عبدالرحيم عبدالباري
“حسام صلاح” … “قصر العيني في قلب الثورة الطبية: نحو مجتمع طبي مبتكر برؤية مصر 2030”
في أجواء علمية مفعمة بالحماس والطموح، نظّمت كلية الطب قصر العيني بجامعة القاهرة مؤتمرها العلمي السنوي تحت شعار “نحو مجتمع طبي مبتكر”، ليجدد هذا الصرح العريق العهد برؤية الدولة المصرية 2030 نحو تطوير القطاع الصحي، والارتقاء بالخدمة الطبية والتعليم الطبي في آنٍ واحد. المؤتمر الذي شهد حضور نخبة من كبار المسؤولين في الدولة، من بينهم نائب رئيس مجلس الوزراء، ووزير التعليم العالي، ورئيس جامعة القاهرة، وعدد من القيادات التنفيذية والأكاديمية، مثّل منصة متكاملة لاستعراض الإنجازات، ومناقشة خطط تطوير البنية التحتية والموارد البشرية، وتعزيز الابتكار والبحث العلمي في المجال الطبي.
صرح الاستاذ الدكتور حسام صلاح عميد كلية الطب جامعة القاهره، يُعدّ قصر العيني من أقدم وأعرق المؤسسات الطبية في مصر والشرق الأوسط، حيث شكّل منذ نشأته نواة للعلم والابتكار الطبي. وعلى مدى العقود، لم يكن مجرد مستشفى أو كلية، بل كان بمثابة مدرسة حياة تتوارث فيها الأجيال روح التفاني في خدمة الوطن. جينات هذا الصرح العريق مغروسة في ذاكرة المصريين كمصدر للثقة والعلم، واليوم يواصل رسالته بالتجديد والتطوير لمواكبة المتغيرات العالمية، وإعداد أجيال قادرة على التحدي والابتكار في شتى المجالات الطبية.
واضاف صلاح، عكس الحضور الكبير من قيادات الدولة أهمية المؤتمر، ومدى الاهتمام الرسمي بتطوير المنظومة الصحية في مصر. مشاركة نائب رئيس مجلس الوزراء، ووزير التعليم العالي، ورئيس جامعة القاهرة، والسادة نواب رئيس الجامعة، وعميد كلية الطب، جاءت لتؤكد أن دعم التعليم الطبي والبحث العلمي يُعد أولوية قومية، وأن كلية الطب قصر العيني تقف في طليعة هذا المشروع الوطني الذي يستهدف الارتقاء بالخدمات الطبية والبحثية على مستوى الجمهورية.
كما تناول المؤتمر دور التكنولوجيا الحديثة في تطوير نظم العمل داخل قصر العيني، حيث تمت مناقشة العديد من المبادرات التي تهدف إلى رقمنة الملفات الطبية، وتطوير أنظمة الإدارة الذكية، وتدريب الكوادر الطبية على استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي والبرمجيات المتقدمة. هذا التوجه يسهم في تحسين جودة الرعاية الصحية، وتقليل الأخطاء الطبية، وتسريع عملية التشخيص والعلاج، بما يضع مصر في مصاف الدول الرائدة طبياً في المستقبل القريب.
واوضح صلاح، تتجاوز رسالة كلية الطب قصر العيني مجرد تقديم خدمة طبية للمرضى، بل تعتبر ذلك واجباً وطنياً مقدساً، فمن خلال مستشفياتها ومراكزها البحثية، تقدم الكلية خدمات صحية لملايين المواطنين سنويًا، وتعتبر مركزًا تدريبياً وتعليميًا لأجيال من الأطباء والممرضين والفنيين. إن شعور الانتماء الذي يحمله القائمون على المؤسسة يجعلهم أكثر التزامًا بتقديم خدمة إنسانية متكاملة تعكس القيم المصرية الأصيلة.
كما سلط صلاح، الضوء على أهمية دمج البحث العلمي والمشروعات الابتكارية في المناهج المقررة على الطلاب.، فإعداد الطبيب المصري لم يعد يقتصر على الدراسة النظرية، بل أصبح يشمل مهارات البحث، والقدرة على الابتكار، وحل المشكلات. هذه النقلة النوعية في المناهج التعليمية تُعد جزءًا من الرؤية الاستراتيجية لتخريج أطباء قادرين على المنافسة دوليًا، وعلى قيادة التغيير في مؤسساتهم الصحية مستقبلاً.
حيث أكد المشاركون في المؤتمر على أن الموارد البشرية هي حجر الأساس في أي نهضة طبية. لذا، فإن الأهداف الاستراتيجية لكلية الطب تشمل تنمية الكفاءات، وتحقيق المساواة بين العاملين، وضمان بيئة عمل تحفز على الإبداع والتميز. كما أُعلن عن برامج تدريبية مستدامة تستهدف جميع الفئات من أطباء وهيئة تمريض وفنيين، وذلك لضمان استمرارية جودة الخدمة وتحقيق رؤية شاملة للتنمية البشرية.
كما ناقش صلاح، أهمية تطبيق معايير السلامة والصحة المهنية داخل مستشفيات قصر العيني، والتأكيد على أن بيئة العمل الآمنة هي عنصر أساسي في تقديم خدمة صحية متميزة. كما تم استعراض تطوير البنية التحتية للمستشفيات وتحديث الأجهزة الطبية وفق أحدث المواصفات العالمية، بهدف رفع كفاءة المستشفيات وضمان سلامة المرضى والعاملين.
كما اشاد صلاح، بدور المبادرات الهامه لصحة المواطنين، ومن أبرز المبادرات التي تم الإعلان عنها خلال المؤتمر، مبادرة “قصر عيني واحد” ومبادرة “القصر العيني٢”، وهما مثالان حيّان على المسؤولية المجتمعية التي تتبناها الكلية، هذه المبادرات تهدف إلى دعم المناطق الأكثر احتياجًا، ونشر ثقافة الوعي الصحي، وتقديم خدمات مجانية للمواطنين، وهو ما يرسخ مكانة قصر العيني كفاعل رئيسي في تنمية المجتمع وليس فقط مؤسسة طبية.
وأولى صلاح، اهتمامًا خاصًا بتطبيق قواعد الحوكمة داخل المؤسسة، والتي تُعد من أهم أدوات التنظيم المؤسسي. تم التأكيد على أن الحوكمة تضمن وضوح الأدوار والمسؤوليات لجميع العاملين، وتعزز مناخ الشفافية والمساءلة، مما يؤدي إلى تحسين كفاءة الأداء، وتوفير بيئة تعليمية وإدارية أكثر تنظيمًا وعدالة.
كما أُعلن حسام صلاح، خلال المؤتمر عن إنشاء هيكل تنظيمي جديد لتطوير المناهج التعليمية، بما يضمن تجربة تعليمية تفاعلية ومتميزة، يشمل هذا التوجه إدارة وتطوير 18 مستشفى ومركزا تابعه للكلية، مع تطبيق معايير تقييم الجودة الأكاديمية والطبية، وفق مؤشرات معتمدة محليًا ودوليًا، وذلك لقياس الأداء وضمان تحسينه المستمر.
وأضاف حسام صلاح انه تم توقيع اتفاقيات شراكة مع مؤسسات طبية وأكاديمية محلية ودولية، لتبادل الخبرات وتطوير التدريب الطبي. كما تم الإعلان عن إنشاء وحدة لتطوير التطبيقات الذكية خلال الفتره الماضيه في المجال الصحي، والحصول على اعتمادات دولية تؤكد جودة البرامج التعليمية، مما يعزز مكانة الكلية كمركز عالمي للتميز الطبي.
عرض حسام صلاح، عددًا من الإنجازات الفريدة مثل إنشاء أول مسار طبي باللغة الفرنسية في مصر، ونجاح زراعة النخاع للأطفال، واستخدام الذكاء الاصطناعي في صحة المرأة، والاعتماد على الروبوتات في إجراء جراحات دقيقة مثل المسالك البولية للأطفال، كما تم الإعلان عن انضمام لجنة أخلاقيات البحوث بكلية الطب إلى اللجنة العليا بمجلس الوزراء، وهو ما يعكس مدى التزام الكلية بأعلى المعايير الأخلاقية والعلمية.
اختتم المؤتمر العلمي السنوي لكلية الطب قصر العيني فعالياته بإجماع من المشاركين على أن الطريق إلى المستقبل يمر عبر قصر العيني، فهو ليس مجرد صرح طبي، بل هو قلب ينبض بالعلم، والإبداع، والانتماء. وبقياداته المستنيرة، وكوادره الشابة، ومشاريعه الطموحة، يواصل قصر العيني أداء رسالته التاريخية بكل شغف ومسؤولية، واضعًا نصب عينيه هدفًا واحدًا: بناء مجتمع طبي مبتكر يليق بمصر وريادتها.