من ملاعب الكرة إلى قاعات الفن.. أسرار لم تعرفها عن نور الشريف في ذكرى ميلاده

تحل اليوم الإثنين 27 أبريل ذكرى ميلاد الفنان الكبير نور الشريف، أحد أعمدة الفن المصري والعربي، الذي امتدت رحلته بين التمثيل والإخراج، ليترك إرثًا خالدًا في ذاكرة الأجيال.

مسيرة بدأها من ملاعب كرة القدم مع أشبال الزمالك، وانتهت به متربعًا على عرش الفن والثقافة حتى وفاته عام 2015، وبين هذين الخطين حياة مليئة بالإبداع والإنجازات والمحطات الإنسانية المؤثرة.

بداية مبكرة

ولد نور الشريف في حي الخليفة بالقاهرة، وفقد والده وهو لا يزال طفلًا لم يكمل عامه الأول، فمنذ نعومة أظافره، كان يجد في التمثيل ملاذًا يعبر من خلاله عن مشاعره وأحلامه، فانضم إلى فريق التمثيل بالمدرسة، إلى جانب احترافه كرة القدم كلاعب في أشبال نادي الزمالك، إلا أن عشقه للفن غلبه في النهاية.

خطوات ثابتة نحو الحلم

بعد حصوله على الثانوية العامة، التحق بكلية التجارة، قبل أن يكتشف أن طريقه الحقيقي ليس هناك، فانتقل إلى المعهد العالي للفنون المسرحية، وهناك تميز بتفوقه اللافت فحصل على الدبلوم عام 1967 بتقدير امتياز، محتلاً المركز الأول على دفعته، مما مهد له الطريق نحو انطلاقة قوية في عالم التمثيل.

دعم مبكر من الكبار

وأثناء دراسته في المعهد، التقى بالمخرج المسرحي سعد أردش الذي منحه أول أدواره في مسرحية “الشوارع الخلفية”، ثم شارك في مسرحية “روميو وجولييت”، وهناك تعرف على زميله عادل إمام، الذي بدوره رشحه للمخرج حسن الإمام، ليمنحه أول أدواره السينمائية في فيلم “قصر الشوق”، هذا الدور كان بوابته الحقيقية إلى عالم الشهرة، وحصل من خلاله على أول شهادة تقدير في مسيرته.

رحلة تألق في السينما والمسرح والتلفزيون

شهدت سنوات الستينيات انطلاقة قوية للنجم الشاب آنذاك، فشارك في أفلام مثل “بنت من البنات” (1968)، و”بئر الحرمان” (1969)، و”زوجة بلا رجل” (1969)، ليؤكد موهبته الاستثنائية التي لفتت أنظار النقاد والجمهور معًا.

وفي السبعينيات والثمانينيات، بلغ نجوميته الكاملة، وقدم أعمالًا خالدة مثل “سواق الأتوبيس” (1983)، “العار”، “جري الوحوش” (1987)، هذه الأفلام وغيرها جسدت قضايا اجتماعية وإنسانية بعمق، جعلت من نور الشريف واحدًا من أهم فناني جيله وأكثرهم ارتباطًا بقضايا مجتمعه.

عبد الغفور البرعي أيقونة لا تموت

وعلى صعيد الدراما التلفزيونية، حقق نور الشريف نجاحًا مدويًا عبر شخصية عبد الغفور البرعي في مسلسل “لن أعيش في جلباب أبي” (1996)، وهي الشخصية التي تحولت مع الزمن إلى رمز شعبي يعبر عن قيم الكفاح والنجاح بالمثابرة. ورغم مرور سنوات طويلة على عرضه الأول، إلا أن المسلسل يحقق حتى الآن مشاهدات مرتفعة في كل إعادة، بل ويتصدر التريند عند عرضه.

نرشح لك: عبد الغفور البرعي يتصدر التريند بسبب أولى إعدادي.. ما القصة؟

مخرج للمسرح والسينما

لم يتوقف طموح نور الشريف عند التمثيل فقط، بل خاض تجربة الإخراج المسرحي بمسرحية “الكاهن” على مسرح الهناجر، كما أخرج فيلمه السينمائي الوحيد “العاشقان”، مجسدًا رؤيته الخاصة للحب والحياة على الشاشة الكبيرة.

جوائز وتكريمات

على مدار مسيرته، حصل نور الشريف على عدد كبير من الجوائز من مختلف المهرجانات المحلية والعربية والدولية، تقديرًا لموهبته الاستثنائية وإسهاماته البارزة في إثراء الفن العربي.

حياة شخصية هادئة رغم العواصف

تزوج نور الشريف من الفنانة بوسي عام 1972، وأنجب منها ابنتين مي وسارة، ورغم انفصالهما عام 2006، إلا أن الحب والود بينهما لم ينقطع، ليعودا إلى بعضهما عام 2015، في لحظات مرضه الأخيرة، حيث كانت بجواره حتى وفاته، فقصة حبهما تعتبر من أنبل قصص الوسط الفني، التي واجهت تحديات الحياة وظلت صامدة.

حب الزمالك وعشق الثقافة

كان نور الشريف معروفًا بحبه الشديد لنادي الزمالك، الذي بدأ معه حلمه الرياضي قبل أن يأسره حب التمثيل، كما عرف عنه ولعه بالقراءة والثقافة، وحرصه على الارتقاء بفنه فكريًا وجماليًا، ما جعله يُلقب بـ”فيلسوف الفن”.

الوداع الأخير

في 11 أغسطس 2015، رحل نور الشريف عن عالمنا بعد رحلة حافلة بالإبداع والإنجازات، تاركًا وراءه إرثًا غنيًا من الأعمال التي ستظل شاهدة على موهبته وعطائه، ليس فقط في مصر، بل في العالم العربي كله.

اقرأ أيضًا: في ذكرى ميلاد نور الشريف.. الزملكاوي الذي ترك كرة القدم ليتفرغ للفن