يحظى المسرح بحضور لافت في المشهد الفني المحلي، حيث يعكس عبر فعالياته رؤى دبي الطموحة، الهادفة إلى ترسيخ مكانتها مركزاً عالمياً للثقافة، وحاضنة للإبداع وملتقى للمواهب.
وفي اليوم العالمي للمسرح، الذي تحتفي به دبي سنوياً في 27 مارس من كل عام، تواصل هيئة الثقافة والفنون في دبي «دبي للثقافة»، الالتزام بمسؤولياتها الثقافية الهادفة إلى الارتقاء بالمسرح الإماراتي.
وتفعيل حضوره على الخارطة الثقافية العالمية، كما تعمل، عبر مشاريعها ومبادراتها، على تهيئة بيئة إبداعية قادرة على دعم تعزيز قدرات أصحاب المواهب الشابة والناشئة، وتمكينهم ليكونوا جزءاً من تكوين الحركة المسرحية المحلية.
والمحافظة على استدامة إنتاج الأعمال المسرحية، ما يسهم في إثراء الحراك الثقافي الذي تشهده الإمارة، ودعم قوة المسرح، الذي يشكل ركيزة أساسية في الاقتصاد الإبداعي، الذي تطمح دبي لأن تكون مركزه العالمي بحلول 2026.
وفي هذا السياق، أشارت فاطمة الجلاف مدير إدارة الفنون الأدائية بالإنابة في «دبي للثقافة»، إلى أهمية المسرح، الذي يعد واحداً من أقدم وسائل التعبير الإنساني التي تجمع بين الفن والثقافة والترفيه.
وقالت: «يعتبر المسرح ميدان إبداع حيوياً فريداً، يسهم في نقل وحفظ التراث الثقافي للشعوب، كما يعمل على مد جسور التواصل بين الثقافات، والتعبير عن هويتها وتوجهاتها الثقافية والفنية، عبر ما يقدّم على الخشبة من أعمال نوعية، مستلهمة من الواقع والتاريخ والقيم الاجتماعية».
وأكدت الجلاف على اهتمام الهيئة بتطوير المسرحي المحلي، من خلال اكتشاف أصحاب المواهب الشابة، وتحفيزهم على المساهمة في إثراء المشهد الفني المحلي، ودعم قوة الصناعات الثقافية والإبداعية في دبي.
وقالت: «تسعى الهيئة عبر مهرجاني «دبي لمسرح الشباب» و«دبي للمسرح المدرسي»، إلى تعزيز دور المسرح في الدولة، وخلق بيئة فنية وإبداعية قادرة على الارتقاء بأصحاب المواهب الشابة، ودفعها نحو مواصلة تطوير شغفها في الفنون الأدائية، وتقديم سلسلة من العروض التي تتميز بمعاييرها الفنية والفكرية».
15 عاماً
وتحرص «دبي للثقافة» على تعزيز قوة الحركة المسرحية، من خلال تنظيم مهرجان دبي لمسرح الشباب، الذي تحول منذ انطلاقته قبل 15 عاماً، إلى ملتقى سنوي للمسرحيين الشباب والرواد، وحاضنة إبداعية قادرة على دعم أصحاب المواهب الشابة.
ممن تتراوح أعمارهم ما بين 15 – 35 عاماً، وتحفيز روح الابتكار لديهم، وتمكينهم من تقديم عروض إبداعية، تمتاز بترابطها من حيث الفكرة والأداء والإخراج والعمل الجماعي، وتتميز بأصالتها وقدرتها على مناقشة قضايا المجتمع والشباب، ولفت انتباه الجمهور.
وساهم المهرجان، عبر دوراته المتعاقبة، في رفد الحركة المسرحية المحلية بدماء جديدة، حيث تشهد خشبته سنوياً تقديم 11 عملاً متنوعاً، تتنافس على أكثر من 16 جائزة، تغطي كافة مجالات المسرح، بدءاً من التمثيل والإخراج والسينوغرافيا، وأفضل مؤثرات صوتية، وأفضل تأليف مسرحي، وغيرها.
كما منح الحدث على مدار تاريخه، 15 شخصية رائدة في المجال المسرحي، جائزة «شخصية العام المسرحية»، تكريماً لعطاءاتهم ومسيرتهم الفنية، وتقديراً لمساهمتهم في الارتقاء بالحركة المسرحية المحلية، وخلال الأربع نسخ السابقة، من عام 2021 وحتى 2024، شهد المهرجان حضور حوالي 12000 شخص.
من جهة أخرى، تسعى «دبي للثقافة»، عبر مهرجان دبي للمسرح المدرسي، الذي يستهدف الطلبة من الصف الرابع وحتى الثاني عشر، إلى توفير منصة مبتكرة، قادرة على اكتشاف أصحاب المواهب المسرحية الطلابية، وتطوير قدراتهم بطرق احترافية.
وتشجيعهم على إنتاج الأعمال المسرحية بكل أنواعها، القصيرة والطويلة، بوصفها منتجاً فنياً وصناعة إبداعية، ما يسهم في الارتقاء بالذائقة الفنية والجمالية لطلبة ومشرفي المسرح في مدارس دبي، ورفع مستوى أنشطته فيها، بالإضافة إلى تعزيز الهوية الوطنية.
وغرس القيم التربوية والثقافة المجتمعية في نفوس الطلبة، وتحفيز المؤسسات التعليمية على الاستفادة من الفنون الأدائية، عبر توظيفها في تحويل المواد المنهجية إلى نصوص درامية، ومشاهد بصرية، تساعد على ترسيخها في عقول الطلبة.
ونجح «دبي للمسرح المدرسي»، على مدار 4 سنوات، في إحداث حراك ثقافي لافت في المدارس الحكومية المشاركة فيه، حيث يستقطب سنوياً أكثر من 13 مدرسة، تتنافس على تقديم أعمال متنوعة، مستلهمة من التراث المحلي، على خشبة المسرح، الذي يقدم سنوياً للفرق المشاركة فيه أكثر من 20 جائزة، تغطي كافة مجالات العمل المسرحي، وشهد حضور حوالي 7500 طالب وطالبة خلال الأربع نسخ الماضية.
وتكمن أهمية المهرجان في قدرته على تنمية روح المبادرة لدى الطلبة، وتشجيعهم على تكوين اتجاهاتهم وميولهم وقيمهم، بالإضافة إلى تمكينهم من صقل مهاراتهم، وتطوير وتنمية قدراتهم اللغوية والحسية، وتعليمهم كيفية ترجمة حركة ولغة الجسد، إلى أسلوب للتعبير عن آمالهم وطموحاتهم.