في الوقت الذي تعاني فيه شركات الإنتاج السينمائي في أمريكا من ارتفاع في تكلفة الإنتاج السينمائي داخليا بسبب ارتفاع الضرائب والأيدي العاملة، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب عن نيته فرض تعرفة جمركية بنسبة 100% على جميع الأفلام المنتجة خارج الولايات المتحدة.
يأتي القرار في إطار مساعيه لحماية صناعة السينما الأمريكية التي وصفها بأنها “تموت بسرعة كبيرة”، مشيرا إلى أن الحكومات الأجنبية تجذب صانعي الأفلام الأمريكيين من خلال حوافز ضريبية، ما يشكل تهديدا للأمن القومي الأمريكي.
القرار يتوقع منه تعميق جراح شركات الإنتاج، فمن 2022 إلى 2024، شهد الإنتاج السينمائي الأمريكي انخفاضا بنسبة 24% ليسجل 14 مليار دولار، ويعد هذا الرقم كبيرا لكن بشكل مجمل انخفض إلى 40% في السنوات الخمس الأخيرة.
السبب يعود إلى الضرائب الكبيرة المفروضة على تصوير الأفلام في عدد من الولايات مثل ولاية كاليفورنيا التي هجرها صناعها، برغم أنها عاصمة السينما العالمية، وفقا لشركة أبحاث صناعة السينما ProdPro.
الخطوة التي أعلنها ترمب أثارت جدلا واسعا، حيث أعربت دول مثل أستراليا عن قلقها من تأثير هذه التعرفة على صناعتها السينمائية، خاصة في مناطق مثل جولد كوست التي استضافت إنتاجات هوليوودية بارزة.
وقطاع الإنتاج السينمائي في أستراليا مساهم أساسي في الاقتصاد المحلي، إذ استطاعت كانبرا جذب استثمارات سينمائية تقدر بـ 2.04 مليار دولار في 2024، مسجلة نسبة ارتفاع وصلت إلى 14% على أساس سنوي.
طريقة تطبيق تعريفة ترمب، طرحت تساؤلات عن مدى تأثيرها على صناعة السينما الأمريكية وما إذا كانت ستشتمل هذه التعرفة على الإنتاجات المتعددة الجنسيات والأفلام المعروضة عبر خدمات البث أو تلك المخصصة للعرض السينمائي.
وبحسب تقرير ProdPro السنوي، أظهر استطلاع أن شركات الإنتاج الأمريكية تفضل تصوير أفلامها خارج الولايات المتحدة، في دول مثل أستراليا التي جاءت في المركز الأول بتصويت وصل إلى أكثر من 50 %، يليها كندا، ثم أيرلندا وأخيرا نيوزيلندا.
وسبب اختيار شركات الإنتاج السينمائي إلى هذه الدول يعود إلى الحوافز الضريبية المقدمة، حيث كشف نفس الاستطلاع الذي شارك فيه رؤساء أستديوهات سينمائية في أمريكا، أن 93% منهم يرون أن الحوافز الضريبية المقدمة تعد من أهم العوامل التي من خلالها يستطيعون تقليل تكلفة الأعمال المنتجة واختيار أماكن التصوير.
ولهذا السبب، اقترح حاكم ولاية كاليفورنيا، غافين نيوسوم، زيادة برنامج الحوافز الضريبية للولاية من 330 مليون دولار إلى 750 مليون دولار سنويا، أما في نيويورك اقترحت الولاية زيادة الحوافز الضريبية إلى 800 مليون دولار, وتكساس لديها برنامج مقترح بقيمة 450 مليون دولار.
يأتي ذلك في محاولة لجذب الإنتاجات السينمائية والتلفزيونية للبقاء داخل الولاية، بعدما بدأت كاليفورنيا وعدد من الولايات بفقدان كثير من الإنتاجات لصالح دول مثل كندا والمملكة المتحدة، التي تقدم حوافز مالية ومرافق إنتاج متطورة.
ومن الأسباب التي تدفع الأفلام الأمريكية للتصوير خارج الولايات المتحدة خفض تكاليف العمالة المشاركة في الإنتاج، حيث إن تصوير فيلم في المجر وكندا أرخص بكثير من العمالة الأمريكية في لوس أنجلوس ونيويورك.
وهذا إلى جانب سهولة الحصول على تصاريح، حيث إن بعض البلدان تجعل الحصول على تصاريح التصوير أسهل وأسرع مقارنة بالإجراءات البيروقراطية في أمريكا.
حتى قبل هذا الإعلان الأخير، تأثرت صناعة السينما الأمريكية بتداعيات سياسات ترامب التجارية. ففي أبريل، قالت الصين إنها ستخفض حصتها من الأفلام الأمريكية المسموح لها بدخول البلاد.
وقالت إدارة الأفلام الصينية: “إن الإجراء الخاطئ الذي اتخذته الحكومة الأمريكية بإساءة استخدام التعريفات الجمركية على الصين سيؤدي حتما إلى زيادة تقليل إقبال الجمهور المحلي على الأفلام الأمريكية”.