عبدالرحيم عبدالباري
“صحة المواطن بين التوعية والمساءلة: وزارة الصحة تغلق عيادة تجميل غير مرخصة: حملة جديدة لحماية المرضى”
في خضم الجهود المبذولة لضمان صحة وسلامة المواطنين، لا تزال وزارة الصحة والسكان تؤكد التزامها الراسخ بتكثيف الرقابة على المنشآت الطبية الخاصة. وجاء أحدث هذه الجهود بإغلاق عيادة For Ever Young للتجميل وزراعة الشعر الصناعي بمنطقة العجوزة بمحافظة الجيزة، بعد ثبوت مخالفات جسيمة تتعلق بعدم الترخيص والانتحال المهني، ما يسلط الضوء مجددًا على خطورة تجاوز القوانين في المجال الطبي، وضرورة توعية المواطنين بكيفية التحقق من مصادر الخدمة الصحية.
حيث أعلنت وزارة الصحة والسكان في بيان رسميً لها، إغلاق العيادة المخالفة بعد ورود بلاغات متعددة عن شخص يدعى محمد نبيل، يمارس الدعاية الطبية ويدعي أنه طبيب متخصص في الأمراض الجلدية دون وجه حق. ووفقًا لتصريحات المتحدث الرسمي باسم الوزارة، فإن العيادة لم تكن تمتلك ترخيصًا قانونيًا لمزاولة العمل الطبي، وتم العثور داخلها على معدات غير مرخصة وأدوية مجهولة المصدر، ما يشكل تهديدًا مباشرًا لصحة من يترددون عليها.

كما تؤكد هذه الواقعة خطورة تجاهل التشريعات المنظمة لعمل المنشآت الطبية، حيث أن قانون رقم 153 لسنة 2004 يُلزم جميع المؤسسات الصحية بالحصول على تراخيص رسمية وضمان تواجد أطباء مؤهلين ومسجلين لدى الجهات المختصة. ويبدو أن العيادة المذكورة تجاهلت تمامًا هذه الشروط، ما دعا إلى تدخل سريع من إدارة العلاج الحر بوزارة الصحة لإيقاف هذا النشاط غير المشروع حمايةً لأرواح المواطنين.
أكثر ما يثير القلق في هذه الحادثة هو انتحال صفة الطبيب، وهي جريمة يعاقب عليها القانون لما لها من تبعات صحية ونفسية جسيمة على المرضى. محمد نبيل، الذي ظهر في العديد من وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، قدم نفسه كخبير تجميل، بينما لم يملك أدنى المؤهلات الطبية. هذا النمط من الخداع يستوجب مزيدًا من الرقابة على المحتوى الإعلامي والدعائي الذي يروج للخدمات الطبية.

واكد الدكتور “هشام زكي”، رئيس الإدارة المركزية للمؤسسات العلاجية غير الحكوميه، ان وزارة الصحة والسكان، ممثلة في الإدارة المركزية للمؤسسات العلاجية غير الحكومية والتراخيص، قامت بإغلاق وتشميع العيادة للمرة الثانية، بعد أن تم ضبطها سابقًا في نوفمبر 2021 وهي تمارس نفس المخالفات في موقع مختلف. هذه السلوكيات تظهر مدى محاولات التحايل على القوانين، وتفرض على الجهات المعنية تعزيز آليات المتابعة، وملاحقة من يكررون مخالفة القوانين، ولو بتغيير مواقعهم الجغرافية أو مسمياتهم التجارية.
وشدد زكي، على أهمية دور المواطن في مواجهة هذه الظواهر، وذلك من خلال التأكد من ترخيص العيادات قبل الخضوع لأي إجراء طبي أو تجميلي. كما يجب المطالبة برؤية تراخيص الأطباء ومزاولة المهنة، لضمان أن الخدمة المقدمة تستوفي الحد الأدنى من الأمان والكفاءة. هذه الحادثة تمثل جرس إنذار لكل من يغفل عن البحث والتحقق قبل خوض تجربة علاجية قد تكون محفوفة بالمخاطر.

واوضحت “د. امل رشدي” وكيل وزارة الصحه بالجيزة، من المؤكد أن الحملات الرقابية ستستمر، مشددًه على أن صحة المواطن خط أحمر لا يجوز المساس به، ورغم الجهود المبذولة، فإن المسؤولية مشتركة بين الدولة والمجتمع، وتستلزم تعاونًا دائمًا بين الجهات التنظيمية والإعلام والمواطنين لكشف المزيفين والمخالفين. فكل خطوة توعية، وكل بلاغ يُقدَّم، هو بمثابة حماية لحياة إنسان ربما كان ضحية مقبلة لهذا الإهمال أو الخداع.
وحدير بالذكر، ان هذه الحملات التفتيشيه تعكس دور الدولة، وانها ماضية في ضبط المنظومة الطبية وملاحقة المخالفين، إلا أن الوقاية تبدأ من وعي المواطن بحقوقه وبكيفية التحقق من مصادر الخدمة. فبين التوعية والمساءلة، تبقى صحة المواطن فوق كل اعتبار، ومسؤولية جماعية لا مجال فيها للتهاون أو التغاضي.

