المالوف ليست في خطر، ولكن يُفترض بنا أحيانًا، نحن كفنانين، أن نقوم بتجارب نمزج فيها هذه الموسيقى مع بعض الأنماط الموسيقية الأخرى، وذلك بغرض التعريف بها وجعلها موسيقى عالمية، ولا تبقى حكرًا علينا في الجزائر، ولا تُسمع فقط من قِبل فئة معينة من الناس. إذ يجب العمل على الدفع بالموسيقى الكلاسيكية الجزائرية الأندلسية إلى أبعد مدى وجعلها موسيقى عالمية. ولكي نجعلها كذلك، يُفترض بنا أحيانًا أن نقوم بتجارب مع فنانين، من أجل لفت انتباه المستمعين في كل أنحاء العالم إلى هذه الموسيقى، إلى كلماتها، إلى شعرها. وهذا ما يدفعنا إلى إخراج هذه الموسيقى من القوقعة التي تحصرها في فئة معينة من الناس. وهذا لا يمنع أن نظل دائمًا متشبثين بأصالتها.
ما مدى حضور هذا الفن في المسابقات والمهرجانات، أو المشهد الموسيقي الوطني بصفة عامة؟
منذ عدّة سنوات، والحمد لله، خاصة في السنوات الأخيرة، أصبحت المهرجانات يحضرها الجمهور، ويشارك فيها أكبر عدد من الجمعيات الموجودة في الجزائر. ويعود الفضل في ذلك إلى كل ما تقوم به وزارة الثقافة من نشاط، ومن تكريس لهذه المهرجانات وهذا الفن، وكذلك يعود الفضل إلى نشاط الجمعيات الموسيقية التي تعمل على تلقين هذه الموسيقى في مختلف مناطق الجزائر، وخاصة في المدن الكبرى التي يوجد فيها هذا النوع من الموسيقى.
ما هو دور الإعلام ووزارة الثقافة في دعم هذا اللون الموسيقي؟ وهل البرامج الموجهة للشباب تروج له بالشكل الكافي؟
سبق وأن تحدثت عن المهرجانات الثقافية التي رسختها وزارة الثقافة منذ عدّة سنوات فيما يخص الموسيقى الأندلسية الكلاسيكية الجزائرية في مختلف المدن، سواء في قسنطينة من خلال المهرجان الوطني للمالوف، والمهرجان الدولي “صنعة”، إضافة إلى مهرجان الموسيقى الأندلسية في تلمسان، ومهرجان “الحوزي”، وعلى غرار ذلك مهرجان البليدة. فكل هذه المهرجانات التي تنظمها وزارة الثقافة منذ عدّة سنوات ساهمت كثيرًا في بروز عدّة أصوات، كما ساهمت في جذب الشباب نحو هذه الموسيقى، من خلال النشاطات التي تقام ضمن الجمعيات الثقافية التي تعنى بهذا اللون من الموسيقى. وقد كان للمهرجانات دور كبير في هذا الجانب، إلى جانب الجمعيات الموسيقية التي تشجعها وزارة الثقافة والدولة الجزائرية. كما لا ننسى دور البلديات والنشاطات التي يقوم بها المجتمع المدني من خلال الجمعيات الثقافية، فكل هذا يُعدّ دورًا كبيرًا قامت به الدولة في نشر هذا اللون الموسيقي والمحافظة عليه، ومرافقة الشباب في تعلمه.
كيف ترون مستقبل المالوف في الجزائر؟ وهل أنتم متفائلون بما يقدمه الجيل الجديد؟
المالوف بخير في الجزائر، وما يزال ينبض بالحياة من خلال أصوات شابة وواعدة، حاملة لمشعل هذا الفن العريق، ومكملة لمسيرة الشيوخ الذين أخلصوا لهذا التراث وتركوا لنا رصيدًا غنيًا نعتز به. هذه الأصوات، التي نُعوّل عليها كثيرًا، تواصل أداء دورها في صون المالوف والارتقاء به، ليس فقط داخل الوطن، بل أيضًا خارجه. نحن نعمل بكل جدية من أجل المحافظة على هذا اللون الموسيقي، ونعمل على الترويج له في مختلف المحافل الدولية، من خلال الجولات الفنية والحفلات التي نقيمها في العديد من المدن العالمية، على غرار باريس وتونس وسوريا وإسبانيا، وغيرها من العواصم التي نستحضر فيها روح المالوف، ونعكس من خلالها غنى التراث الجزائري الأصيل.
كيف تقيّمون مشاركة الشباب اليوم في المدارس والجمعيات التي تُعنى بالموسيقى الأندلسية؟
لا يمكن إنكار الدور الفعّال الذي يضطلع به الشباب والجمعيات الثقافية في الحفاظ على الموسيقى الأندلسية والترويج لها، إذ يشكّلون اليوم العمود الفقري للحركية الجمعوية في هذا المجال. ففي مختلف المدن الجزائرية، لا سيما تلك التي تُعدّ مراكز تاريخية لهذا الفن، نلحظ جهودًا جبارة تُبذل لإحياء هذا التراث، سواء من خلال تنظيم التظاهرات والمهرجانات، أو عبر إنشاء مدارس موسيقية تُعنى بتكوين جيل جديد من العازفين والمنشدين. هذه المبادرات، وإن كانت في الغالب ذات طابع محلي ومحدود الموارد، تُعدّ ركيزة أساسية في صون الذاكرة الفنية الجماعية، وتؤكد أن الاهتمام بالموسيقى الأندلسية لم يندثر، بل وجد نفسًا جديدًا في قلوب شباب شغوف بها.
أخيراً، ما الرسالة التي تودّون توجيهها للشباب الجزائري بخصوص التراث الموسيقي الأصيل، خاصة المالوف؟
ينبغي على الشباب أن يهتم بالتراث الموسيقي الكلاسيكي الجزائري ويتعلّمه، ويحاول أن يبحث عنه. ومن المؤسف، أن هناك بعض الشباب لا يستمعون إلى الموسيقى الكلاسيكية الجزائرية، ويهتمون بدلًا من ذلك بالموسيقى السطحية والموسيقى التي لا تمثّلهم، ويبتعدون عن الموسيقى الكلاسيكية الأندلسية الجزائرية.