زوزو ماضي دفعت ثمن الفن قطيعة ودموع.. السينما مقابل العائلة
بعد أن فقدت خمسة أبناء متتاليين، عاشت والدة زوزو ماضي سنوات من الألم واليأس، تدور بين المشايخ والكنائس طلبًا للأمل، حتى توقفت تمامًا بعد أن شعرت أن الرجاء قد انطفأ، وفي لحظة غير متوقعة، وبعد 16 عامًا من الحرمان، جاء ميلاد «زوزو» ليكون الحدث الأكبر في حياة الأسرة، بحسب مقالها «قصة حياتي» المنشور بمجلة الكواكب فى 20 مارس 1953.
أميرة في بيتها.. ودموع في أول يوم مدرسة
نشأت زوزو ماضي مدللة بشكل استثنائي، كل طلباتها مُجابة، تُعامل كأميرة لا تُمس، لكن عند سن الرابعة، عرفت أولى الدموع في حياتها حين التحقت بمدرسة الفرنسيسكان ببني سويف، حيث انفجرت بالبكاء خوفًا من العالم الخارجي الذي لم تعتده، بعد أن نشأت في عزلة خوفا عليها.
الشيخ بكيش.. أول من لمس موهبتها
وجدت «زوزو» الراحة والتوجيه في شخص واحد الشيخ سليمان بكيش، معلم اللغة العربية، الذي تبنّى موهبتها ودعمها علميًا وإنسانيًا، وبقى مرجعًا لها حتى بعد الزواج.
تحت يديه، أصبحت «أشطر واحدة في العربي وأخيب واحدة في الحساب»، وهو الوصف الذي أكدته في المقال أنه لم يفارقها حتى الكبر.
زواج بالإجبار.. وطلاق بالتمرد
في سن الثانية عشرة، قرر والدها أن الوقت قد حان لتزويجها، واختار لها ابن عمها، رغم رفضها، تم الزواج فرضًا كما كان معتادًا وقتها، ولكنها لم تحتمل الحياة الزوجية، فطلبت الطلاق، وبعد تهديدها بالانتحار، رضخ والدها لرغبتها وفك قيدها من الزواج القسري.
من حلم الطيران إلى صدمة البحر
بعد الطلاق، شعرت «زوزو» بالضياع، لكنها وجدت ضالتها في حلم جديد، أن تصبح طيارة.
تقول زوزو في المقال: «تأثرت بالسيدة لطيفة النادي، أول طيارة مصرية، وبدأت التدريب في مطار ألماظة، لكني تراجعت فجأة عن الحلم بعدما قرأت خبر تحطم طائرة وغرق كل من فيها»، هكذا أُطفئ الحلم قبل أن يكتمل.
لقاء المصير.. حين وقفت أمام أمينة رزق
أخذها والدها يوما لحضور عرض مسرحي لفرقة يوسف وهبي، وهناك تسللت زوزو خلف الكواليس لتلتقي أمينة رزق، كانت لحظة حاسمة؛ احتضنتها «أمينة» وبكت، وعادت «زوزو» إلى بيتها وهي تدرك أن الفن هو طريقها الحقيقي.
على الجانب الآخر أحبّت «زوزو» البيانو عبر المقطوعات الموسيقية التي سمعتها في راديو والدها، وكان ثاني راديو يدخل بني سويف.
أتقنت زوزو ماضي العزف، وبعد انتقال العائلة إلى القاهرة، بدأت تعزف تطوعًا في بعض الإذاعات الأهلية، محاولةً الاقتراب من عالم الفن بكل ما فيه.
حلم السينما يطرق بابها
خلال فترة عزفها في الإذاعة، قرأت زوزو تصريحًا للمخرج محمد كريم يشكو فيه من قلة الفتيات من بنات الأسر الراقية اللواتي يقبلن التمثيل، فقالت لنفسها «لماذا لا أفعلها أنا»، ولم تلبث الفكرة أن تحولت إلى حقيقة حين عرضت عليها بهيجة حافظ العمل في السينما سنة 1936.
حين أخبرت عائلتها برغبتها في التمثيل، قوبلت بالرفض التام، وقرر والدها العودة إلى بني سويف كنوع من الضغط عليها، لكن «زوزو» أصرت على موقفها، فقاطعتها عائلتها، وسقط والدها مريضًا حزنًا، بينما ظلت أمها رافضة مسامحتها حتى قبل وفاتها بأيام قليلة، حيث تصافت القلوب في اللحظات الأخيرة.
شرط محمد كريم: اخسري 12 كيلو
ذهبت «زوزو» إلى استوديو مصر لتقابل المخرج محمد كريم الذي كان يجهز لفيلم «يحيا الحب» عام 1938، وقال لها بعد أن نظر إليها: «نجربك، بس لازم تخسي 12 كيلو». وبعزيمة لا تلين، خسرت زوزو 16 كيلو بالفعل، وشاركت في أول أدوارها السينمائية كأخت محمد عبدالوهاب.
قرار التوبة
بعد الفيلم، قررت زوزو أن تتوب عن السينما التي كانت سببًا في قطيعة الأسرة، لكنها لم تستطع البقاء بعيدًا، خصوصا بعدما علمت أن والدها، رغم الغضب، كان يرسل لها المساعدات سرًا عبر الخدم.
الفقر يحاصرها.. والفن يعيدها من جديد
تدهورت حالتها المادية، وبدأت تبيع ما ترسله العائلة، وعندما اشتدّ بها الحال، عادت زوزو بنفسها إلى استوديو مصر وحكت قصتها لحسني نجيب، الذي قال لها: «يا ما اتحايلنا عليكي لغاية ما جيتي دلوقتي برجليكي»، فأعطاها دورًا في فيلم الذلة الكبرى، حيث تألقت مجددًا.
ونجحت «زوزو» في أداء دور الزوجة المتسلطة لزوجة حسين رياض في الفيلم، واستطاعت من خلاله لفت الأنظار، لتبدأ رحلتها الحقيقية في عالم الفن، وتصبح واحدة من أبرز نجمات السينما المصرية في الثلاثينيات والأربعينيات.