أعادت قصة إغلاق محلات الحلويات والألبان، الحديث من جديد عن قضية سلامة الغذاء، وأهمية تطبيق قانون واحد على كل الحالات من دون استثناء، وأعادت الجدل حول ما تثيره هذه القضايا من «هبد» وآراء متعارضة ومتداخلة، ومتناقضة، وما تيسر من شائعات سواء قبل الإغلاق أو بعده، أو عقب عودة الأمور بعد تعهدات بمراجعة الشروط، والسبب غالبا تأخر ظهور المعلومات أو البيانات الرسمية، وهو أمر لا يناسب عصر السرعة وانتشار أدوات التواصل، لكنه أيضا فى الواقع يرتبط بأن كل شخص يعطى نفسه الحق فى إطلاق أى تحليلات ونشرها، باعتبار أن «الهبد» حق دائم لعالم التواصل والباحثين عن «لايكات» وإعجاب، هناك اختلاط فى المعلومات بشكل لافت، حول ملكية سلسلة محلات منتجات الألبان ومدى ارتباطها بمحلات طعام شهيرة أو أسماك أو حلويات وغيره، والواقع أن بعض هذه المحلات أو المطاعم تتسبب فى ازدحام وتعطل المرور فى الأماكن التى تفتح فيها، ويبدو أحيانا هذا الزحام جزءا من عمليات التسويق، بجانب عدم مراعاة جهات منح الترخيص لشروط المرور فى هذه المناطق ولا توجد أى اعتبارات للرصيف وحقوق المشاة فى هذه المناطق والشوارع، وفى كثير من الأحيان تغض جهات المحلية الطرف عن المخالفات، أو تتأخر فى التنبيه لها وتطبيق القانون، وهناك حالات كثيرة لمحلات وأفران وخلافه، تتقدم لطلب التراخيص وتظل تحت التأسيس لفترات طويلة، ما يفتح المجال للكثير من السلبيات خارج القانون.
الأمر الثانى، هو أن أبواب التعليقات و«الهبد» تنفتح من التساهل أمام هذه السلاسل، أو غيرها التى تعتدى على الأرصفة والشوارع وحقوق المارة، وتظهر تفسيرات بأن وراءها تفسيرات بالقدرة وغيرها تكون غالبا غير صحيحة لكنها تجد رواجا بسبب الصمت او التأخر فى اتخاذ الإجراءات الحاسمة.
بالطبع فان الظهور المفاجئ لبعض أشكال المطاعم أو المحلات تثير التساؤلات، خاصة أنها تنتشر بشكل هندسى لا يخلو من فوضى، فضلا عن استعمال أدوات مشروعة وغير مشروعة للدعاية تصل إلى حد الإساءة والتطاول على علامات تجارية عريقة، ما يسقط قواعد المنافسة ويظهر أنواع من البلطجة التسويقية.
من بين تناقضات التعامل فى السوشيال ميديا مع هذا النوع من المحلات أن من انتقدوا سلوك هذه المحلات وخطورة بعض منتجاتها من حيث كميات الدهون والسكريات التى تمثل خطا صحيا ربما يتعارض مع قواعد سلامة الغذاء، وهناك قواعد تفرضها هيئات الغذاء والدواء فى الدول الكبرى وبعض الدول العربية تفرض رسوما صحية على المنتجات التى تحتوى على نسب معينة من السكريات والدهون وتحظرها على الأطفال حتى سن معينة.
لقد أصبحت قواعد سلامة الغذاء والدواء أمرا مهما، ولها هيئات خاصة لها صلاحيات لحماية الصحة العامة، لكن الواقع أن هذه المحلات ظلت تعمل فى تحد للقانون، وعندما بدأت الجهات المختصة التحرك ظهرت الأقاويل والتحليلات من بعض الأشخاص الذين اشتكوا من منتجات مبالغ فيها وتمثل خطا صحيا محتملا.
الإغلاق تم بناء على شكاوى وحالات تسمم ومخالفات صحية، وواضح أنه سبقته تحذيرات وإنذارات سابقة، ثم إن نفس هذه السلاسل تم إغلاق مثلها فى دول عربية حولنا، غالبا لنفس الأسباب، وبعد ظهور حالات تسمم أو استعمال خامات غير سليمة.
وبالتالى لا أحد من صالحه أو رغبته إغلاق شركات أو محال أو مطاعم، طالما تلتزم بالقانون، مع أهمية تطبيق القانون على كل مكان أو مقهى أو غيره يعتدى على حرم الطريق أو يعطل المرور، أما عن تطبيق قواعد سلامة الغذاء، والدواء فهو مهم، ويجب أن يتواصل بشكل عام وفى كل وقت مع إعلان الحقائق والمعلومات أولا بأول، وأن يلتزم المخالفون بإصلاح المخالفات وبالطبع، فإن هناك جهات كثيرة يفترض أنها تفحص كل عناصر الكيانات الاقتصادية ومصادر الأموال تطبق القانون بشكل موحد، مع التأكيد على أن سلامة الرصيف والشارع وحق المارة لا يقل أهمية عن سلامة الغذاء والدواء.
مقال أكرم القصاص