منذ أن قادها القدر إلى شواطئ مملكة البحرين في عام 2012، لم تكن السيدة آنا في. ييكورشينكوفا (ِAnna V. Yecorchenkova) مجرد مقيمة أجنبية، بل أصبحت رمزًا للتعايش الثقافي والإبداع الإنساني، ورسّخت مكانتها كعميدة الجالية الروسية في البحرين، وبانية جسور الصداقة بين الشعوب، ومؤسسة أول كيان ثقافي من نوعه يُعنى بالعلاقات البحرينية-الروسية.
منذ لحظة وصولها، انجذبت السيدة آنا إلى قيم المجتمع البحريني الأصيلة، تلك التي توازن بين الانفتاح الحضاري والتمسك العميق بالتقاليد العائلية. وقد تعزز ارتباطها بهذه الأرض المباركة بزواجها من رجل أعمال سعودي، لتصبح البحرين وطنها الثاني مع طفليها، تنتمي إليه بروحها وقلبها وإبداعها.
بإيمانها العميق بأن “الإنسان يخلق البيئة التي يحب أن يعيش فيها”، اختارت السيدة آنا أن تزرع الجمال والتواصل في محيطها، فبدأت في إطلاق مبادرات ثقافية وإنسانية ذات طابع راسخ في القيم، ومفتوح على العالم. وكان من أبرز ثمار رؤيتها تأسيس “جمعية الصداقة البحرينية-الروسية” في عام 2015 بالشراكة مع الدكتور نبيل عبد الرحمن العسومي، حيث وحّدت حكمتها مع حكماء البحرين، في تجسيد حي لرؤية جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، حفظه الله، في جعل البحرين نموذجًا عالميًا للتسامح والتعايش.
الجمعية لم تكن فقط مظلة للتقارب بين الشعبين، بل تحوّلت إلى منصة ديناميكية لتنظيم برامج تبادل ثقافي وتعليمي، أبرزها إرسال الأطفال البحرينيين إلى روسيا، لاكتشاف ثقافتها والتفاعل مع مكوناتها الإنسانية المتنوعة، في مبادرة غير مسبوقة تسهم في بناء جيل عالمي الوعي، محلي الجذور.
وباعتبارها فنانة وعازفة بيانو محترفة، سخّرت السيدة آنا الفن لغةً للتواصل العابر للحدود، حيث نظّمت العديد من الفعاليات الثقافية في البحرين جمعت بين الروس والبحرينيين والسعوديين، مزجت فيها بين الإيقاع الروسي الأصيل والموروث الخليجي الثري، فأصبحت تلك الفعاليات موئلًا للآلاف من عشاق الفن، ومنصة للاندماج بين الثقافات.
لقد جذبت “المواسم الروسية في البحرين”، التي تقام على مدار عام 2025، أنظار المجتمع البحريني والمقيمين، بل وحتى الزوار من دول الخليج، بما قدّمته من عروض فنية مبهرة، احتفت بتعدد القوميات الروسية (التي تضم أكثر من 190 قومية)، وجسّدت جمال الاختلاف من خلال الرقص والموسيقى والفولكلور.
وتؤمن السيدة آنا بأن الأطفال هم مستقبل الحضارات، لذا تضعهم في قلب رسالتها، وتعمل على إدماجهم في الفعاليات الثقافية، وتحرص على توفير بيئة تعليمية إيجابية لهم. كما تعمل على استقطاب رجال الأعمال الروس إلى البحرين، وفتح أبواب التعاون التجاري والاقتصادي، كما في زيارات وفد شركة “مجموعة كريدو” الروسية، مما يعزز البعد العملي للتقارب بين البلدين.
أما يوم 9 مايو، “يوم النصر”، فهو مناسبة خاصة في أجندة الجمعية، حيث يُحتفى فيه بإسهام روسيا الكبير في إنهاء الحرب العالمية الثانية، وإرساء قيم السلام والحرية. ويُعتبر هذا اليوم مناسبة تُحييها السيدة آنا مع زميلاتها الروسيات والبحرينيات سنويًا في البحرين، احتفاءً بوحدة الإنسانية واحترام الأديان والثقافات. إن 9 مايو يمثل ذكرى انتصار الإنسانية على الكراهية والتفرقة. ومن خلال جمعية الصداقة البحرينية-الروسية التي ساهمت في تأسيسها، تعمل آنا ييكورشينكوفا على تنظيم فعاليات ثقافية وفنية تعبر عن التنوع الحضاري الروسي، وتحتفل بالقيم المشتركة بين الشعبين البحريني والروسي، في إطار السلام والانفتاح الذي ترعاه قيادة صاحب الجلالة الملك المفدى حمد بن عيسى آل خليفة في مملكة البحرين.
إن ما تقوم به السيدة آنا ييكورشينكوفا لا يُعد جهدًا شخصيًا فحسب، بل هو أيضًا رسالة دبلوماسية ثقافية تمثل أحد أوجه العلاقات المشرقة بين مملكة البحرين وروسيا الاتحادية. وهي تسعى إلى ترك إرث نابض بالجمال والتسامح، إرث يخلّدها كصاحبة رؤية إنسانية حملت على عاتقها نشر السعادة بين الشعوب، وجعل الفن والحوار جسرًا للتواصل بين الأمم.
إن ما تقوم به السيدة آنا في. ييكورشينكوفا لا يُعد فقط جهدًا شخصيًا، بل هو رسالة دبلوماسية ثقافية تمثل وجهًا مضيئًا من العلاقات بين مملكة البحرين وروسيا الاتحادية. وهي تسعى إلى أن تترك خلفها إرثًا نابضًا بالجمال والتسامح، إرثًا يخلّدها كصاحبة رؤية إنسانية حملت على عاتقها نشر السعادة بين الشعوب، وتكريس لغة الفن والحوار كجسر بين الأمم.
هذا الموضوع من مدونات القراء
ترحب “البلاد” بمساهماتكم البناءة، بما في ذلك المقالات والتقارير وغيرها من المواد الصحفية للمشاركة تواصل معنا على: [email protected]
