجّهة إلى السُّلطة الحاكمة، وهذا المنع ليس من أجل مصلحة المواطن بلْ حفاظًا على مكانة رئيس جمهورية العراق السَّابق (صدام حسين)، ونظامه الدَّمويّ من الاهتزاز لدى الشُّعوب العراقيَّة، وإبعاد العراق عن البلبلة.
بعد عمليات تحرير العراق في عام (2003) من نظام البعث البائد من قبل الولايات المتّحدة الأمريكيَّة برز الصِّراع الطَّائفيُّ القديم الجديد بين (السُّنّة، والشِّيعة)، واحتدم الصِّراع شيئًا فشيئًا بينهما من خلال الوسائل المُتاحة عبر القنوات الفضائيَّة التي تُحرِّض على الفتن، والطَّائفيَّة بين الطَّرفين (السُّنّة، والشِّيعة) في ظل صَمْت الحكومات العراقيَّة المتعاقبة من عدم محاسبة تلك القنوات الفضائيَّة التي تبثُّ سُمومها يوميًا، ومِنْ ثَمَّ بدأت مرحلة جديدة بعد القنوات الفضائيَّة بدخول منصَّات التَّواصل الاجتماعيّ(الميتا) الفيسبوك سابقًا، و(X) التُّويتر سابقًا، والانستگـرام، والتُّكتوك)، وبدأت هذه المنصّات ببثّ الخطابات التَّحريضيَّة بشكل أوسع ضدّ الفريقين من دون رادع، أو محاسبة؛ وذلك لأنَّ هذه المنصّات مجانيَّة، وسهلة الاستخدام، ومدفوعة من جهات متنفِّذة، وبدأت بنشر القصص، والسِّيناريوهات المفبركة، والمختلقة لأحداث جرت قبل (1400) سنة، وهذا دليل على هشاشة النِّظام السِّياسيّ، والاجتماعيّ، والأخلاقيّ، والدِّينيّ للبيئة الحاضنة لهذا النَّوع من الخطابات التَّحريضيَّة، والطَّائفيَّة المذهبيَّة الخطيرة جدًا؛ لأنَّها قائمة على سلسلة من التَّراكمات بالسِّياسة والنِّظام القبلي، وأضفت عليها طابعًا (مُقدسًا)، وترى تلك الجماعات أنَّ هذا الصِّراع عَقَديّ مصيريّ، ونتيجة لغياب الهُويَّة الوطنيَّة الجامعة للمكوِّنات جميعًا في العراق تشبّث الطَّائفيون بالورقة المذهبيَّة، وهي هويَّة فرعيَّة، وهذا نِتاج غياب الإعلام الوطنيّ الحكوميّ الموجّه أيضًا.
تُعدُّ شبكات التَّواصل الاجتماعيّ الحديثة من أهمِّ الآليات في صناعة، وتكوين الرَّأي العامِّ، ولها تأثيرات قويَّة على المتلقين لاسيّما على البُنية المُجتمعيَّة العراقيَّة، وكُلّما ازداد التَّقدُّم العلميّ كُلّما أثّر في تغيير نمط حياة المجتمع؛ ولهذا أنَّ شبكات التَّواصل الاجتماعيّ عملت على إحداث تغييرات كبيرة في الحياة السِّياسيَّة، والاجتماعيَّة، والاقتصاديَّة، والتَّعليميَّة، والتَّربويَّة، والنَّفسيَّة، والصِّحيَّة. على الرُّغم من أنَّ هذه الطَّفْرات نوعيَّة في مجال التَّقدّم المعلوماتيّ إلا أنَّ شبكات التَّواصل الاجتماعيّ أصبحت بيئةً حاضنةً لنشر المعلومات، والأخبار الكاذبة، والمُلفَّقة فضلًا عن ساحة لتصفية الحسابات داخليًا، وخارجيًا، والابتزازات، وتلفيق الاتهامات ضدّ الآخرين عن طريق حسابات بأسماء وهميّة، أو مستعارة في ظلِّ عدم تشديد المحاسبة، وفرض الإجراءات الصَّارمة بحقّ هؤلاء من الجيوش الإلكترونيَّة معتمدين على تزييف الأخبار، وعدم الدِّقّة والتَّأكُّد من مصادرها الأصليَّة، وتُساهم في تزييف الوعي الجمعيّ، والتَّلاعب بالرَّأي العامِّ، وإحداث فوضى في المجتمع، فهناك جهات سياسيَّة تقف وراء الحسابات المدعومة منهم، والتَّرويج للأخبار، والبيانات، والوثائق المفبركة التي تنشر من دون التَّأكُّد مِنْ صحّتها؛ لإشاعة الخطابات الطَّائفيَّة علنًا. ونتيجة لملايين الصَّفحات التي تعرض معلومات، أو أخبارًا، أو بيانات، أو مقاطع مُصوّرة، فأنَّ هناك مَنْ يقومُ بالنَّشر من دون التَّأكُّد من مصادر تلك المعلومات، وكثيرًا ما تُعرض مقاطع مُصوّرة في دول أخرى، وتنسب للخصوم لتشكيل رأي عامٍّ حول تلك الجماعة، أو الدين، أو المذهب، أو القوميَّة، وهذا ما حدث في سورية قبل أيام، فقد نُشرتْ صورًا لشخصيّات موجودة، ولا تزال حيّةً بأنَّ السُّلطات السُّوريَّة الجديدة تقوم بحملات القمع ضدّ جهة مذهبيَّة معينة، وقامت تلك الشَّخصيّات بنفي تلك الأخبار عبر صفحاتهم الشَّخصيَّة من أجل إثارة النَّعرات المذهبيَّة بين العراقيين، والسُّوريين، لاشك أنَّ كلّ مظاهر العنف مرفوضة، وغير مقبولة لكن يجب عدم التّدخُّل في الشُّؤون الآخرين من دول الجوار، وأنَّ تلك التّدخّلات لها آثار سلبيَّة على النَّسيج الاجتماعيِّ العراقيِّ، ولو رجعنا إلى المادة (8) من الدُّستور العراقيّ الدَّائم لوجدت عبارة مُهمَّة جدًا تنصُّ على الآتي: “يرعى العراق مبدأ حُسْن الجوار، ويلتزمُ عدم التَّدخّل في الشُّؤون الدَّاخليَّة للدُّول الأخرى، ويسعى لحل النِّزاعات بالوسائل السِّلميَّة، ويقيمُ علاقاته على أساس المصالح المشتركة، والتَّعامل بالمثل، ويحترمُ التزاماته الدَّوليَّة”.
وتطبيق الدُّستور العراقيّ أمرٌ مهم جدًا لإبعاد العراق من الانزلاق في نفق الطَّائفيَّة المظلم، لاسيَّما أنَّ ذاكرة العراق لم تنسَ ما جرى من الحرب الطَّائفيَّة في سنة (2006)، والمشاهد المؤلمة لا تزال عالقة في الذَّاكرة، وما تلاها من أحداث، وويلات صاحبت القتل على الهُويَّة، والتَّهجير القسريّ من محافظاتهم، ومدنهم، وقراهم فأصبح العراقيُّ نازحًا في بلده، ومهاجرًا في دول أجنبيَّة بسبب الحرب الطَّائفيَّة. لقد ساهمت شبكات التَّواصل الاجتماعيّ مساهمة فظيعة بنشر الإشاعات، والخطابات الطَّائفيَّة التَّحريضيَّة، وأغلبُ مستخدمي منصَّات التَّواصل الاجتماعيّ ليسوا على قدر كبير من الوعيّ، فيقعون في فخِّ الطَّائفيَّة، واستمالة مشاعرهم، ونتيجة لعدم وجود الرِّقابة الحكومية الجديَّة المُشدَّدة، أو التَّعامل بمزاجيَّة مع ما ينشر على منصّات التَّواصل الاجتماعيّ عبر تلك الصَّفحات فتح الباب لكلِّ من هَبَّ، ودبَّ بنشر الأخبار، والمعلومات المُضلّلة التي تؤثِّر على الرَّأي العامّ، والإضرار بالمصلحة العامّة، وتُساهم شبكات التَّواصل بسرعة نشر الأخبار المُزيِّفة ذات الطَّابع الطَّائفيّ، أو نشر خطابات الكراهيَّة، وهذا نابع عن تراجع دور القنوات الفضائيَّة الحكوميَّة الرَّسميَّة مقابل دور القنوات الفضائيَّة الحزبيَّة السِّياسيَّة الطَّائفيَّة، واستفحال دور منصّات التَّواصل!
ألوف الصَّفحات تنشرُ أخبارًا مفبركة، وتتلاعب بمشاعر، ودغدغة جهات سياسيَّة، أو دينيَّة، أو مذهبيَّة، أو قوميَّة، أو تسقيط للشَّخصيات الكبيرة من دون محاسبة الجهات الحكوميَّة لتلك الصَّفحات؛ لأنها مدعومة محور (اللا دولة)، والفصائل المُسلّحة الخارجة عن الدَّولة في مواجهة الدَّولة، أو يتمّ التَّعامل مع تلك الصَّفحات بازدواجيَّة، وعاطفيَّة، وتؤدي تلك الصَّفحات دورًا سلبيًا على النَّسيج الاجتماعيّ العراقيّ بدلًا من لملمته، وتضميد جراحه، فضلًا عن تشويه سمعة العراق لدى الدُّول الإقليميَّة، والمجتمع الدَّوليّ، ومنظّمات المجتمع المدنيّ، وحقوق الإنسان، وفي هذه المرحلة يجب أنْ يقوم المُشرّع العراقيّ بتشريع قانون مكافحة خطاب الطَّائفيَّة على الرُّغم من وجود بعض المواد في قانون العقوبات العراقيّ المُعدّل، وتقديم أصحاب الصَّفحات التي تُروّج للفتن إلى العدالة، وزجّ النَّاشرين، ومَنْ يقفُ وراءهم في السُّجون، لكن تبدو الأمور سائبة نوعًا ما، وهناك جهات مُحرِّضة لهم.
يُصنعُ الرَّأيُ العامُّ حول الخطاب الطَّائفيّ بفعل الشَّائعات، والدّعايات عبر بثّ معلومات غير صحيحة عن طريق وسائل الإعلام لغرض تضليل الجماهير، وشحنهم طائفيًا، وبثّ خطاب الكراهيَّة بين أفراد المجتمع؛ لتشكيل الرَّأي العامّ، وتأزيم الأوضاع، وهو متصل بعوامل اجتماعيَّة، ونفسيَّة، واقتصاديَّة، وسياسيَّة، ودينيَّة، وثقافيَّة فضلًا عمّا ذُكر من عوامل جميعها تُسهم في عملية تشكيل الرَّأي العامّ، وبمستويات مختلفة تكمل بعضها بعضًا، وعادة ما تستهدف الأخبار المفبركة المتعلّقة بخطابات الكراهيَّة فئات مُحدّدة من المجتمع، واتّباع أسلوب مُنظّم في التَّضليل الإعلاميّ، والتَّلاعب بالمعلومات، والمفاهيم، والأخبار، والأفكار، والصُّور، والفيديوهات من أجل التّأثير، والتَّغيير في المفاهيم، والسُّلوكيات ليُشكِّل رأي عامّ، أو اتّجاهات محدّدة تتّفق مع الهدف المرسوم للتَّضليل.
ومن أخطر التَّقنيات لممارسة التَّضليل الإعلاميّ المُستخدمة التي يُطلق عليها (قصف العقول) عن طريق وسائل متعارف عليها لدى الإعلاميين، ومِنْ أهمّها التَّحريف، وهو ما تقوم به منصّات التّواصل الاجتماعيّ من تحريف الكلام بالقصِّ، والحذف، والزِّيادة لشحن الأجواء طائفيًا التي تخدمُ أطرافًا، وجهات سياسيَّة داخليًا، وإقليميًا، واتّباع سياسة التَّشويه المتعمّد عن طريق التَّلفيق، فضلًا عن أسلوب التَّدليس من خلال إيهام المُتلقي أنَّ الأخبار من مصدر أصلي موثوق، وهي مُختلقة لتحريض الشَّارع طائفيًا. كما أنَّ كثيرًا من الحسابات الشَّخصيَّة على شبكات التَّواصل الاجتماعيّ تعتمد على أسلوب التَّضخيم، والتَّهويل، واستخدام عن ضخمة لغرض التَّأثير على مشاعر الآخرين.
والمشكلة العويصة أنَّ صناعة الكراهيَّة في الخطابات الطَّائفيَّة نابعة من نُخبة معروفة في الأوساط السِّياسيَّة، والدِّينيَّة، والمذهبيَّة، والإعلاميَّة، والمُدونين المُقرّبين من تلك الجهات السَّياسيَّة الحاكمة، أو قِوى (اللا دولة)، وينشرون خطابات الكراهيَّة بصُورة علنيَّة عبر صفحاتهم الشَّخصيَّة، أو قنوات فضائيَّة موجّهة للقطيع محاولين إقناع الرَّأي العامّ بتلك الطُّروحات المبنيَّة على الكراهيَّة والطَّائفيَّة، وكسب مجموعات من خارج القطيع بالانضمام إليهم، والتَّعاطف معهم، ودغدغة مشاعرهم المذهبيَّة.
ورصدتُ جملة من الخطابات الطَّائفيَّة التَّحريضيَّة من منصّات التَّواصل الاجتماعيّ التي تدعو إلى شراء الأسلحة، وتخزينها، والتَّحريض المباشر للحسابات الشَّخصيَّة التي لا تتّفق مع أفكار، وعقيدة، ومذهب الآخر، والدَّعوة لاعتقالهم، أو زجّهم في السُّجون، أو تصفيتهم فضلًا عن استحداث قرار جديد بترحيل السُّوريين الذين يؤيدون النَّظام الجديد عبر حساباتهم الشَّخصيَّة بعد هروب الرَّئيس السُّوري السَّابق (بشّار الأسد)، وأنَّ مَنْ يُجامل النَّظام الجديد فهو (منافق) لاسيَّما من قبل الشَّخصيات السِّياسيَّة السُّنّيَّة الولائيَّة، فضلًا عن توصيف الرَّئيس السُّوري الجديد (أحمد الشَّرع) بالإرهابيّ في ظلّ عدم وضوح رُؤية الدَّولة العراقيَّة عن الوضع السُّوريّ، فهناك حسابات مقربة من الإطار الشِّيعي تقول بأنَّه مطلوب للقضاء العراقي في حين أنَّ القضاء العراقيّ ينفي ذلك، وكثير من الحسابات تطعن في أعراض الأخرين وتسَّبّ وتشَّتم بمجرد الاختلاف معهم، والمعارك الكلاميَّة الطَّائفيَّة مشتعلة بين الطَّرفين ولن تنتهي، والطَّرفان يبرران تلك السُّلوكيات في منشوراتهم، ومن أجل الشَّحن الطَّائفيّ تقوم بعض الأطراف بترويج مقاطع لجثث الموتى في بعض الدول التي لا تمّت إلى الطَّرفين بأيّة صلة، أو مقاطع قديمة يتمّ إعادة نشرها، وهنا لا أنفي عدم وجود انتهاكات من قبل الطَّرفين ضمن جهات سياسيَّة، وهذه الانتهاكات مثبّتة بالأدلة لدى الجهات القضائيَّة، كما تقوم كثير من الحسابات بالطَّعن في رموز دينيّة معروفة في التَّأريخ، واستحضار لمشاهد من كتب التَّأريخ التي عليها كثير من الملاحظات.
وعادة تظهر هذه النَّوعيَّة من الخطابات الطَّائفيَّة إبَّان قرب الانتخابات لمجلسي المحافظات، والنُّواب العراقيّ والتَّلاعب بالورقة الطَّائفيَّة لاستمالة الجماهير لكلا الطَّرفين بعد إفلاسهم سياسيًا، وعدم تقديم الخدمات على مدى (22) سنة!
إنَّ صناعة الكراهية يُفتّت المجتمع العراقيّ بالخطابات الطَّائفيَّة، وإعادة إنتاجها، وهي مرفوضة دوليًا، ودستوريًا، وقانونينًا، وقد حدّدت المادة (20) من العهد الدَّولي الخاصّ بالحقوق المدنيَّة والسِّياسيَّة الفقرة الثَّانيّة منها: “تحظر بالقانون أيّة دعوة إلى الكراهيَّة القوميَّة، أو العنصريَّة، أو الدِّينيَّة تُشكِّل تحريضًا على التَّمييز، أو العداوة، أو العنف”. وقد عالج الدُّستور العراقيّ الدَّائم خطاب الكراهيَّة ضمن المادة (7) أولًا: “يحظر كلّ كيان، أو نهج يتبنى العنصريَّة، أو الإرهاب، أو التَّكفير، أو التَّطهير الطَّائفيّ، أو يُحرِّض، أو يُمهِّد، أو يُمجِّد، أو يُروِّج، أو يُبرِّر له، وبخاصة البعث الصدامي في العراق، ورموزه، وتحت أيّ مسمّى كان، ولا يجوز أن يكون ذلك ضمن التَّعدديّة السَّياسيّة في العراق، ويُنظّم ذلك بقانون”.
وعاقبت المادة (200) من قانون العقوبات العراقيّ المُعدّل التي وردت ضمن الجرائم الماسّة بأمن الدَّولة الدَّاخلي بعقوبة السِّجن مدّة لا تزيد على سبع سنوات ” كلّ مَنْ حرّض… أو حبّذ، أو روّج ما يثير النَّعرات المذهبيَّة، أو الطَّائفيَّة، أو حرّض على النِّزاع بين الطَّوائف، والأجناس، والبغضاء، أو أثار شعور الكراهيَّة بين سُكّان العراق”.
كما عاقبت المادة (372) من قانون العقوبات العراقيّ المُعدّل التي وردت ضمن الجرائم التي تمسّ الشُّعور الدِّيني بالعقوبة مدّة لا تزيد على ثلاث سنوات، أو بالغرامة في الفقرات التَّاليَّة من القانون:
1-مَنْ اعتدى بإحدى طرق العلانية على معتقد لإحدى الطَّوائف الدِّينيّة، أو حقّر من شعائرها.
2-مَنْ أهانَ علنًا رمزًا، أو شخصًا هو موضع تقديس، أو تمجيد، أو احترام لدى طائفة دينيّة.
وقد يصل خطاب الكراهيَّة إلى درجة الجرائم الإرهابيَّة حسب أحكام قانون مكافحة الإرهاب رقم (13) لسنة (2005) ضمن المادّة الثَّانيّة التي تعدُّ الأفعال الآتية من الأفعال الإرهابيَّة، الفقرة (4) العمل بالعنف، والتَّهديد على إثارة فتنة طائفيَّة، أو حرب أهليَّة، أو اقتتال طائفي، وذلك بتسليح المواطنين، أو حملهم على تسليح بعضهم بعضًا، وبالتَّحريض، أو التَّمويل”، وتصل العقوبة فيها إلى الإعدام، أو السَّجن المؤبَّد حسب نصّ المادّة (4) من قانون مكافحة الإرهاب، وهي من الجرائم المُخلِّة بالشَّرف!
وقد ساعدت دول إقليميَّة بتغذية، وصناعة خطاب الكراهيّة المبنيَّة على الطَّائفيَّة، ودعمها لنقل ساحة الحرب منها إلى دول أخرى في ظلّ الفوضى العارمة في العراق، وعدم تطبيق للدُّستور، والقوانين العراقيَّة النَّافذة، وساهمت بتعميق روح الكراهيَّة في المجتمع العراقيّ، وقد استثمر الخطاب الطَّائفيّ لأغراض سياسيَّة لا علاقة له بالدِّين، أو المذهب سوى استغلال المغفلين للوصول إلى السُّلطة.
قال (علي شريعتي): “الحرب بين المسلمين ليست حربًا بين التَّشيّع والتّسنُّن ولا من أجل العقيدة بلْ هي معركة بين مصالح دول ضحيتها العوام من السُّنّة والشَّيعة”.