في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي يواجهها المواطن المصري، جاءت توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي لتؤكد حرص الدولة على دعم الفئات والأسر الأولى بالرعاية، من خلال بناء منظومة حماية اجتماعية متكاملة تضمن الكرامة والعدالة لجميع المواطنين، وكان برنامج “تكافل وكرامة” الذي أطلقته وزارة التضامن الاجتماعي في عام 2015 بتوجيهات الرئيس السيسى، أحد أبرز الركائز التي اعتمدت عليها الدولة في تنفيذ هذه الرؤية.
البرنامج شهد تطورًا كبيرًا على مدار عشر سنوات، حيث تضاعف التمويل المخصص له أكثر من 11 مرة، وارتفع عدد الأسر المستفيدة إلى نحو 4.7 مليون أسرة بحلول منتصف عام 2025، مقارنة بـ1.7 مليون أسرة فقط عند الإطلاق، ووفقًا للبيانات الرسمية، فإن إجمالي من شملهم البرنامج منذ انطلاقه حتى اليوم يقدّر بـ نحو 7.7 مليون أسرة، وهو ما يعني وصول الدعم إلى ما يزيد على 22 مليون مواطن.
وزيرة التضامن الاجتماعي، الدكتورة نيفين القباج، أكدت أن قيمة الدعم النقدي الشهري للمستفيدين ارتفعت إلى 900 جنيه للفرد بدءًا من يوليو 2025، تنفيذًا للتوجيهات الرئاسية بزيادة قيمة المساعدات بنسبة 25%، وأن هناك تركيزًا واضحًا على الفئات الأَولى بالرعاية، وفي مقدمتها الأسر المعيلة، وكبار السن، وذوو الإعاقة، والأيتام.
ويُعد البعد التنموي للبرنامج من أهم عناصر قوته، حيث لم يقتصر دوره على تقديم الدعم المالي، بل امتد إلى مجالات التمكين الاقتصادي والتعليمي والصحي. فقد تم تمويل أكثر من 18 ألف مشروع صغير ضمن البرنامج، إلى جانب تدريب ما يقرب من 6 آلاف سيدة على المهارات الاقتصادية، ما أسهم في خلق فرص حقيقية لتحسين دخل الأسر المستفيدة.
كما تم محو أمية نحو 66 ألف مستفيد، في إطار خطة متكاملة للتمكين المجتمعي. وفيما يخص الأطفال، أشارت الوزارة إلى أن نحو 5 ملايين طالب يستفيدون من دعم “تكافل”، بما يعزز فرصهم في التعليم ويحد من نسب التسرب المدرسي، إضافة إلى دعم 326 ألف يتيم بتكلفة سنوية بلغت 1.4 مليار جنيه، وتعتمد الدولة في إدارة البرنامج على آليات إلكترونية متطورة لضمان الشفافية وتحديث قواعد البيانات بشكل دوري، ما يُسهم في توجيه الدعم للمستحقين فقط، واستبعاد من تجاوزت ظروفه الحد المسموح به، لإتاحة الفرصة لأسر أكثر احتياجًا.
الدراسات، ومنها تقارير صادرة عن البنك الدولي، أثبتت أن البرنامج ساهم في تحسين مستوى معيشة الأسر الفقيرة، وزيادة قدرتها على الاستهلاك، ورفع معدلات الانتظام في التعليم، وتحقيق مشاركة أكبر للمرأة في القرارات الاقتصادية للأسرة، وعلى صعيد المؤشرات التفصيلية، فتُظهر الأرقام الرسمية أن عدد المستفيدين من الدعم النقدي تجاوز 22 مليون مواطن، وبلغت قيمة الدعم الشهري للفرد 900 جنيه، كما تم تمويل الآلاف من المشروعات الصغيرة، وتدريب الآلاف من النساء على العمل والإدارة، إلى جانب توسّع ملموس في خدمات الدعم للأيتام وذوي الإعاقة، ما يجعل البرنامج نموذجًا ناجحًا للدمج بين الدعم والرعاية والتنمية.
إن المتأمل في تطوّر برنامج “تكافل وكرامة” يدرك حجم الالتزام الذي توليه الدولة المصرية – قيادة وحكومة – لحماية الفئات الضعيفة ودعمها، ليس فقط من خلال الدعم النقدي، بل عبر توفير شبكة متكاملة من الرعاية والتمكين. ويُعد هذا التوسّع في التمويل وعدد المستفيدين، خطوة مهمة على طريق العدالة الاجتماعية والاستقرار المجتمعي.
إن هذه التجربة الفريدة من نوعها، يجب أن تتواصل وتتسع، وأن يتم البناء على ما تحقق لضمان ضمّ مزيد من الأسر المستحقة، وتوسيع نطاق التمكين الاقتصادي للمستفيدين، بحيث يتحوّل الدعم من مجرد إعانة إلى أداة حقيقية لتحقيق الاستقلال المالي، فـ “تكافل وكرامة” لم يعد مجرد برنامج اجتماعي، بل هو أحد أعمدة مشروع الدولة المصرية لبناء مجتمع عادل ومتوازن يضع الإنسان في صدارة أولوياته، فكلما زاد حجم التمويل وعدد المستفيدين، زادت فرص الاستقرار والتنمية، وتقدّمت مصر خطوة جديدة نحو مستقبل أكثر إنصافًا وتضامنًا.