يعدّ الغاز الحيوي في أفريقيا فرصة حقيقة لتحقيق أمن الطاقة وخفض الانبعاثات، بفضل إمكاناته الهائلة الكامنة في المخلّفات الزراعية والنفايات.
فرغم أن الطلب الحالي ما يزال منخفضًا، فإن الإمكانات غير المستغلة تبعث على التفاؤل، وقد تُغير قواعد اللعبة في قطاع الطاقة.
وتشير أحدث التقديرات، التي اطّلعت عليها وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن)، إلى أن الإمكانات الحالية لإنتاج الغاز الحيوي في أفريقيا تصل إلى 120 مليار متر مكعب مكافئ من الغاز الطبيعي سنويًا، وهو ما يعادل 65% من إجمالي الطلب على الغاز الطبيعي في القارة السمراء.
وقد برزت بلدان، مثل إثيوبيا وكينيا وجنوب أفريقيا، في مقدمة الدول التي طورت مشروعات رائدة، خاصة في المناطق الريفية، إلى جانب تبنّي سياسات تُمهّد لتعزيز نمو القطاع.
وتُقدَّر إمكانات الإنتاج الحالية المستدامة للغاز الحيوي بنحو تريليون متر مكعب سنويًا، مع توقعات بارتفاعها إلى نحو 1.4 تريليون متر مكعب بحلول 2050.
إمكانات الغاز الحيوي في أفريقيا
بحسب التقرير الصادر عن وكالة الطاقة الدولية، تمتد إمكانات الغاز الحيوي في أفريقيا لتشمل مخلفات الحبوب والبذور ومخلفات محاصيل السكر والجذور والنفايات العضوية وحتى الكتلة الحيوية الخشبية.
وأشار التقرير إلى أن أكبر مصادر الغاز الحيوي في القارة تأتي من مخلفات الحبوب والبذور، التي تمثّل 37 مليار متر مكعب مكافئ للغاز الطبيعي، تليها مخلفات الحيوانات بـ28 مليارًا.
وتشكّل الجذور والدرنات 26 مليار متر مكعب مكافئ، في حين تُقدَّر النفايات العضوية بنحو 18 مليارًا، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
بالإضافة إلى الكتلة الحيوية الخشبية التي تبلغ 10 مليارات متر مكعب، تشكّل مخلفات محاصيل السكر (ملياري متر مكعب) والزيوت والبروتينيات (مليار متر مكعب) نسبًا ضئيلة، لكنها ذات أهمية.
وعلى صعيد الدول، تمتلك نيجيريا أكبر إمكانات لإنتاج الغاز الحيوي في القارة، يأتي معظمها من مخلفات المحاصيل، وتضم القائمة بالترتيب:
نيجيريا. جنوب أفريقيا. إثيوبيا. الكونغو الديمقراطية. أوغندا. تنزانيا. مصر.
من جهة أخرى، ما يزال الطلب على الغاز الحيوي في أفريقيا متواضعًا، ولا يتناسب مع حجم الموارد المتوفرة.
وخلال عام 2023، بلغ الطلب على الغاز الحيوي في القارة نحو 0.1 مليار متر مكعب مكافئ، بينما لم يتجاوز الطلب على الميثان الحيوي 0.02 مليار متر مكعب مكافئ.
تحديات تواجه الغاز الحيوي في أفريقيا
يعدّ الغاز الحيوي في أفريقيا مصدرًا مهمًا للطاقة المتجددة، يسهم في مواجهة نقص الكهرباء والحدّ من إزالة الغابات، وتعزيز إدارة النفايات.
وتعتمد بعض الدول، مثل إثيوبيا وكينيا ورواندا وجنوب أفريقيا، على تحوّل المخلفات الزراعية والحيوانية إلى مصادر نظيفة لاستعمالها بالطهي وتوليد الكهرباء محليًا في المناطق الريفية.
وفي إطار دعم القطاع، أسهمت التمويلات التنموية في تعزيز إنتاج الغاز الحيوي، حيث نجح برنامج شراكة الغاز الحيوي الأفريقي (ABPP) في بناء أكثر من 65 ألف وحدة صغيرة بين 2009 و2019 في 5 دول رئيسة، هي بوركينا فاسو وإثيوبيا وكينيا وتنزانيا وأوغندا، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
ورغم هذه الإنجازات، تواجه القارة تحديات حقيقية تتمثل في التكاليف الأولية المرتفعة، ونقص الخبرات الفنية، وضعف البنية التحتية اللازمة لتوسيع نطاق استعمال الغاز الحيوي.
سياسات داعمة لقطاع الغاز الحيوي في أفريقيا
في الوقت نفسه، يشهد العديد من الدول تحولات في سياسات الطاقة لتعزيز استعمال الغاز الحيوي في أفريقيا، كونه بديلًا نظيفًا.
في مصر -على سبيل المثال- صدر قرار عام 2019 لتحديد تعرفة تغذية تصل إلى 1.4 جنيه مصري (0.028 دولارًا) لكل كيلوواط/ساعة من الغاز الحيوي الناتج عن مكبات النفايات، و1.03 جنيهًا (0.02 دولارًا) لكل كيلوواط/ساعة لإنتاج الكهرباء من الحمأة الناتجة عن محطات معالجة مياه الصرف الصحي.
بينما أدرجت غانا الغاز الحيوي ضمن سياساتها الوطنية منذ 2016، مع تعرفة تغذية تصل إلى 0.045 دولارًا لكل كيلوواط/ساعة، إلى جانب اعتماد نيجيريا هدف تعزيز تحويل النفايات إلى طاقة ضمن سياسة الطاقة الوطنية 2022.
وفي عام 2023، حددت كينيا هدفًا يتمثل في أن تصل حصة الغاز الحيوي في الطهي النظيف إلى 3% بحلول 2028، كما تتجه رواندا نحو الانتقال إلى الوقود النظيف بحلول 2035، بدعم حكومي لتعزيز التقنيات الحديثة.
بالإضافة إلى ذلك، سيغطي الغاز الحيوي في السنغال نحو 3% من الطلب المحلي على الوقود بحلول 2030، بينما تستهدف جنوب أفريقيا تحويل 70% من النفايات بعيدًا عن المكبات بحلول 2035 ضمن إستراتيجية الاقتصاد الدائري.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصدر..
الغاز الحيوي في أفريقيا من وكالة الطاقة الدولية
