إعداد: د.آلاء إبراهيم عطية إبراهيم
باحث بقسم بحوث تكنولوجيا الحاصلات البستانية بمعهد بحوث تكنولوجيا الأغذية – مركز البحوث الزراعية
تُعد الأشواجندا “الجذر الذهبي” (Withania somnifera) من النباتات الطبية التقليدية التي تنتمي إلى العائلة الباذنجانية (Solanaceae)، وتُعرف الأشواجندا بعدة أسماء شائعة في مختلف الثقافات واللغات، منها: الأشواغندا، الجينسنغ الهندي (Indian Ginseng)، كرز الشتاء (Winter Cherry)، عبعب منوم، وفي الطب الأيورفيدي الهندي باسم Ashwagandha.
الأشواجندا نبتة طبية شهيرة في الطب الهندي، وقد استُخدمت منذ آلاف السنين لتعزيز القوة الجسدية والعقلية، وتقوية الجهاز المناعي، والتقليل من التوتر والقلق، وتعزيز النشاط البدني والذهني. الأشواجندا نبات مذهل يجمع بين الاستخدامات التقليدية والطبية والفوائد المثبتة علميًا. ومن خلال زراعتها في البيئات المناسبة واستخدامها بشكل معتدل، يمكن الاستفادة من خصائصها المتنوعة لدعم الصحة الجسدية والعقلية.
شاهد: أرباح زراعة فدان الأشواجندا
تنمو الأشواجندا بشكل أساسي في المناطق الجافة وشبه الجافة، وتحتاج إلى مناخ معتدل وتربة جيدة التصريف. من أهم الدول المنتجة للأشواغندا الهند، وتُعد الهند المنتج الأول عالميًا وأكبر وأهم مُصدِّر للأشواغندا في العالم. أما نيبال فتُزرع فيها الأشواجندا على نطاق صغير، وسريلانكا تنتج كميات معتدلة. كما تنتج دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مثل المغرب ومصر والسودان كميات محدودة، لكنها قابلة للنمو نظرًا لتناسب المناخ. أما في الولايات المتحدة الأمريكية، فتُزرع بكميات صغيرة وتُستخدم بشكل أساسي في صناعة المكملات الغذائية والمنتجات العشبية، في حين لا يزال إنتاج أستراليا محدودًا وموجهًا للسوق المحلي والبحث العلمي.
الأشواجندا، كما في الشكل، تتصف بأنها نوع من الشجيرات الصغيرة يتراوح ارتفاعها بين 35–75 سم، أوراقها بيضوية وسطحها مغطى بشعر ناعم، أزهارها صغيرة خضراء تميل إلى الصفرة، ثمارها توت برتقالي مائل إلى الأحمر محاط بطبقة تشبه الفانوس. الجذور عبارة عن جذر أفقي كبير يمكن حصاده واستخدامه، وغالبًا ما يُصوَّر في منشورات الحدائق الطبية. لون الجذور بني فاتح إلى بني محمر خارجيًا، بينما الطبقة الداخلية تميل إلى الأصفر أو الأبيض، بما يشبه الجذور الشائكة. ملمسها خشبي متين من الخارج وأكثر ليونة من الداخل، وغالبًا ما يتشقق السطح بشكل طولي، وتنبعث منها رائحة ترابية قوية ومميزة، مما يُسهِّل تمييزها.
تحتوي الأشواجندا على مجموعة معقّدة من المركبات النشطة بيولوجيًا، وهي المسؤولة عن خصائصها الطبية والغذائية المتعددة. تتركز هذه المركبات في الجذور بشكل رئيسي، ولكن توجد أيضًا في الأوراق والثمار.
تشمل هذه المركبات الويتانوليدات: مركبات ستيرويدية طبيعية، مثل Withaferin A وWithanolide A، وهي المسؤولة عن معظم الخصائص المضادة للالتهاب والمضادة للأورام. كما تحتوي على مضادات أكسدة مثل Quercetin وKaempferol، والستيرولات النباتية مثل β-sitosterol المفيدة لصحة القلب وتقليل الكوليسترول الضار، بالإضافة إلى العناصر المعدنية والأحماض الأمينية مثل الحديد، الكالسيوم، والتيروزين.
تزايد الاهتمام العلمي والبحثي بإدخال الأشواجندا كمكوّن فعال في الصناعات الغذائية، نظرًا لاحتوائها على مركبات نشطة وهامة بيولوجيًا لوظائف الجسم الحيوية مثل الويتانوليدات والفلافونويدات، والتي تمنحها خصائص مضادة للأكسدة ومضادة للالتهاب.
أظهرت الأبحاث العلمية والطب التقليدي العديد من الفوائد لنبات الأشواجندا، من أبرزها ما يلي:
1ـ تقليل التوتر والقلق: تساعد الجسم على التأقلم مع الضغوط النفسية والبدنية، وتُقلل مستويات هرمون الكورتيزول.
2ـ تحسين الوظيفة العقلية: تدعم الذاكرة والتركيز، وقد تُستخدم في حالات ضعف الذاكرة أو التدهور المعرفي المرتبط بالتقدم في العمر.
3ـ دعم المناعة: تنشط الخلايا المناعية وتحسن الاستجابة الدفاعية للجسم ضد الأمراض.
4ـ مكافحة الالتهابات: بفضل محتواها العالي من الويتانوليدات ذات الخصائص القوية المضادة للالتهاب.
5ـ تنظيم مستويات السكر في الدم: تشير بعض الأبحاث إلى أنها قد تُساهم في خفض مستويات الجلوكوز في الدم لدى مرضى السكري.
6ـ تحسين جودة النوم: تُساعد في علاج الأرق وتحسين نوعية النوم من خلال خفض مستويات الكورتيزول المرتبط بالإجهاد المزمن.
7ـ دعم صحة الغدة الدرقية: أشارت بعض الدراسات إلى أنها قد تُساعد في تنظيم هرمونات الغدة الدرقية، خاصة في حالات قصور الغدة (Hypothyroidism)، ولكن يُفضل استخدامها تحت إشراف طبي.
8ـ دعم صحة القلب: تُساهم في خفض ضغط الدم وتقليل مستويات الكوليسترول الضار (LDL) وتعزيز الكوليسترول الجيد (HDL).
بدأت الأشواجندا تكتسب اهتمامًا متزايدًا في الصناعات الغذائية، خاصة مع الاتجاه العالمي نحو الأغذية الوظيفية (Functional Foods) والمكملات الطبيعية. نظرًا لفوائدها الصحية المتعددة، تُدرج الأشواجندا كمكوّن نشط في مجموعة متنوعة من المنتجات الغذائية والمشروبات، حيث يُصنَّف استخدامها ضمن إطار “الأغذية الوظيفية”. وقد استُخدمت في العديد من المنتجات مثل المشروبات الصحية، المكملات الغذائية، مساحيق البروتين، ما يعكس قيمتها الصناعية. وتتوفر الأشواجندا في صور مختلفة مثل:
ـ الكبسولات أو الأقراص: وهي الشكل الأكثر شيوعًا.
ـ مسحوق (بودرة): يُخلط مع الحليب أو العصائر.
ـ مستخلصات سائلة.
ـ شاي الأشواجندا.
أهم أشكال استخدام الأشواجندا في الأغذية
1ـ المكملات الغذائية: تُستخدم في تصنيع الكبسولات، الأقراص، والمساحيق الغذائية، وغالبًا ما تُخلط مع مكونات طبيعية أخرى مثل الجينسنغ، الكركم، أو الفيتامينات.
2ـ المشروبات الصحية: تُضاف كمكوّن نشط في العصائر الطبيعية المدعّمة، ومشروبات الطاقة النباتية، ومشروبات الاسترخاء والنوم.
3ـ شاي الأعشاب: إما بمفردها أو مع أعشاب أخرى مثل النعناع أو البابونج.
4ـ منتجات الألبان النباتية والحليب: تُضاف إلى حليب اللوز، جوز الهند، أو الشوفان.
5ـ ألواح البروتين: تُستخدم كعامل مساعد لتحسين الأداء البدني والذهني.
6ـ مساحيق البروتين: تُضاف للماء أو الحليب وتُشرب كمكمل غذائي يومي.
7ـ المخبوزات الصحية: تُضاف إلى البسكويت، الكعك، والخبز الصحي في بعض الدراسات الحديثة كنظام غذائي داعم.
من الاحتياطات الواجب مراعاتها عند استخدام الأشواجندا أنها ذات طعم ترابي مرّ، لذا غالبًا ما يتم إخفاؤه بالنكهات الطبيعية مثل الكاكاو، الفانيليا، أو الفواكه.
وتوجد بعض الآثار الجانبية للأشواجندا يجب أخذها في الاعتبار، مثل اضطرابات المعدة أو النعاس عند بعض الأشخاص. كما يُنصح بتجنبها أثناء الحمل والرضاعة إلا تحت إشراف طبي، وقد تتفاعل مع بعض الأدوية مثل مثبطات المناعة أو أدوية الغدة الدرقية. وقد أوصت بعض الدراسات بأن الجرعة القياسية في المنتجات الغذائية تتراوح بين 200 إلى 600 ملجم يوميًا من المستخلص.
ختامًا، تُعد الأشواجندا من الإضافات القوية والمفيدة في الصناعات الغذائية الحديثة، خاصة في المنتجات التي تهدف إلى تحسين الصحة العامة والوظائف الذهنية والبدنية. ومع تزايد الطلب على المنتجات النباتية والوظيفية، من المتوقع أن يستمر استخدامها في التوسع داخل السوق الغذائي العالمي، حيث تمثل الأشواجندا مثالًا بارزًا للأغذية الوظيفية ذات الأساس النباتي، لما تحتويه من مركبات نشطة بيولوجيًا تفتح آفاقًا واسعة في مجالات الصحة والتغذية.
تابعونا على قناة الفلاح اليوم لمزيد من الأخبار والتقارير الزراعية.
لمتابعة آخر المستجدات، زوروا صفحة الفلاح اليوم على فيسبوك.