في لقاء خاص ضمن “بودكاست مع نايلة” على منصات “النهار”، فتح الممثل ومقدم البرامج اللبناني البارز عادل كرم قلبه لنايلة تويني للحديث عن رحلته الحياتية، مستعيداً محطات أساسية شكّلت هويته ومسيرته. من طفولته في الأشرفية خلال الحرب الأهلية اللبنانية، إلى شغفه العميق بالتمثيل، روى كرم كيف لم يكن ارتباطه بحيّه مجرد انتماء جغرافي، بل علاقة وجدانية عميقة يراها جزءاً لا يتجزأ من شخصيته ومصدراً دائماً للإلهام.
الطفولة والحرب: بين المعاناة والإلهام
وبينما استذكر تفاصيل نشأته وسط الاضطرابات، شدّد على أن دفء العائلة منحه إحساساً بالأمان وسط الفوضى. تجربة طفولته هذه رسّخت لديه مبدأ الاحترام للجميع، وهو ما استمرّ في توجيه حياته الشخصية والمهنية.
علاقة استثنائية مع ابنته
على الصعيد الشخصي، يتمتّع عادل كرم بعلاقة وثيقة ومميزة مع ابنته، التي يعتبرها أغلى ما في حياته. ورغم التزاماته المهنية الكثيرة، فإنه يحرص على أن يكون حاضراً في تفاصيل حياتها، يرى كرم في ابنته مصدراً للفرح الخالص والدافع المستمر، ويسعى إلى أن يكون قدوة لها، معلّماً إياها قيم الحب والتواضع والمثابرة.
الإيمان والصمود في مواجهة التحديات
وعلى رغم التحديات العديدة التي واجهها خلال مسيرته، من العقبات المهنية إلى المصاعب الشخصية، إلا أن عادل كرم بقي ثابتاً في إيمانه، مؤمناً بأن كل تجربة، مهما كانت صعبة، تحمل درساً في طيّاتها. فهو دائماً ما يردّد عبارة “الحمد لله”، تعبيراً عن رضاه وإيمانه بأن لكل شيء حكمة إلهية. هذه الفلسفة جعلته أكثر صلابة في مواجهة المحن، ورسّخت لديه نظرة متفائلة الى الحياة. كما أنه يؤمن بأهمية الشكر والاعتراف بالنعم، مدركاً أن النجاح ليس مضموناً وأن كل فرصة تُمنح للإنسان هي هبة يجب تقديرها.
التجربة المسرحية: استرجاع الماضي عبر “خيال صحرا”
يروي عادل كرم خلال البودكاست تجارب طفولته والتي لم تكن مجرّد ذكريات، بل شكلت جزءاً من وعيه الفني، وكان لها أثر عميق في أدائه بمسرحية “خيال صحرا”، التي كتبها وأخرجها جورج خباز. وجد كرم في هذا العمل المسرحي مساحة لاسترجاع أحداث عاشها بنفسه، إذ تطرّقت المسرحية إلى موضوع الحرب. وعلى رغم تخوّفه في البداية من متطلبات التمثيل المسرحي، إلا أنه أشاد بالدور التوجيهي لخباز الذي ساعده في إتقان أدائه المسرحي ودفعه إلى حدود جديدة من الإبداع. ولاقت المسرحية نجاحاً كبيراً، بحيث حظيت بإشادة واسعة لما حملته من عمق عاطفي ورسائل إنسانية مؤثرة. ولم يكن الدور مجرد تجربة فنية بالنسبة الى كرم، بل كان بمثابة رحلة لمعالجة ماضيه وإيصال رسالة واضحة إلى الأجيال الجديدة حول أهوال الحرب وأهمية السلام.
السينما العالمية: تجربة “قضية رقم 23”
أما في السينما، فقد شكّل دوره في فيلم “قضية رقم 23” محطةً بارزة في مسيرته، إذ نجح هذا العمل في إيصال السينما اللبنانية إلى العالمية بترشيحه لجائزة أفضل فيلم ناطق بلغة أجنبية في حفل توزيع جوائز الأوسكار. الفيلم، الذي شارك في بطولته إلى جانب كامل الباشا تحت إدارة المخرج زياد دويري، تناول قضايا سياسية واجتماعية حساسة، ما جعله من الأعمال السينمائية التي تركت أثراً قوياً. ويعبّر كرم لنايلة تويني في البودكاست عن فخره الكبير لمشاركته في هذا المشروع، معتبراً أن الفيلم قدّم دليلاً واضحاً على قدرة المواهب اللبنانية على المنافسة عالمياً، وسلّط الضوء على القضايا التي تعكس الواقع اللبناني بعمق ودقة.
لقاء غير متوقع مع هانز زيمر
ويستذكر كرم موقفاً طريفاً واجهه خلال حضوره حفل توزيع جوائز الأوسكار، وهو لقاؤه غير المتوقع مع الموسيقي العالمي هانز زيمر. لم يكن حينها على دراية بهوية زيمر، لكنه أدرك لاحقاً مدى أهمية هذا الاسم في عالم الموسيقى السينمائية. ورغم الموقف العفوي، تعامل كرم معه بروح مرحة وعاد ليشكر الموسيقي الألماني بعد إدراكه للقاء الذي جمعه بأحد أعظم مؤلفي الموسيقى التصويرية في العالم.
موقفه من التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي
على رغم النجاح الذي حققه، يؤكّد عادل كرم أنه لا يزال متماسكاً في رؤيته النقدية حيال التطورات التكنولوجية الحديثة، ولا سيما منها الذكاء الاصطناعي ووسائل التواصل الاجتماعي. فهو يرى في الذكاء الاصطناعي قوة متنامية قد تهدد الإبداع البشري في مجالات الترفيه، لكنه يفضل التركيز على الحاضر والاستمرار في الإبداع بعيداً من تأثير هذه التطورات.
أما وسائل التواصل الاجتماعي، فهو يعتبرها فضاءً سطحياً في كثير من الأحيان، حيث يسعى الناس إلى الحصول على التقدير بدلاً من بناء تفاعل حقيقي وهادف. وعلى عكس العديد من المشاهير، يتجنب كرم الانغماس في هذه المنصات، مفضّلًا التركيز على علاقاته الواقعية ومسيرته الفنية، ويرفض أن يسمح للنقد العام بأن يؤثر على قراراته أو يحدّد مساره.
رسالة إلى الشباب اللبناني
ختاماً، وفي ظل التحديات التي يواجهها لبنان، يدعو كرم الشباب عبر البودكاست إلى التحرر من الانقسامات السياسية والتركيز على التطوير الذاتي والمساهمة في بناء مستقبل أكثر إشراقاً للبلاد. وبفضل رؤيته المتعمّقة وتجربته الغنية، يواصل عادل كرم مسيرته الفنية بإلهام، رابطاً الماضي بالحاضر، ومانحاً الترفيه والثقافة اللبنانية بصمة فريدة لا تُمحى.
شاهدوا البودكاست عبر قناة “Podcast with Nayla” على يوتيوب.