كثيرة هي الملفات، وتعقيداتها أكثر، فالأعباء المتناقلة من عهد إلى آخر، يتوارثها التلامذة والأساتذة والأهالي من جيلٍ إلى جيلٍ. لكن في وزارة التربية والتعليم العالي شيء من الآمال الموعودة، والمشبوكة بحذر وترقّب من قبل الأساتذة، نظراً لتخبّط القطاع التربوي طيلة السنوات الأخيرة، ومعاقبة الأعوام الدراسية السابقة في غرف التسويات والاضطرابات السياسية والاقتصادية والأمنية.
في مكتب الوزيرة ريما كرامي، خلية نحلٍ لا تهدأ، اجتماعات ولقاءات متتالية مع الروابط التعليمية. تُدرك كرامي جيّداً أهمية التواصل والتفاعل داخل البيئة التربوية، فقد دعت الوزارة للمرّة الأولى طلّاب لبنان إلى المشاركة في استبيانٍ وطنيّ، لمشاركة تجاربهم وتطلّعاتهم بهدف تحسين مسيرتهم التعليمية.
لم تخفِ العقبات ولا الصعوبات، حيث لفتت إلى أنه من المشاكل التي تعاني منها الوزارة، عدم وجود أرشفة جيّدة أو محدّثة. لكنها أقرّت في المقابل، بحقّ الإعلام في الوصول إلى المعلومات.
تُرتّب كرامي أولوياتها، فتولي القطاع العام أهميّة قصوى من دون أن يعني ذلك إغفالها القطاع الخاص، غير أنّ السجال التربوي بين الروابط التعليمية والوزارة فُتح باكراً، إذ اعتبر الأساتذة المتعاقدين في التعليم الرسمي الأساسي، أنه بناءً على البيان الأخير الذي أصدرته وزيرة التربية، بشأن الزيادة في أجر ساعة الأساتذة المتعاقدين، تبيّن أن الأجر الأساسي للساعة، بالإضافة إلى التعويض الموقّت، أصبح 8.2 دولارات، بينما كان الأجر وفق النظام السابق (الأجر الأساسي مع بدل الإنتاجية) يقارب 9 دولارات. كما لم يتضح بعد ما إذا كانت المستحقات ستدفع شهريّاً، لا سيّما وأن بدل الإنتاجية كان يوفر للأساتذة دخلاً شهريّاً ثابتاً”.
واعتبرت رابطة الأساتذة المتعاقدين الذين يشكّلون حوالى 80% من الأساتذة، أنه من حقهم أن يتم ضرب ساعتهم بـ13 بدلاً من 11، أسوةً بأساتذة الملاك. وسألت “كيف سيتم تعويض الأساتذة الذين لديهم أقل من 20 ساعة أسبوعيّاً، حيث ستكون مستحقاتهم منخفضة بشكل كبير، وهم يشكلون الأغلبية؟ وكيف سيتم تعويض الأساتذة في الأشهر التي تشملها الأعطال القسرية والتي تفرض تقليصاً لعدد الساعات؟”. وماذا عن الأساتذة “المستعان بهم” (الفئة الأكثر غبناً وتهميشاً)، كونهم لا يتقاضون بدل إنتاجية ولا بدل نقل، أما ساعة أجرتهم فكانت نحو 100 ألف ليرة فقط.
في هذا السياق، تُشير مصادر تربوية إلى أنّ النقاش والحوار مفتوحان مع الأساتذة، فهذا الحمل الثقيل المتوارث، لا يمكن معالجته بشهر أو شهرين، كما أنّ الحلول لا تُستنبط من وزارة التربية فقط، فهي سلسلة مترابطة ومتعلّقة بمالية الدولة. وإذ ترى أنه من حقّ الأساتذة المطالبة بحقوقهم، تعتبر أنها والأساتذة في خندق واحد لإنقاذ القطاع، استناداً إلى معايير علمية ومنطقية.
لا شكّ، أنّ جبهات النضال التربوية متشعّبة ومعقّدة، منها ما هو بنيوي، يتعلّق بكيفية تحديث المناهج التربوية، فعلى سبيل المثال لا الحصر، إن كتاب الجغرافيا لم يواكب التاريخ وأحداثه ومتغيّراته، حيث لا يزال يشير إلى أنّ الصين هي الأكبر من حيث الديموغرافيا، في حين أنّ الهند تجاوزتها بعدد السكان، أو الحديث عن دولة السودان، بينما الأخيرة أصبحت دولتين: السودان، وجنوب السودان. ومنها ما هو مرتبط بتعليم الطلاب النازحين السوريين، لا سيّما بعد موجة النزوح الجديدة، والمساعدات الخارجية من قبل الجهات المانحة.
إذاً، قضايا شائكة تخضع للنقاش والدراسة المتأنّية والدقيقة، بعيداً من العشوائية والشعبوية. أمّا عن امتحانات الشهادة المتوسطة “البروفية”، فشدّدت مصادر وزارية على أهميّتها باعتبارها امتحاناً تشخيصياً مهمّاً جدّاً لا يمكن الاستغناء عنه. وانطلاقاً من هذا المبدأ، ستتخذ الوزارة القرار المناسب قريباً، مرفقاً بالمسوغات التربوية الهادفة إلى تحديث مستوى الشهادة، وأن لا يُترك الطلاب حتى اللحظة الأخيرة لمعرفة مصير امتحاناتهم الرسميّة.