تحل اليوم الأحد 27 أبريل 2025، ذكرى ميلاد الفنانة الكبيرة سناء جميل، واحدة من أعمدة الفن المصري والعربي، التي حفرت اسمها بحروف من نور وسط عمالقة السينما والدراما، بموهبتها الاستثنائية وشخصيتها الفريدة.
وفي هذه المناسبة، نستعرض معًا أبرز محطات حياة هذه الفنانة الراحلة، التي واجهت تحديات قاسية لكنها صمدت، لتترك لنا إرثًا فنيًا خالدًا لا يُنسى.
من هي سناء جميل؟
ولدت سناء جميل في 27 أبريل 1930 بمحافظة المنيا، وكان اسمها الحقيقي ثريا يوسف عطا الله، نشأت سناء في بيئة صعيدية صارمة، وكان انتماؤها لأسرة متدينة ومحافظة سببًا في مواجهة العديد من الصعوبات، خاصة بعدما التحقت بالمعهد العالي للفنون المسرحية، وهي لا تتقن العربية بطلاقة بسبب تعليمها في مدارس فرنسية.
في واحدة من أصعب لحظات حياتها، علم شقيقها بانضمامها للمعهد، فطردها من المنزل، لتجد نفسها في مواجهة قاسية مع الحياة في سن مبكرة.
كانت البداية صادمة ومليئة بالتحديات، لكنها لم تتراجع، بل حملت حلمها على كتفها ومضت نحو عالم التمثيل بكل شغف وإصرار.

أول خطوات سناء جميل في السينما
دخلت سناء جميل عالم السينما في الخمسينيات، وظهرت في عدد من الأفلام مثل “بشرة خير” و”حرام عليك”، لكن انطلاقتها الحقيقية جاءت مع فيلم “بداية ونهاية” للمخرج العالمي صلاح أبو سيف، حيث أدت ببراعة دور نفيسة، الشخصية المركبة التي عكست بمهارة مأساة الفقر والخذلان الاجتماعي.
هذا الدور كان بمثابة شهادة ميلاد فنية جديدة لها، حيث أثبتت قدرتها على الغوص في أعماق الشخصيات المعقدة، وأبهرت النقاد والجمهور معًا.
أشهر أعمال سناء جميل
خلال مشوارها الطويل، قدمت سناء جميل أعمالًا فنية تظل محفورة في ذاكرة كل محب للفن الأصيل. ومن أبرز أفلامها بداية ونهاية، الزوجة الثانية، اضحك الصورة تطلع حلوة، سواق الهانم، السيد كاف، الشك يا حبيبي، الشوارع الخلفية
أما في مجال الدراما التليفزيونية، فقد تألقت في مسلسلات أيقونية مثل الراية البيضا، خالتي صفية والدير، ساكن قصادي، الرقص على سلالم متحركة، وآخر أعمالها “طرح البشر”.
كل عمل كانت تقدمه سناء جميل كان يحمل طابعًا إنسانيًا خاصًا، وروحًا متفردة، تجعل المشاهد يشعر وكأنه يلامس نبض الشخصية.
معاناة شخصية
وراء هذا النجاح الكبير، كانت هناك رحلة مليئة بالألم والتحدي، حيث عاشت سناء جميل فترة طويلة من الفقر بعد طردها من منزل العائلة، وكانت تعتمد على وجبات بسيطة لتعيش.
واستمرت القطيعة بينها وبين أهلها لمدة 22 عامًا، حتى أن أحدًا منهم لم يحضر جنازتها، لتُسطر بذلك واحدة من أكثر قصص الانتصار على القسوة الأسرية إيلامًا وإنسانية.
ورغم كل هذه المعاناة، ظلت سناء تحمل قلبًا قويًا وعزيمة لا تلين، وأثبتت أن الموهبة الحقيقية قادرة على الانتصار حتى في أصعب الظروف.


قصة حب استثنائية
في عام 1961، التقت سناء جميل بالكاتب الصحفي الكبير لويس جريس، ونشأت بينهما قصة حب سريعة وعميقة تُوجت بالزواج، ورغم اعتقاد لويس في البداية بأنها مسلمة، إلا أنها أوضحت له أنها مسيحية من نفس طائفته الأرثوذكسية، ولم يقف ذلك عائقًا بينهما.
قررت سناء جميل ألا تنجب أطفالًا، مفضلة أن تتفرغ لمسيرتها الفنية، وظل زوجها لويس أكبر داعم لها حتى وفاتها، يساندها ويقف بجوارها في كل المحن واللحظات الصعبة.
معاناة سناء جميل مع المرض ورحيلها
عانت سناء جميل في أواخر حياتها من سرطان الرئة، ودخلت المستشفى لمدة 3 أشهر، قاومت خلالها الألم بكل شجاعة.
وروى زوجها لويس جريس تفاصيل اللحظات الأخيرة قائلًا إنه رفض دفنها مباشرة بعد وفاتها، وأصر على انتظار 3 أيام لنشر إعلان وفاتها في جميع الصحف المصرية والأجنبية، لعل أحد أقاربها يظهر لحضور الجنازة، لكن للأسف لم يظهر أحد.
وفي اليوم الرابع، وتحديدًا في 22 ديسمبر 2002، دُفنت سناء جميل، وخرجت جنازتها من كنيسة العباسية، وسط حالة من الحزن الشديد بين محبيها وزملائها في الوسط الفني.
نرشح لك: في اليوم العالمي للطبيب البيطري.. كيف جسد رشدي أباظة المهنة في «آه من حواء»؟

