بعد 4 أشهر من الفن والجمال وعرض جماليات ثقافة المجتمعات الإسلامية، أعلنت مؤسسة «بينالي الدرعية» عن إسدال الستار على النسخة الثانية من «بينالي الفنون الإسلامية»، التي أقيمت في صالة الحجاج الغربية بمطار الملك عبد العزيز الدولي في جدة.
وبالمناسبة أقيم منتدى ختامي أعلن من خلاله راكان الطوق، مساعد وزير الثقافة، ونائب رئيس مجلس أمناء مؤسسة «بينالي الدرعية»، عن إطلاق عدد من المبادرات التي تهدف إلى استثمار العلاقات الوثيقة التي تربط «البينالي» مع شبكة واسعة من المؤسسات الثقافية حول العالم من خلال معرض «المدار»، أحد أبرز أقسام «البينالي».
وستشمل هذه المبادرات تنظيم مشروعات بحثية مشتركة، وتطوير منصة رقمية لأرشفة التحف والأعمال المعروضة، وعقد مؤتمرات في المملكة العربية السعودية ومختلف أرجاء العالم، بالتعاون مع المؤسسات الشريكة، وذلك بهدف بناء شبكة معرفية متنامية تُعزز من جهود البحث وتبادل الخبرات في مختلف مجالات الفنون الإسلامية.
ويأتي الإعلان ليؤكد نجاح الشراكات مع المؤسسات والمتاحف العالمية التي أثرت قاعات «البينالي» بالقطع النادرة والمهمة؛ حيث احتضنت النسخة الثانية من «البينالي» أكثر من 500 تحفة تاريخية وعمل فني معاصر، تم عرضها في 5 صالات رئيسية، وعدد من المساحات الخارجية، بمساحة إجمالية تزيد على 100 ألف متر مربع، وبمشاركة أكثر من 30 مؤسسة فنية وثقافية من 21 دولة، وأكثر من 30 فناناً معاصراً قدموا 29 عملاً جديداً بتكليف خاص من مؤسسة «بينالي الدرعية».
فريق القيمين
على غرار النسخة الأولى من «بينالي الفنون الإسلامية»، حظيت هذه الدورة بفريق عالمي من المديرين الفنيين، تألف من الدكتور جوليان رابي، والدكتور أمين جعفر، والدكتور عبد الرحمن عزام، إلى جانب الفنان السعودي مهند شونو في منصب القيم الفني لأعمال الفن المعاصر.

وانتظمت قاعات العرض الداخلية مع المساحات الخارجية في قسم «المظلة» في عكس الموضوع الرئيسي لـ«البينالي» «وما بينهما»، التي وردت في عدة مواضع بالقرآن الكريم، مثل قوله تعالى: ﴿اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَٰوَٰتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا﴾. وفسر القيّمون العلاقة بين الآية الكريمة والرؤية الفنية التي ترى الإنسان وسعيه وعمله في ذلك المكان المتوسط؛ إذ لجأت التفسيرات المختلفة للمقدس وعلاقته بالإنسان، والسعي الدائم لفهم جمال وروعة ما أبدعه الخالق عبر أكثر من 500 قطعة أثرية وأعمال فنية معاصرة.

ومن أهم القطع التي عرضها قسم «البداية» وجذبت الزوّار هي كسوة الكعبة المشرفة التي عرضت للمرة الأولى مكتملة خارج مكة المكرمة، إلى جانب مجموعة نادرة من التحف الإسلامية من مكة المكرمة والمدينة المنورة.
المصلى داخل وخارج «البينالي»
شكّل العمل الفائز بجائزة المصلى، من تصميم تحالف تقوده استوديو «إيست» للهندسة المعمارية، عنصراً محورياً في المساحة الخارجية للمعرض؛ حيث استُخدمت في بنائه بقايا أشجار النخيل المحلية، واستُلهم تصميمه من الفنون التقليدية لحياكة النسيج. وقد عُرضت أجزاء كاملة من هذا العمل في معرض بعنوان «عابر متجذّر»، أقيم بالتزامن مع الدورة التاسعة عشرة من المعرض الدولي للعمارة «بينالي البندقية»، ما أبرز مرونة التصميم، وقابليته للتفكيك وإعادة التركيب والاستخدام المتكرر.

ورش العمل والندوات
وكان لـ«البينالي» أثره الواضح على المشهد الثقافي في جدة؛ حيث شهد تنظيم العديد من الزيارات المدرسية، وإسهام كثير من الشركات المحلية في تفعيل المساحات المشتركة، خصوصاً خلال شهر رمضان المبارك. وشهد البرنامج الثقافي لهذا العام إطلاق النسخة الأولى من منتدى «طُرُق: نكهات ومسارات»، الذي وفَّر مساحة لاستكشاف التنوع الثقافي الغني في فنون الطهي وتاريخ تنقلها بين مختلف المجتمعات والثقافات في العالم العربي وخارجه، إضافة إلى النسخة الافتتاحية من معرض «MADE»، الذي جمع مصممين من مختلف أنحاء العالم، وقدّم حوارات مشوقة حول الاتجاهات المعاصرة في عالم التصميم، إضافة إلى تقاطعاتها مع التراث الفني الإسلامي.

وقد استقبل البرنامج التعليمي لـ«البينالي» أكثر من 23110 من طلاب وطالبات المدارس، في حين شارك 15021 زائراً في أكثر من 446 برنامجاً ثقافياً، التي شملت جولات فنية، وجلسات حوارية، ومنتديات، وورش عمل اجتماعية.
من جانبها، أكدت آية البكري، الرئيس التنفيذي لمؤسسة «بينالي الدرعية»، أن النسخة الثانية من «بينالي الفنون الإسلامية» تجاوزت التوقعات من حيث الحجم والتأثير. كما بيّنت أن مشاركة العديد من المؤسسات الثقافية البارزة حول العالم، والأعمال الفنية المميزة التي قدمها الفنانون المشاركون، إضافة إلى كل ما قدمه فريق المديرين الفنيين، كانت كلها عوامل مؤثرة في تسليط الضوء على الثراء والتنوع الكبير الذي يميز تراثنا الفني الإسلامي.
كما أضافت: «نحن فخورون باستقبالنا جمهوراً واسعاً ومتنوعاً من محبي الفن والثقافة، بدءاً من طلاب المدارس في المملكة، ووصولاً إلى الخبراء العالميين وغيرهم الكثير».