مولاتو أستاتكي.. مايسترو وحّد العالم بموسيقاه
القاهرة – بوابة الوسط السبت 19 أبريل 2025, 06:22 مساء
لا يزال مولاتو أستاتكي، أبو الجاز الإثيوبي المعروف عالمياً، مصراً على مواصلة مسيرته الفنية رغم بلوغه الحادية والثمانين، ويرفض «التفكير في الاعتزال».
وتوصّل الرجل الذي يشبه وحده فرقة موسيقية، ويتقن العزف على آلة الفيبرافون وعلى طبلة الكونغا الكوبية، إلى تكوين مزيج موسيقي فريد من نوعه في ستينات القرن العشرين، جمع فيه بين أنواع الموسيقى التراثية، وأصوات آلات الفانك النحاسية والأفروبيتس والجاز اللاتيني، ووصف الرجل الثمانيني الجاز الإثيوبي بأنه «نوع موسيقي يجمع العالم كله ليجعله واحداً»، في حديث لوكالة «فرانس برس».
وتمتزج في هذا اللون الموسيقي أنغام الغيتار والبوق مع تلك التي تُصدرها آلة الماسينكو الإثيوبية التقليدية ذات الوتر الواحد والتي يُعزَف عليها باستخدام القوس.
و«جمع العالم حول الموسيقى» هو ما يريد أن يفعله هذا الملحن وعازف الإيقاع، على ما قال في ناديه للجاز «أفريكان جاز فيلدج»، حيث لا يزال يؤدي عروضه على مقربة من ساحة مسكل الشهيرة في أديس أبابا.
وتُشكل موسيقاه تحية إلى من يسميهم «شعوب الأدغال»، وهم سكان الريف الإثيوبيون الذين كان لرقصهم وموسيقاهم تأثير كبير على أعماله، و«لا يحظون بالتقدير الكافي»، على قوله.
– العازف الأميركي هيربي هانكوك من طنجة: تجربة الجاز الجماعية تعزز الوحدة والتنوّع
– طنجة المغربية تجذب كبار موسيقيي الجاز
– فرنسا تحتفل بالذكرى المئوية لدخول موسيقى الجاز لأوروبا
وقال «إن الأشخاص الذين اخترعوا الماسينكو، وأولئك الذين اخترعوا الكرار (آلة وترية إثيوبية، تشبه القيثارة)، هم الذين اخترعوا مولاتو».
ومن بين أشهر أغنيات مولاتو أستاتكي «تيزيتا» (أي الحنين بالأمهرية، اللغة الوطنية الإثيوبية)، وفيها يتزاوج صوت الساكسفون والبيانو. ولكن في حياة مولاتو، ليس للحنين مكان.
طيّار أو مهندس
فمولاتو أستاتكي ولد في العام 1943 في جيما، على بعد نحو 350 كيلومتراً جنوب غرب العاصمة أديس أبابا. وعندما كان مراهقاً، أرسله والداه للدراسة في المملكة المتحدة. وروى أنه عندما كان لا يزال في المدرسة الثانوية، كان يرغب في أن يصبح «إما طيّاراً أو مهندساً».
لكنّ دروس الدراما والموسيقى التي تلقاها بدّلت سبيله. ففي أواخر خمسينات القرن العشرين، انضم إلى كلية «ترينيتي كولدج أوف ميوزيك» للموسيقى في لندن لدراسة الكلارينيت والتأليف الموسيقي. ثم انتقل إلى مدينتي نيويورك وبوسطن الأميركيتين، حيث أصبح أول طالب أفريقي يلتحق بكلية «بيركلي كولدج» للموسيقى.
وعاد مولاتو بعد ذلك إلى إثيوبيا للمشاركة في المشهد الموسيقي النابض بالحياة في أديس أبابا في مطلع الستينات والسبعينات، وما لبث أن أصبح أحد أبرز وجوه ما عُرف بـ«سوينغينغ أديس»، التسمية التي أُطلقت على العاصمة نظراً إلى انتشار الحانات الموسيقية فيها.
ولكن الإطاحة بالإمبراطور هيلا سيلاسي وانتقال السلطة إلى النظام العسكري الماركسي العام 1974 غيّر الوضع، إذ باتت الموسيقى والثقافة الغربية تخضع للرقابة.
وكانت هذه المرحلة بالغة الصعوبة بالنسبة إلى مولاتو أستاتكي، الذي روى أنه «كافح» خلال هذه الفترة كمدرّس موسيقى.
إلا أن مولاتو أستاتكي حصد التقدير والنجاح العام 1998 مع إصدار مجموعة اسطوانات «إثيوبيك» التي أعادت إصدار الجواهر الموسيقية لـ «سوينغينغ أديس». وكان الألبوم رقم «4» مخصصاً لمولاتو.
وشهدت مسيرته الفنية قفزة جبّارة العام 2005 بفضل فيلم «بروكن فلاورز» للمخرج الأميركي جيم جارموش الذي اختار أربعة من ألحانه لموسيقى الفيلم التصويرية.
وبعد مرور 20 عاماً على هذا التقدير الدولي المتأخر، لا ينوي مولاتو أستاتكي «الاعتزال»، على عكس فنان آخر من فناني موسيقى الجاز الإثيوبية الكبار هو محمود أحمد الذي أقام آخر حفلة له في كانون يناير.
ويُحيي مولاتو أستاتكي العائد من جولة في الولايات المتحدة عرضاً في باريس في سبتمبر المقبل. وقال «لدي أيضا ألبوم سيصدر هذه السنة بعنوان: مولاتو بلايز مولاتو».
وخلص إلى القول «لقد احتجت إلى أكثر من 40 عاماً لتحقيق الاعتراف العالمي، ولن أتوقف الآن».