بعد مرور أربعة أيام على انطلاق بطولة أمم أوروبا للسيدات 2025، خاضت جميع المنتخبات المشاركة مبارياتها الأولى، في نسخة تضم 16 منتخباً وتستمر منافسات دور المجموعات فيها على مدار 12 يوماً. الصحافي المتخصص مايكل كوكس تابع جميع المباريات بدقة ورصد أبرز الأنماط والملاحظات الفنية المبكرة، وذلك وفقاً لشبكة «The Athletic».
إسبانيا… مستوى مختلف تماماً
لا تُحسم البطولات في الجولة الأولى من دور المجموعات، لكن إسبانيا قدّمت أداءً استثنائياً أمام البرتغال، بدا وكأنه ينتمي إلى كوكب آخر. فقد افتتحن التسجيل بعد ثلاث دقائق فقط، وأنهين الشوط الأول متقدمات بأربعة أهداف، في طريقهن لتحقيق فوز ساحق بنتيجة 5 – 0.
من أبرز لاعبات اللقاء: باتري غيخارّو (لاعبة المحور المتزنة)، وكلوديا بينيا (المراوغة)، وفيكي لوبيز (السريعة والمهارية)، وجميعهن من نجمات برشلونة. اللافت أن أياً من هذه الأسماء لم تشارك في فوز إسبانيا بكأس العالم 2023، مما يدل على تجدد دماء الفريق مع الحفاظ على نفس الفلسفة الاستحواذية، بل وتعزيزها برغبة أكبر في اللعب المباشر والتمريرات الطويلة خلف الدفاع.
صحيح أن الدفاع الإسباني لم يواجه اختبارات حقيقية بعد، لكن الهجوم أظهر قدرة ساحقة تؤهله للمنافسة بقوة على اللقب.

مباريات الساعة السادسة… حرارة تعيق المتعة
على الجانب الآخر من المحيط الأطلسي، كانت درجات الحرارة محور الحديث في كأس العالم للأندية، لكن حتى في سويسرا لم تسلم بطولة «يورو 2025» من تأثير الطقس، إذ أثّرت درجات الحرارة المرتفعة على جودة الأداء، لا سيما في المباريات التي أُقيمت عند الساعة السادسة مساءً بتوقيت وسط أوروبا.
شهدت هذه اللقاءات بطئاً في الوتيرة وكثرة في حالات التشنج العضلي، كما كانت نسبة التسجيل ضعيفة: ستة أهداف فقط من أربع مباريات، مقابل 13 هدفاً في مباريات الساعة التاسعة ليلاً.
مباراة فنلندا وآيسلندا الافتتاحية بدت باهتة في الضغط، بينما فاز المنتخب الإيطالي على بلجيكا بهدف دون رد في لقاء بطيء أرجعت مهاجمة بلجيكا، هانا أورلينغز، أسبابه إلى الطقس قائلة: «امتلكنا الكرة وخلقنا بعض الفرص، لكن الظروف أثّرت على قدرتنا في تنفيذ المرتدات».

الكرات الثابتة… فرصة المنتخبات الصغيرة
في ظل تفوق عدد قليل من المنتخبات من حيث المهارة والقدرة على بناء اللعب، تُعد الكرات الثابتة من أهم أسلحة الفرق الأقل ترشيحاً. ومع ذلك، لم تكن جودة تنفيذ الكرات الثابتة على قدر التطلعات، كما ظهر مع بلجيكا التي لم تستثمر الركلات الحرة والركنيات رغم معاناة الدفاع الإيطالي في هذا الجانب خلال كأس العالم الماضية.
الركلات القصيرة أثبتت فشلها في أكثر من حالة، مثل الركنية السيئة لإنجلترا أمام فرنسا، على عكس الهدف القوي لأداء هيغيربيرغ مع النرويج من كرة عرضية، الذي أعاد التأكيد على أهمية الكرات الهوائية في كرة القدم النسائية.

عودة الدفاعات الثلاثية… تكتيك يحضر بقوة
شهدت البطولة تنوعاً تكتيكياً ملحوظاً مقارنةً بنسخة 2022، حيث اعتمدت ستة منتخبات (بلجيكا، والدنمارك، وإيطاليا، والبرتغال، وسويسرا، وويلز) على نظام الدفاع بثلاث لاعبات. بينما كان هذا النهج مقتصراً سابقاً على منتخبين فقط.
وقد وظّفت معظم المنتخبات هذا التشكيل بشكل دفاعي بحت لتضييق المساحات، لكن بعض الأظهرة أبدت حرية هجومية واضحة، لا سيما مع تراجع الضغط من المنافسات، مما سمح للبناء من الخلف. المنتخبات مثل الدنمارك وإيطاليا نجحت في استغلال هذا النظام لتحريك الكرة بانسيابية من الخط الخلفي.
في الجولة الأولى من بطولة أوروبا للسيدات 2025، برزت مجموعة من اللاعبات بتألقهن اللافت في مختلف المراكز، وشكّلن معاً التشكيلة المثالية للجولة. في حراسة المرمى، قدّمت جنيفر فالك أداءً متماسكاً في انتصار السويد على الدنمارك، وتميّزت بقدرتها على التمرير الطويل من الخط الخلفي. في خط الدفاع، أبدعت إيما كويفيستو بانطلاقاتها من الجهة اليمنى مع فنلندا، وبرزت بلقطة حاسمة عندما تصدت لتسديدة قوية بوجهها، بينما أظهرت دومينيك يانسن ثباتاً دفاعياً وتمريرات دقيقة مع هولندا أمام ويلز، فيما أنقذت توفا هانسن مرمى النرويج بتدخل حاسم في الدقائق الأخيرة، وتألقت نادين رييسن على الجهة اليسرى لسويسرا وافتتحت التسجيل أمام النرويج مستغلة المساحات الواسعة.
في خط الوسط، قادت باتري غيخارّو إسبانيا بأسلوبها المتوازن وقدراتها الدفاعية المذهلة، لتؤكد أنها من أفضل لاعبات الارتكاز في القارة، بينما شكّلت السويدية فيليبا أنغيلدال القلب النابض لمنتخب بلادها بتحركاتها القوية وتسديداتها الخطيرة، وصنعت هدف الفوز بتمريرة ذكية. إلى جانبها، تألقت أريانا كاروزو في وسط إيطاليا، وسجّلت هدف اللقاء الوحيد بلمسة فنية قرب القائم.
أما في الخط الأمامي، فقد فرضت الفرنسية دلفين كاسكارينو نفسها جناحاً لا يمكن إيقافه، بعد أن تفوقت على مدافعة إنجلترا جيس كارتر وصنعت الهدف الأول لمنتخبها، في حين استعرضت الإسبانية الشابة فيكي لوبيز مهاراتها العالية ومراوغاتها الساحرة، وكانت تمريرتها إلى أليكسيا بوتياس أحد أبرز لمحات البطولة. وعلى الجهة المقابلة، كانت كاتارينا كوسولا اللاعب الأخطر في هجوم فنلندا، وقادت منتخبها للفوز بهدف رائع من الجهة اليسرى.