تُظهر الاستراتيجية الروسية الجديدة طويلة الأجل للطاقة أن إنتاج النفط الخام وصادراته سيبقيان شبه مستقرين خلال السنوات الـ25 المقبلة.
بحسب السيناريو المستهدف في وثيقة نُشرت يوم الاثنين، تتوقع موسكو أن يبلغ الإنتاج 540 مليون طن بحلول نهاية هذا العقد، ويظل عند المستوى نفسه بحلول منتصف القرن، أي ما يعادل نحو 10.84 مليون برميل يومياً، وهو رقم يزيد هامشياً فقط عن مستويات عام 2023 التي اعتُمدت كأساس في الوثيقة. كما يُتوقع أن تظل الشحنات الموجهة إلى الخارج مستقرة أيضاً.
يعكس هذا التقدير المتواضع توقعات بتزايد حدة المنافسة مع كبار منتجي الوقود الأحفوري الآخرين، وتراجع الطلب العالمي بعد عام 2035. تشير الاستراتيجية كذلك إلى تراجع تدريجي في احتياطيات روسيا من الموارد الهيدروكربونية عالية الجودة، مقابل تزايد الاعتماد على موارد أكثر تكلفة وصعوبة في الاستخراج.
النفط الخام عام 2023 (سنة أساس) توقعات حتى 2050 الإنتاج 531 مليون طن 540 مليون طن الصادرات 234 مليون طن 235 مليون طن
تمثل روسيا نحو 10% من الإنتاج العالمي للنفط الخام، ما يمنحها نفوذاً كبيراً في السوق. فهي مورد رئيسي للهند والصين، وعضو أساسي في تحالف “أوبك+”. لكن استقرار الصادرات قد يقوّض هذا النفوذ، في حين أن أي تباطؤ طويل الأمد في وتيرة التصدير من شأنه أيضاً أن يحرم الميزانية الروسية من إيرادات حيوية، ما ينعكس مباشرة على قدرة موسكو على الوفاء بالتزامات الإنفاق لديها.
استراتيجية الغاز الروسية
على عكس النفط، تتوقع استراتيجية روسيا للغاز الطبيعي زيادة كبيرة في الإنتاج السنوي، إذ تستهدف الوصول إلى 853 مليار متر مكعب بحلول نهاية العقد، بزيادة تتجاوز الثلث مقارنة بعام 2023. كما يُتوقع أن يتجاوز الإنتاج حاجز التريليون متر مكعب بحلول عام 2050، ويُعزى هذا الارتفاع بشكل كبير إلى التوسع في إنتاج الغاز الطبيعي المسال.
الغاز عام 2023 (سنة أساس) توقعات حتى 2050 الإنتاج 637 مليار متر مكعب 853 مليار متر مكعب صادرات الغاز الطبيعي المسال 45 مليار متر مكعب 142 مليار متر مكعب
تسعى روسيا إلى زيادة إنتاجها من الغاز الطبيعي المسال عبر إنشاء أربعة مصانع جديدة خلال هذا العقد، بالإضافة إلى المنشآت التي تعمل حالياً في جزيرة سخالين وشبه جزيرة يامال. كما تخطط أيضاً لتوسيع منشأة “آركتيك للغاز الطبيعي المسال 2″، وتستهدف بلوغ قدرة إنتاجية إجمالية تبلغ 105 ملايين طن سنوياً من جميع المشاريع مجتمعة بحلول عام 2030.
لكن الطموحات الروسية تصطدم حالياً بالعقوبات الغربية. فالمشاريع الأربعة المستقبلية كلها مدرجة على القائمة السوداء الأميركية، في حين تم إغلاق منشأة “آركتيك للغاز الطبيعي المسال 2” بسبب القيود التي تمنع تسويق وشحن الشحنات.
لم تُبدِ الإدارة الأميركية أي مؤشرات حول ما إذا كانت ستخفف بعض القيود أو تشددها، في ظل مفاوضات السلام الجارية لإنهاء الحرب في أوكرانيا. وكان وزير الخزانة سكوت بيسنت قد صرّح أواخر مارس بأن جميع الخيارات مطروحة، وستُحدَّد بناءً على “التحركات التالية للقيادة الروسية”.
زيادة الغاز الروسي
يتضمن السيناريو المستهدف لقطاع الغاز الروسي أيضاً قفزة شبه مضاعفة في صادرات الغاز المنقولة عبر الأنابيب لتصل إلى 197 مليار متر مكعب بحلول عام 2036. لكن حتى في حال تحقيق هذا الهدف، فإن التدفقات لن تتجاوز الرقم القياسي الذي سُجل في عام 2018، قبل الغزو الشامل لأوكرانيا.
كانت روسيا تُعد سابقاً أكبر مُصدّر للغاز عبر الأنابيب في العالم، لكنها فقدت تقريباً جميع عملائها في أوروبا بعد اندلاع الحرب. بوجود خط أنابيب واحد فقط يربطها حالياً بالاتحاد الأوروبي، وتعثر المحادثات بشأن خط “باور أوف سيبيريا 2” الذي يربطها بالصين، لا تملك شركة “غازبروم” حالياً الوسائل اللازمة لكسر الرقم القياسي السابق لما قبل الحرب.