2025-07-03T13:03:50+00:00
font
Enable Reading Mode
A-
A
A+
شفق نيوز – بغداد/ ترجمة خاصة
ذكرت “صحيفة الفن” المتخصصة بالشؤون الفنية والثقافية، ان العراق يشهد ازدهارا للمشهد الفني، بدفع من النمو الاقتصادي وتحسن الأوضاع الأمنية، حيث بدأ الفنانون الذين فروا من العراق خلال سنوات العنف، بالعودة للعمل على مشاريع جديدة، بينما بدأ المشرفون على المعارض الفنية، خصوصاً من المنطقة العربية، يقومون بجولات داخل البلد لاكتشاف المشهد الفني فيه.
ونقلت “صحيفة الفن” التي تتمركز في نيويورك ولندن، عن هيلا مويس، هي شريكة مؤسسة لمنصة “تركيب” الفنية في بغداد، مشيرة الى تظاهرات 2019 المناهضة للفساد، قولها إن هذه “الاحتجاجات كانت نقطة تحول، وخصوصا بالنسبة للشابات اللواتي خرجن الى الشوارع جنبا الى جنب مع الجميع. ونظرا لأن جائحة كوفيد جاءت بعد ذلك مباشرة، فإننا لم نشاهد آثار تلك الثورة سوى الآن، لكنها تمثل تحولا على مستوى الجيل”.
وبحسب التقرير، الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، فإن مويس أسست “تركيب” منذ 10 سنوات مع مجموعة من الفنانين من بينهم زيد سعد وأكرم عصام، وهما يتوليان حاليا منصب المديرين المشاركين، مشيراً إلى أن “تركيب” أصبحت مساحة أساسية للفن النقدي، حيث تقدم ورش عمل ومعارض، مثل برنامج “نزهة بغداد” الفني، بالإضافة الى مهرجانها السنوي للفن المعاصر.
كما أشار التقرير إلى أن الفنان واثق العامري، المقيم في زيورخ، أسس في العام الماضي، مشروع “فن الأداء في بابل”، ودعا 16 فناناً إلى مزرعة اشتراها في منطقة بابل للعمل والعرض معا لمدة 10 أيام، لافتاً إلى أن الفنانين الدوليين امتنعوا عن الحضور بسبب القتال بين إيران وإسرائيل، أما بالنسبة للفنانين المحليين، فكانت الفرصة للعمل في فن الأداء بمثابة نجاح كبير.
ونقل التقرير عن العامري قوله إن “العراقيين عطشى للفن الجديد، وكانت هذه المرة الأولى التي يتمكن فيها فنانو الأداء من العمل معا وتبادل الأفكار داخل العراق، وكانوا سعداء جدا وممتلئين بالأفكار”.
وبحسب العامري، فإن أبرز ما في هذه التجربة، كان الورشة التي نظمها “فن الأداء في بابل” في كلية الفنون الجميلة في جامعة بابل، حيث لا يزال الطالب مجبراً على دراسة الرسم والنحت فقط.
ونقل التقرير عن هلا مويس قولها إنه “لم يتم تطوير مناهج كليات الفنون في العراق منذ 50 عاما، وهم يدرسون التقنيات، لكنهم لا يعلمونك كيف تكون مبدعا. نحن دائما نقول لفنانينا: كونوا شخصين، واحد داخل المدرسة الفنية، وآخر يبدع خارجها”.
واعتبر التقرير الفني أن هذا النظام التعليمي الجامد، يمثل أحد التحديات التي تواجه بغداد، حيث ضعفت البنية التحتية المؤسسية، وتمسك الجيل القديم بمواقع السلطة، ليس فقط في الأكاديميات الفنية، وإنما أيضاً في المعارض التجارية ونقابة الفنانين المؤثرة، خصوصا في اتخاذ القرار حول المعارض في ما يمثل المركز الوطني للفن في بغداد.
وتابع التقرير أنه برغم افتتاح معارض جديدة، بما فيها “ذا غاليري” في منطقة الكرادة الغنية ثقافيا، فإن كثيرين يعتبرون ان برامجها لا تزال عالقة في الماضي، في حين أن المتحف الوطني للفن الحديث، كان تعرض لنهب واسع خلال الغزو الامريكي العام 2003، وهو الان في حالة يرثى لها، إنه برغم استعادة بعض اللوحات، فإنها لا تحظى بالعناية اللازمة، مشيراً إلى أن أحد الزائرين شاهد تسرب المياه من السقف فوق أعمال فنية مهمة في مستودع وزارة الثقافة.
وبحسب التقرير، فإن التحدي الأكبر يتمثل في التمويل، حيث أن الدعم المالي من وزارة الثقافة شبه معدوم، وما يتوفر من تمويل محدود، يذهب إلى نوع من الفن العام الذي يخدم كدعاية، وهو إرث من عهد صدام حسين.
واضاف التقرير أن أنماط التمويل والرعاية الأخرى، فإنها ترتبط بتنازلات سياسية وروابط مع فصائل مختلفة في مجتمع لا يزال يتسم بالطائفية، مشيراً إلى أنه لهذا السبب فإن “تركيب” و”فن الأداء في بابل” ترفض قبول التمويل العام.
وينقل التقرير عن تمارا شلبي، وهي إحدى الشركات في مؤسسة “رؤيا” التي لا تبتغي الربح، والتي تدير معرضا في شارع المتنبي وتشغل منصب المفوضة للجناح العراقي في بينالي البندقية، قولها أن الاستقلال ليس طريقا سهلا، وذلك في اطار وصفها للمعركة المستمرة لجمع التمويل.
وبحسب شلبي فان “بغداد والعراق يقدمان مواد غنية جدا للفنانين المتأملين والحساسين والفضوليين، إلا أن البنية التحتية غير موجودة، ولا يتوفر دعم محلي، ولا يوجد جامعو اعمال فنية، وهناك مقاومة غريبة تجاه عالم الفن المعاصر العالمي، ولهذا فإن هناك مسافة طويلة أمامنا لنقطعها”.
كما نقل التقرير عن الفنان الكوردي وليد سيتي، المقيم في لندن، والذي درس في بغداد، أن إقليم كوردستان يمثل ما قد يكون عليه العراق بعد 10 سنوات من حيث مناهج كليات الفنون، وجودة المعارض، والتبادل الدولي، مشيراً إلى أن الإقليم نجا إلى حد كبير من العنف خلال الحرب الاهلية العراقية، واستفاد لفترة أطول من الوضع السياسي الآمن، إلا أن الإقليم لا يزال يعاني من ارتباط التمويل والرعاية بالأحزاب السياسية.
وأشار التقرير إلى أن مركز مصنع التبغ القديم، الذي جرت محاولة لتحويله إلى مركز فني بمساحة 60 ألف قدم مربع في وسط مدينة السليمانية، نجا من من مخطط لاستيلاء المطورين العقاريين عليه، إلا أنه لم يصبح المركز الفني المستقل الذي كان الكثيرون يأملون به.
وبرغم ذلك، قال التقرير إن مساحات جديدة للفن تظهر ايضا، وتستجيب مع السياق المحلي لتلبية ما ينقص، مشيراً إلى أنه قبل 6 سنوات، كان جامع الاعمال الفنية الشاب شاد عبد الكريم يسعى الى افتتاح متحف خاص لمجموعته في السليمانية، مدينته الأم، إلا أنه أدرك أن السليمانية بحاجة قبل كل شيء إلى مساحات تعزز الاكتفاء الذاتي للمشهد الفني.
ونقل التقرير عن عبد الكريم، قوله “إننا نحاول القيام بشيء غير حزبي وليس مرتبطا أو مدعوما سياسيا نهائيا، وهو أمر صعب جدا”، ولهذا فقد تحول مشروعه للتركيز على كيفية بناء مجتمع مستقل يدعم مساحات مستقلة اخرى، خالية من السياسة ومنظمات المجتمع المدني، إلا أنه تساءل “كيف يمكننا القيام بذلك، بينما لا يزال الفن والثقافة في العراق في وضع وذهنية البقاء؟ لأن معظم الناس في الفن والثقافة هنا، يسعون الى البقاء فقط”.
وأوضح التقرير أن المشروع المعروف باسم “ميراز آرت سبيس”، يحتل الطابقين العلويين من مبنى سينمائي مملوك لوالده عبد الكريم، مشيراً إلى أنه سيعرض فيه جزءاً من أعماله الفنية ويعمل بشكل تجاري، مما سيتيح للفنانين المحليين والإقليميين ببيع أعمالهم، بينما يراهن عبدا لكريم على غرس فكرة الجمع بين النخبة الثرية في البلد.
لكن التقرير ينقل عن سيتي، المقيم في لندن منذ العام 1984 ويعود أحيانا للعمل في إقليم كوردستان، قوله إن هناك حاجة لتغيير في العقلية، حيث إن المشكلة التي يواجهها الفنانون الشباب ليست بنيوية فقط، وإنما وجودية، حيث أنه بينما يزدهر الاقتصاد، لم تصبح الثقافة أولوية حتى الآن.
ويقول سيتي، بحسب ما تنقل “صحيفة الفن” عنه، إنه “بسبب سنوات الحرمان والعنف الطويلة، أصبح الجميع الآن، للأسف، غارقين في الاستهلاكية، وبالنظر إلى أن الآباء كانوا مشاركين في الحروب أو كانوا ضحايا، فهم يدلعون أطفالهم دون وعي”.
وقال سيتي إن “كل شيء جرى بسرعة كبيرة، دون التفكير في العواقب. أنه مثل البساط الذي سحب من تحت أقدامهم”.