كشف تقرير رئاسة النيابة العامة برسم سنة 2023 عن أرقام مقلقة بشأن العنف ضد الأطفال في المغرب، حيث سجلت النيابات العامة لمحاكم المملكة، ارتفاعا ملحوظا في عدد القضايا وعدد المتابعين، في حين توزعت الجرائم المرتكبة في حقهم على 30 جناية وجنحة، احتلت فيها جريمة العنف الناتج عنه عجز يقل عن 20 يوما وهتك عرض قاصر المراتب الأولى.
الاعتداءات الجنسية في الصدارة
أوضحت النيابة العامة أنه على غرار سنة 2022، ظلت قضايا الاعتداءات الجنسية في مقدمة الجرائم المرتكبة ضد الأطفال، حيث سجلت مختلف النيابات العامة ما مجموعه 3979 قضية سنة 2023، بنسبة تناهز 43.69 في المائة من مجموع الجرائم المرتكبة ضد الأطفال، مقابل 3295 قضية خلال سنة 2022 بنسبة 41.54 في المائة.
وباستثناء جناية هتك عرض قاصر بالعنف، التي عرفت استقرارا نسبيا في القضايا المسجلة ببلوغها 1886 سنة 2023، فقد عرفت باقي الجرائم من الاعتداءات الجنسية ضد الأطفال ارتفاعا ملحوظا، حيث سجلت 868 قضية تهم جريمة هتك عرض قاصر دون عنف، أي بزيادة 16.82 في المائة، وكذلك الشأن بالنسبة لجريمة هتك عرض قاصر دون عنف مع ظروف التشديد، التي انتقلت إلى 646 قضية مقابل 530 قضية في 2022 أي بزيادة 21.88 في المائة.
كما شهدت عدد القضايا المرتبطة بجريمة الاغتصاب ارتفاعا مهما بلغ 240 قضية مقابل 195 قضية سنة 2022 أي بزيادة 23.07 في المائة، والأمر نفسه بالنسبة لجريمة إفساد الأطفال واستغلالهم في البغاء التي انتقلت من قضيتين فقط سنة 2022 إلى 18 قضية سنة 2023.
وحسب تقرير النيابة العامة، سجلت خلال 2023 ما مجموعه 165 قضية تتعلق بالتحرش الجنسي للأطفال في الفضاءات العامة أو غيرها، و156 قضية للتحرش بواسطة رسائل مكتوبة أو هاتفية أو إلكترونية أو تسجيلات أو صور.
الاعتداءات الجسدية في ارتفاع
شهدت الجرائم المتعلقة بالاعتداءات الجسدية ارتفاعا ببلوغها 3085 قضية بنسبة 33.87 في المائة سنة 2023، بزيادة تناهز 31.5 في المائة مقارنة بـ 2022 التي سجلت 2345 قضية.
واحتلت جريمة العنف الناتج عنه عجز يقل عن 20 يوما المرتبة الأولى بين الاعتداءات الجسدية ضد الأطفال خلال 2023 بنسبة 28.73 في المائة، وجريمة العنف الناتج عنه عجز أكثر من 20 يوما بـ865 قضية بزيادة 43.92 في المائة، في حين عرفت باقي الجرائم استقرارا نسبيا، ما عدا جريمة الضرب والجرح المفضي إلى عاهة مستديمة، التي انخفضت بـ52.38 في المائة، بتسجيل 21 قضية سنة 2023 مقابل 32 قضية سنة 2022.
كما أشارت المعطيات الإحصائية إلى حدوث انخفاض ملموس في جنحتي استغلال الأطفال في التسول وإهمال الأسرة، إذ انتقلت الأولى من 127 قضية إلى 68 قضية، في حين، انتقلت الثانية من 808 قضايا إلى 698 قضية سنة 2023. وبخصوص باقي الجرائم، أبرز التقرير أن الانخفاض شمل أيضا ثلاث جرائم، وهي اختطاف قاصر بـ148 قضية، وإعطاء القدوة السيئة بـ257 قضية، وعدم تسليم طفل لمن له الحق في المطالبة به بـ168 قضية.
أصناف العنف ضد الأطفال
توزعت أصناف العنف المرتكب ضد الأطفال خلال سنة 2023، ما بين 30 جناية وجنحة، شكلت فيها جرائم الاعتداء الجنسي 44 في المائة، والعنف الجسدي 34 في المائة، و15 في المائة لأشكال أخرى من العنف، و7 في المائة للعنف الاقتصادي “إهمال الأسرة”.
وبلغة الأرقام دائما، يتبين أن منحى قضايا العنف ضد الأطفال في ارتفاع مستمر على مدى السنوات الأربع الأخيرة، رغم تراجعها خلال جائحة كورونا وما فرضته من إجراءات استثنائية، إذ أكدت أرقام 2023 ارتفاعا سواء على مستوى القضايا أو عدد المتابعين.
“الأغيار” والآباء والأمهات في مقدمة المتابعين
تختلف جهات مرتكبي الأفعال الجرمية ضد الأطفال، كما تتعدد العلاقات التي تربط الضحايا بالمعتدين، فقد يكون المتابع من داخل الوسط العائلي للطفل كالأب والأم والأخت… وقد ينتمي إلى مؤسسة مكلفة برعايته أو يتابع فيها الطفل دراسته أو قد يكون مشغلا له، كما قد يكون من الغير لا تربطه أية علاقة بالطفل الضحية.
وحسب التقرير، فإن عدد الأشخاص المتابعين عرف ارتفاعا، حيث انتقل من 8450 إلى 9624 سنة 2023 بزيادة 13.89 في المائة.
كما يتضح أن العنف الواقع على الأطفال مصدره في الغالب فئة الأغيار التي جاءت على رأس قائمة الأشخاص المتابعين بما مجموعه 8258 متابعا بما يناهز 86 في المائة، ثم الآباء بما قدره 981 متابعا بنسبة 10.19 في المائة، ثم الأمهات بـ176 متابعة بنسبة 1.82 في المائة، وباقي المتابعين بنسبة لا تتجاوز 1 في المائة لكل فئة.
وارتكبت أغلب الجرائم الجسدية والجنسية ضد الأطفال من الأغيار، في مقدمتها جريمة العنف الناتج عنه عجز يقل أو يزيد عن 20 يوما بما مجموعه 3049 متابعا، ثم جريمة هتك عرض قاصر بالعنف بـ1939 متابعا، وجريمة هتك عرض قاصر دون عنف بـ883 متابعا، وأخيرا جناية هتك عرض قاصر دون عنف مع ظروف التشديد بـ663 متابعا.
ورغم الانخفاض المسجل في فئة الآباء المتابعين من أجل جنحة إهمال الأسرة بـ641 متابعا، فإن هذه الجريمة تبقى على رأس قائمة الجرائم التي يرتكبها الآباء في حق أبنائهم، تليها جنحة عدم تسليم طفل لمن له الحق في المطالبة به، التي انخفضت بـ89 متابعا مقابل 154 متابعا سنة 2022، ثم جنحة إعطاء القدوة السيئة التي انتقلت لـ82 متابعا مقابل 113 سنة 2022.
وبخصوص الجرائم المرتكبة من طرف الأمهات، تحتل جنحة إعطاء القدوة السيئة المرتبة الأولى بـ54 أما متابعة، تليها جنحة عدم تسليم طفل لمن له الحق في المطالبة به بـ45 متابعة، ثم جنحة العنف الناتج عنه عجز أقل من 20 يوما بـ42 متابعة، فيما عرفت جنحة استغلال الأطفال في التسول تراجعا بانتقال عدد الأمهات المتابعات من 77 إلى 6 أمهات سنة 2023.
ويلاحظ أن الجرائم المرتكبة من طرف المدرسين سجلت تراجعا مهما، إذ توبع 53 مدرسا سنة 2023 مقابل 81 خلال 2022.
ارتفاع نسب الأطفال ذكورا وإناثا ضحايا الاعتداءات
وبالموازاة مع ارتفاع قضايا العنف ضد الطفل سنة 2023، فإن عدد الأطفال الضحايا بدوره عرف ارتفاعا، إذ بلغ ما مجموعه 9357 ضحية بزيادة 1198 حالة.
ورغم الاستقرار المسجل على مستوى النسب من حيث الجنس بتسجيل الذكور 41 في المائة والإناث 59 في المائة، إلا أن الملاحظ هو ارتفاع عدد الضحايا بين الجنسين، فعدد الذكور انتقل من 3310 إلى 3881 طفلا ضحية، بينما ارتفع عدد الضحايا الإناث من 4849 إلى 5476 طفلة ضحية خلال 2023.
وكشف التقرير أن فئة الإناث هي الأكثر عرضة للاعتداءات الجنسية بمختلف أصنافها بمجموع 3227 طفلة مقابل 896 طفلا ذكرا، مع تسجيل تقارب كبير في عدد الضحايا من الجنسين بالنسبة لجريمة هتك عرض قاصر دون عنف (421 طفلا و443 طفلة).
كما يشكل الأطفال الذكور الفئة الأكثر عرضة للاعتداءات الجسدية، حيث بلغوا 2038 ضحية ذكر، وكذلك الشأن بالنسبة للضحايا الإناث وإن كن أقل عرضة لهذه الاعتداءات، إلا أن سنة 2023 عرفت ارتفاعا في عدد الطفلات الضحايا بما مجموعه 1090 مقابل 689 طفلة سنة 2022.
وبالنسبة لاستغلال الأطفال في المخدرات، فهي من الجرائم التي تستهدف الذكور دون الإناث، إذ بلغ عددهم سنة 2023 ما مجموعه 7 أطفال فيما لم تسجل أي ضحية في صفوف الإناث. وفي ما يخص جرائم استغلال الأطفال في التسول، فبعد أن كان هناك تساو بين الجنسين حسب المعطيات المسجلة سنة 2022، فقد عرفت سنة 2023 تفاوتا بينهما، حيث بلغ عدد الأطفال الضحايا من الذكور 52 طفلا مقابل 20 طفلة ضحية.
وبالنسبة للتحرش الجنسي بواسطة رسائل مكتوبة أو هاتفية أو إلكترونية أو تسجيلات أو صور، فإن المعطيات المسجلة خلال سنة 2023 تظهر أن الإناث من الأطفال الضحايا الأكثر عرضة لهذا التحرش بتسجيل 150 ضحية مقابل 6 ضحايا من الذكور، وكذلك بالنسبة لجنحة التحرش الجنسي في الفضاءات العمومية أو غيرها، إذ بلغت الإناث الضحايا 151 ضحية مقابل 17 ضحية فقط من الذك