09:54 ص – الأربعاء 26 مارس 2025
القصبجي جوار أم كلثوم
كتب
شيماء حلمي
تحل اليوم الأربعاء، ذكرى رحيل الملحن والموسيقار الكبير محمد القصبجي، الذي وافته المنية يوم 26 مارس 1966.

كان القصبجي قد أضاف للموسيقى الشرقية ألوانًا من الإيقاعات الجديدة وألحانًا سريعة الحركة والجمل اللحنية المنضبطة البعيدة عن الارتجال، وقدم العديد من الأعمال الغنائية التي تعد علامة في تاريخ الموسيقى.
ولد محمد القصبجى ، في 15 أبريل 1892 بمحافظة القاهرة ،تعلق بالفن منذ صغره حيث نشأ في عائلة موسيقية فكان والده مدرسًا لآلة العود وملحنًا لعدة فنانين و غنّى له زعيم الغناء والطرب في القرن الماضي عبده الحامولي، والتحق القصبجي بالكتاب وحفظ القرآن الكريم وانتقل إلى الأزهر الشريف حيث درس اللغة العربية والمنطق والفقه والتوحيد، ثم التحق بدار المعلمين، وعمل بمجال التعليم بعد تخرجه ولكن تعلقه بالموسيقى جعله يترك مجال التعليم ويتجه للعمل في التلحين ، حتى تمكن من إتقان أصول العزف والتلحين وساعدت ثقافته العامة في خوض أعماق هذا المجال باقتدار ، وكانت أول أغنية له من نظمه وتلحينه مطلعها “ما ليش مليك في القلب غيرك” وتم تسجيل هذه الأغنية بصوت المطرب زكي مراد ، وكان أحد مشاهير المطربين في ذلك الوقت، وحققت نجاحًا ومن ثم بدأت رحلة القصبجي الاحترافية في عالم الفن.
وكان أول عمل تلحيني احترافي له هو دور “وطن جمالك فؤادي يهون عليك ينضام” من كلمات شاعر عصره الشيخ أحمد عاشور، ثم انضم إلى تخت العقاد الكبير عازف القانون بعد أن أعجب به هو والمرحوم مصطفي بك رضا رئيس نادي الموسيقى الشرقية، في عام 1920 اتجه القصبجي اتجاهًا آخر في تلحين الطقاطيق، التي كتبها الشيخ يونس ومنها طقطوقة “بعد العشا” وطقطوقة “شال الحمام حط الحمام”.
عمل القصبجي على تجديد الموسيقى العربيّة في السنوات ذاتها التي عمل بها سيد درويش. فبدآ معًا عام 1917، وجدّدا في لون الغناء العربي، وتأثّرا بالتُّراث الأوروبّي الكلاسيكي في الموسيقى، وأدخلا التّعبير في الغناء، وطوّرا اللّوازم الموسيقية وجعلها جزءًا مُهمًّا لا غنى عنه في البناء الموسيقيّ.
كما أدخل القصبجي الهارمونيا والبوليفونيا على الموسيقى العربية من دون أن يشوّه مزاج هذه الموسيقى أو يفقدها روحها وشخصيّتها ونكهتها القوميّة. و كان القصبجي صاحب مدرسة خاصة في التلحين والغناء ولم يقلد أحدًا في ألحانه، وقد صنع في ألحانه نسيجاً متجانساً بين أصالة الشرق والأساليب الغربية المتطورة فارتقى بالموسيقى الشرقية نحو عالم جديد.
وفي عام 1927 كوّن القصبجي فرقته الموسيقية التي ضمت أبرع العازفين أمثال محمد العقاد للقانون وسامي الشوا الملقب بأمير الكمان وكان هو عازف العود في الفرقة، ولم يتوقف عند الشكل التقليدي للفرقة الموسيقية العربية فأضاف إلى فرقته آلة التشيلو وآلة الكونترباص وهما آلتان غربيتان.
قدم القصبجي ألحاناً عديدةً للسينما وكان من أكثر الملحنين إنتاجًا طوال 50 عامًا وقدم للمسرح الغنائي الكثير منها ،فقدم لمنيرة المهدية عدة مسرحيات هي: “المظلومة” و”كيد النسا” و”حياة النفوس” و”حرم المفتش”، كما قدم لنجيب الريحاني ثلاثة ألحان في أوبريت “نجمة الصباح”.
ولحن لأشهر المطربين منهم أم كلثوم حين استمع لها عام 1923 وكانت تنشد قصائد في مدح الرسول وأعجب بها وفي عام 1924 لحّن أول أغنية لها وهي “آل إيه حلف ما يكلمنيش”،ولحن لها حوالي 72 أغنية، وظل يعاونها لآخر يوم في حياته، حتى أنه عندما مات في نهاية الستينات ظلت “أم كلثوم” محتفظة بمقعده خاليًا خلفها على المسرح تقديرًا لدوره ومشواره معها. و لحن القصبجي للعديد من المطربين منهم : ليلى مراد ” أنا قلبى دليلى”، منيرة المهدية “عليه سلام الله”، وأسمهان ” امتى حتعرف”.
وتتلمذ على يديه في العزف على العود العديد من الملحنين منهم رياض السنباطى والموسيقار محمد عبد الوهاب.