ستُعيد روسيا قريبًا إنتاج الدبابات إلى وتيرة تقارب مستويات الحقبة السوفيتية، إذ تخطط لتصنيع أكثر من 3000 دبابة سنويًا من طرازي T-80 وT-90، في خطوة تعكس تصعيدًا كبيرًا في وتيرة الإنتاج العسكري استجابة للمتطلبات المتزايدة على جبهات القتال.
موقع الدفاع العربي – 3 يوليو 2025: يتجه قطاع الصناعات الدفاعية الروسي نحو توسّع كبير في إنتاج دبابات القتال الرئيسية، مع توقعات بأن يبلغ الإنتاج السنوي 1000 دبابة جديدة بحلول منتصف عام 2028، وأن يصل إلى 3000 دبابة بحلول منتصف 2035، بحسب تقييم حديث صادر عن “فريق استخبارات النزاع” (Conflict Intelligence Team). وكانت القوات المسلحة الروسية قد اقتنت، خلال عقد 2010، دبابات بمعدل منخفض جدًا بلغ نحو دبابة واحدة سنويًا، رغم أن وتيرة الإنتاج الكلي بقيت عند أكثر من 80 دبابة سنويًا، معظمها موجّه للتصدير.
غير أن اندلاع الحرب الشاملة بين روسيا وأوكرانيا في فبراير 2022 دفع الصناعة الروسية إلى تسريع وتيرة الإنتاج لتلبية الطلب الداخلي المتزايد، فتمكنت من مضاعفة الإنتاج أكثر من ثلاث مرات خلال عامين فقط، حيث يُقدّر إنتاج عام 2024 بين 280 و300 دبابة. ومن المتوقع استمرار هذا النمو بشكل متصاعد، نظرًا لأهمية تعزيز القوة المدرعة الروسية لتعويض الخسائر على الجبهات، ولمواجهة توسّع القوات الغربية قرب حدود البلاد.
تُعد منشأة “أورالفاغونزافود” (Uralvagonzavod) حاليًا المصنع الوحيد للدبابات في روسيا، وهو أحد المصانع الخمسة التي كانت تعمل في الاتحاد السوفيتي قبيل انهياره، وأحد أكبرها. أما مصنع “أومسكترانسماش” (Omsktransmash) الواقع قرب الحدود مع كازاخستان، فقد أُجبر على إعلان الإفلاس وتوقف عن إنتاج الدبابات مطلع الألفية، فيما مصنع “ماليشيف” (Malyshev) في أوكرانيا، الذي كان يُنتج أعدادًا محدودة من دبابات T-80 المطوّرة، فقد توقف بدوره عن العمل لاحقًا. وكانت وتيرة إنتاج الدبابات في العقد الأخير من عمر الاتحاد السوفيتي تفوق بكثير نظيرتها الحالية، وبلغت – بحسب تقديرات – نحو 4000 دبابة سنويًا، أي أكثر مما كانت تنتجه باقي دول العالم مجتمعة آنذاك.
وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي، فضّلت وزارة الدفاع الروسية دبابة T-72 نظرًا لكلفتها الأقل مقارنةً بـT-80، ما أدى إلى تطوير نسخة T-72BU التي أعيد تسميتها لاحقًا إلى T-90. وتُنتج هذه الأخيرة اليوم في مصنع أورالفاغونزافود بمعدل أعلى من أي دبابة أخرى في العالم، مع توقعات بأن يقترب إنتاج عام 2025 من 400 دبابة، من طراز T-90M المُحسّن.
وتشير التقارير إلى أن الإنتاج الضخم المنتظر لطراز T-90M، والذي قد يبلغ آلاف الوحدات سنويًا، سيُدعم باستئناف إنتاج دبابات T-80 في مصنع أومسكترانسماش، بعد إعلان وسائل الإعلام الرسمية الروسية في سبتمبر 2023 عن بدء التحضيرات لذلك. ومع أن المصنع لم يُنتج أي دبابة T-80 منذ 29 عامًا، إلا أن استئناف تصنيع محركات التوربين الغازي المعقدة والمميزة لهذا الطراز في أبريل 2024، قد يسهّل استئناف الإنتاج بشكل كبير.
لا تزال القدرات الدقيقة للنسخة الجديدة المنتظرة من T-80، وحجم الإنتاج المخطط لها، غير معروفة. إلا أن التوقعات تشير إلى نسخة مطوّرة بشدة قد تتفوق على T-90M، وربما تشترك في خصائص تصميمية مع مشروع دبابة T-14 الذي لم يكتمل، مثل البرج غير المأهول المُتحكم فيه عن بُعد. ويُنظر إلى خطة الإنتاج المزدوج لـT-90 وT-80، ضمن ما يُعرف بـ”الدمج العالي والمنخفض” (High-Low Mix)، كخطوة لإعادة إحياء ميزة استراتيجية سوفيتية تمثلت في الإنتاج الواسع النطاق للدبابات.
ومع ذلك، تبقى هناك أسئلة عديدة مفتوحة، منها: كيف ستُطوَّر دبابات T-80 وT-90 في المستقبل؟ وهل سيتم إنتاج T-14 المتأخرة بأعداد كبيرة؟ وهل ستتوفر الميزانيات اللازمة لإعادة بناء مخزونات الدروع الاحتياطية التي استُنزفت منذ 2022 بسبب الحاجة لتعويض خسائر الحرب؟