ينتاب الجمهور البريطاني الهوس برياضة التنس لمدة أسبوعين قصيرين كل عام، إذ يفتشون بشكل يائس عن لاعب محلي ليدعموه لتحقيق المجد على ملاعب «ويمبلدون» العشبية، وسيكون جاك دريبر هذا العام هو البطل المأمول.
وعلى مدى عقود، كان بقاء أي لاعب بريطاني حتى الأسبوع الثاني من منافسات الفردي سبباً للاحتفال.
وجاءت محاولات تيم هينمان المتعددة ببلوغ ما قبل النهائي قبل أن يصبح آندي موراي بطلاً وطنياً، بعد أن أنهى صياماً لبلاده استمر 77 عاماً، لتتويج أحد الأبطال الرجال بفوزه باللقب في 2013، قبل تكراره هذا الإنجاز بعد 3 سنوات.
وبلغت جوانا كونتا الدور ما قبل النهائي في 2017، مثلما فعل كاميرون نوري في 2022. وانتصار إيما رادوكانو المذهل، بوصفها لاعبة صاعدة، بالتصفيات ببطولة أميركا المفتوحة عام 2021 يعني أنها الآن مثقلة بمحاولة أن تصبح أول لاعبة بريطانية تفوز بلقب السيدات منذ فيرجينيا ويد في 1977.
واعتزل موراي الآن، وسيقام تمثال له في «نادي عموم إنجلترا». ولكن في الوقت المناسب، ظهر دريبر على الساحة ويبدو قادراً على حمل آمال بلاده على كتفيه.
لم يفز دريبر (23 عاماً) سوى بمباراتين في 3 مشاركات سابقة في «ويمبلدون». لكن الأشهر الـ12 الماضية شهدت تطوره من لاعب يعدّ ضعيفاً جسدياً إلى لاعب شرس يمتلك أدوات تمكنه من تحدي الأفضل.
وأنهى دريبر العام الماضي في المركز الـ15 عالمياً بعد مسيرة رائعة إلى الدور ما قبل النهائي في «أميركا المفتوحة»، لكنه كان متعطشاً بوضوح للوصول إلى مستوى أعلى، وبعد فوزه بأكبر لقب بمسيرته في «إنديان ويلز» ووصوله إلى النهائي في «مدريد»، يصل اللاعب الأعسر إلى «ويمبلدون» بوصفه المصنف الرابع.
ويتمتع دريبر بإرسال قوي وضربات أمامية هائلة يشبهها البعض بضربات رافاييل نادال، وبنية جسدية متطورة بشكل كبير؛ لذا فالصخب المحيط باللاعب المولود في لندن ليس غريباً.
وقال جون ماكنرو، بطل «ويمبلدون» 3 مرات، لـ«رويترز» الشهر الماضي: «لا يسعني إلا أن أقول إنه أصبح لاعباً هائلاً للغاية. يُشكل تهديداً لأي منافس في هذه المرحلة. من المؤكد أنه سيكون من أبرز المرشحين للفوز في (ويمبلدون)، وسيكون من الصعب للغاية هزيمته».
اختبر دريبر توقعات الجماهير العالية الأسبوع الماضي في بطولة «كوينز» عندما وصل إلى الدور ما قبل النهائي قبل أن يخسر أمام التشيكي الخطير ييري ليهيتشكا.
وستتسلط الأضواء عليه لأبعد مدى عندما يبدأ رحلته في «ويمبلدون» الأسبوع المقبل بوصفه اللاعب البريطاني الأعلى تصنيفاً في البطولة منذ 2017.
وسيتصدر دريبر عناوين الأخبار وستلاحق عدسات الكاميرات كل تحركاته.
وقد يكون التعامل مع هذا الضغط صعباً مثل محاولة إطاحة الإسباني كارلوس ألكاراس.
وسبق لدريبر التحدث عن شعوره بالتوتر الشديد، بل وحتى التقيؤ، في الملعب. وقد ساعده اختصاصي بشكل كبير في التغلب على هذه المشكلات، ويبدو في قمة مستواه، مع أن الخطوة التالية ستكون شاقة.
ويعلم موراي جيداً ما يمكن لدريبر تحقيقه خلال الأسبوعين المقبلين، لكنه واثق بأن خليفته مستعد لذلك.
وقال موراي إن تنس الرجال في بريطانيا في أيد أمينة، وتوقع أن يتعامل دريبر مع الضغط الإضافي بعد فوزه في «إنديان ويلز» خلال مارس (آذار) الماضي وتقدمه في التصنيف العالمي ليحتل المركز الرابع.
وقال موراي: «سيكون الأمر مختلفاً بعض الشيء هذا العام… لكنه سيتعامل مع الأمر بشكل جيد». وأضاف: «لعب في أجواء صعبة وتحت ضغط كبير سابقاً. أثق بأنه سيتعامل جيداً مع هذه الأمور».
ويبدو أن دريبر مستعد لهذا التحدي. وقال في بطولة «كوينز»: «سأذهب إلى (ويمبلدون) بمشاعر رائعة وثقة كبيرة بالنفس. سأعود للبطولة وأنا في مكانة أردتها منذ طفولتي».

