يتحدث الجميع الآن عن الصحة والعمر المديد. لكن سواء كان هدفك تحسين أدائك الرياضي أو عيش حياة جيدة لأطول مدة ممكنة، فإن القلب السليم هو الأساس لكل ذلك. فالسلوكيات المستمرة مثل نمط الحياة الخامل أو النظام الغذائي الغني بالدهون المشبعة تزيد من احتمالات الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية – وهو مصطلح شامل يشمل النوبات القلبية والسكتات الدماغية وأمراض الشرايين التاجية وغيرها من الحالات. كما أن هذه السلوكيات تقلل من قدرتك البدنية، بالتالي تؤثر سلباً في جودة حياتك.
لكن العكس صحيح إذا بدأت باعتماد سلوكيات تسهم في تعزيز صحة القلب. فقد أظهرت الأبحاث مراراً أن بعض العادات تقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، وتخفض معدلات الوفاة لأي سبب، وتعزز فرص التمتع بحياة أطول وأكثر سعادة. وفي سبيل تحديد القواسم المشتركة التي تضمن صحة القلب، لجأت إلى روث غوس وديل ستانفورد، وهما ممرضة متخصصة واختصاصية التغذية الأولى في مؤسسة القلب البريطانية على التوالي. وفي ما يلي أهم خمسة سلوكيات برأيهما.
خمس سلوكيات يومية لتحسين صحة قلبكم.
مارس تمارين باعتدال لمدة 30 دقيقة يومياً
ربما سمعت قبلاً جملة “في الحركة دواء” [أو في الحركة بركة]. وهذا القول صحيح تماماً عندما يتعلق الأمر بصحة القلب. تقول غوس: “مهما كان عمرك، فإن النشاط البدني اليومي يحدث أثراً فورياً في صحتك، ويقلل من خطر إصابتك بأمراض القلب والدورة الدموية. وليس من المتأخر أبداً أن تزيد من مستوى نشاطك أو تبدأ ممارسة رياضة جديدة، حتى لو لم تكُن نشيطاً في السابق”.
وتماشياً مع توصيات منظمة الصحة العالمية، تنصح بالسعي إلى ممارسة 150 دقيقة في الأقل من النشاط البدني المعتدل أسبوعياً. وتوضح غوس: “يشمل ذلك أي نشاط يسرّع من نبضات قلبك، سواء كان مشياً سريعاً أو سباحة أو ركوب دراجة أو حتى البستنة أو التنظيف. كل دقيقة تُحتسب، لذا إبدأ بخطوات صغيرة وزدها تدريجاً. ممارسة 30 دقيقة فقط يومياً طريقة فاعلة لبلوغ 150 دقيقة أسبوعياً”.
وللحصول على فوائد صحية إضافية، تنصح مؤسسة القلب البريطانية أيضاً باعتماد روتين رياضي متنوع يتضمن “تمارين هوائية، وتمارين توازن ومرونة مثل اليوغا وتاي تشي والبيلاتس، إضافة إلى تمارين المقاومة مثل رفع الأثقال أو استخدام الأشرطة المطاطية التي تقوي العضلات وتخفف العبء عن القلب”.
وتضيف غوس: “إذا كنت تعاني مشكلة صحية تعوّق قدرتك على ممارسة التمارين، فمن المهم أن تستشير طبيبك ليوصي بالنوع الأنسب من النشاط البدني لك”.
اتّبع نظاماً غذائياً متوازناً وفق مواعيد محددة
إذا كانت الحركة دواء، فإن الطعام هو الوقود الذي يمكّننا من القيام بها. ولهذا السبب، من المهم الانتباه إلى ما نأكله كل يوم، إلى جانب توقيت تناول الطعام.
وتوضح كبيرة اختصاصيي التغذية ديل ستانفورد: “هناك نظريات عدة تفسر سبب أهمية توقيت الوجبات. فقد أظهرت الدراسات أنه حتى عندما يتناول بعضهم الكمية نفسها من السعرات الحرارية، فإن توقيت تناولها يؤثر في كيفية استخدام الجسم لها. ويمكن لهذا الاختلاف أن يؤثر في الوزن ومستويات الكوليسترول وسكر الدم – وكلها عوامل تؤثر في خطر الإصابة بأمراض القلب والدورة الدموية”.
وتشير ستانفورد إلى وجود أدلة تربط بين تناول الطعام في وقت متأخر من الليل وزيادة خطر الإصابة بالسمنة، إضافة إلى تأثير ذلك في تنظيم الجسم لمستويات السكر في الدم.
وتتابع: “على رغم أن الأبحاث لا تزال محدودة، فإن هناك ما يشير إلى وجود علاقة بين الساعة البيولوجية للجسم وهضم وامتصاص العناصر الغذائية. فإيقاع الجسم الطبيعي – أو ما يعرف بإيقاع الساعة البيولوجية – مصمم لتناول الطعام خلال النهار والنوم ليلاً. وإذا اختل هذا الإيقاع، فقد يؤثر ذلك في صحة القلب”.
لكن ستانفورد أشارت إلى أننا “بحاجة إلى مزيد من الدراسات لفهم تأثير توقيت الوجبات بدقة في الصحة. لكن في الوقت الراهن، من الأفضل التزام نمط منتظم للوجبات. وتناول الطعام في وقت مبكر من اليوم، بدلاً من وقت متأخر ليلاً، لا يُتوقع أن تكون له آثار سلبية على الصحة، بل قد تكون له فوائد”.
وبعد أن أصبحتم تعرفون الوقت الأمثل لتناول الطعام من أجل صحة القلب، حان وقت النظر في ما تأكلون.
تقول ستانفورد: “مهما كان مستوى نشاطك البدني، فإنك بحاجة إلى توازن غذائي يشمل خمس مجموعات رئيسة من الأطعمة: الكربوهيدرات والفواكه والخضراوات والبروتينات قليلة الدسم ومشتقات الحليب والدهون الصحية (أو غير المشبعة)”.
“تعد الكربوهيدرات المصدر الأساس للطاقة خلال ممارسة الرياضة، ومن الأفضل اختيار الأنواع الغنية بالألياف والحبوب الكاملة، مثل الشوفان والرز والمعكرونة والخبز وحبوب الإفطار”.
“أما البروتين، فهو عنصر أساس في بناء الجسم ونموه وتعافيه، لذا ينصح بإدراج حصة منه في معظم الوجبات، سواء من مصادر حيوانية مثل اللحوم قليلة الدسم، أو الأسماك، أو البيض، أو من مصادر نباتية مثل البازلاء والفاصوليا والبقوليات”.
كما توصي بتناول خمس حصص في الأقل من الفاكهة والخضراوات يومياً، (“إذ إنها غنية بالفيتامينات والمعادن والألياف التي تعزز صحة الجسم وتقوي جهاز المناعة”)، إلى جانب حصتين إلى ثلاث من منتجات الألبان.
وتضيف ستانفورد: “منتجات الألبان غنية بالكالسيوم والبروتين المهمين لصحة العظام. اختاروا الأنواع قليلة الدسم لتقليل استهلاك الدهون المشبعة.”
“الدهون جزء مهم من النظام الغذائي الصحي، لكن يُنصح بالتركيز على المصادر الغنية بالدهون غير المشبعة، مثل زيت الزيتون وزيت بذور اللفت والمكسرات والبذور والأسماك الدهنية، إضافة إلى الزيتون والأفوكادو”.
شرب السوائل المستمر
سيساعد شرب كميات كافية من السوائل في تعزيز صحة القلب على مستويات عدة. فعلى المستوى المباشر، يدعم أداء التمارين الرياضية – أول نشاط مذكور في هذه القائمة لتحسين صحة القلب. وتقول ستانفورد: “ممارسة التمارين ترفع حرارة الجسم، بالتالي يعمل الجسم على تبريد نفسه من خلال التعرّق، مما يؤدي إلى فقدان الماء والأملاح عبر الجلد. وتعتمد كمية السوائل التي تحتاجون إليها على مدة التمرين ودرجة الحرارة وكمية التعرّق”.
“بالنسبة إلى معظم الأشخاص، ما لم يمارسوا الرياضة لأكثر من ساعة، فإن شرب ما بين ستة إلى ثمانية أكواب من السوائل يومياً يعد أمراً جيداً. ويمكن أن تشمل هذه السوائل الماء، أو الحليب قليل الدسم، أو العصائر الخالية من السكر، أو الشاي والقهوة.”
لكن الحفاظ على رطوبة الجسم له فوائد تتجاوز ذلك، كما أنه يساعد على تجنّب التداعيات السلبية لجفاف الجسم.
وتوضح مقالة لمؤسسة القلب البريطانية: “عندما يعاني الجسم الجفاف، تنخفض كمية الدم المتدفقة في أنحاء الجسم، مما قد يؤدي إلى انخفاض ضغط الدم والشعور بالدوخة، أو الإغماء. وكرد فعل، قد يبدأ القلب بالخفقان بسرعة [تسرّع القلب] لضخ الدم بصورة كافية. وقد يشعر الشخص حينها بخفقان قوي وسريع في الصدر، يعرف بالخفقان القلبي. كما يمكن أن يؤدي الجفاف إلى زيادة كثافة الدم، مما يرفع خطر الإصابة بالجلطات والنوبات القلبية”.
أما شرب كميات أكبر من الماء، فقد ينعكس إيجاباً عبر تحسين الدورة الدموية وتحسين الهضم وصحة الأمعاء وتخفيف آلام المفاصل.
ركّز على النوم
تقول غوس: “إن الحصول على قسط كافٍ من النوم ضروري لعافيتنا العامة، كما لصحة القلب والدورة الدموية، وينبغي لمعظم البالغين السعي إلى النوم بين سبع وتسع ساعات كل ليلة”.
“لكن النوم ليس العامل الوحيد الذي يؤثر في صحة القلب – من المهم أيضاً النظر إلى نمط الحياة ككل. فمعرفة الأرقام الخاصة بك، مثل ضغط الدم ومعدل الكوليسترول والحفاظ على وزن صحي وممارسة التمارين بانتظام والحد من تناول الملح والكحول واتباع نظام غذائي متوازن – كلها عوامل تساعد على الحفاظ على صحة القلب.”
احتسوا القهوة
وتشير ستانفورد إلى أن شرب القهوة باعتدال قد يعود بفوائد على صحة القلب. وتوضح: “وجدت إحدى الدراسات الرصدية [دراسات لا يتدخل فيها الباحثون لتغيير المتغيرات أو تقديم علاج، بل يراقبون فقط ما يحدث بصورة طبيعية] أن تناول كوبين إلى ثلاثة أكواب من القهوة يومياً قد يكون مفيداً، ويرتبط بانخفاض خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية مقارنة بعدم شرب القهوة”.
“فإلى جانب الكافيين، تحتوي القهوة على مركبات البوليفينول التي قد تسهم في تقليل الالتهابات الضارة وخفض خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية. وتظهر الدراسات أن الكميات المعتدلة من الكافيين لا تمثل مشكلة بالنسبة إلى معظم الأشخاص”.
لكنها تحذر من أن تناول أكثر من أربعة أو خمسة أكواب يومياً قد يرفع استهلاك الكافيين إلى ما يتجاوز الحد اليومي الموصى به، وهو 400 ملغ.
وتضيف: “تشمل الآثار الجانبية الشائعة لتناول كميات مفرطة من الكافيين: ارتفاع موقت في ضغط الدم وسرعة ضربات القلب والخفقان والقلق والتوتر والغثيان والصداع واضطرابات النوم”.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
نصائح مؤسسة القلب البريطانية لتحسين مستويات النشاط البدني
إن إدخال مزيد من الحركة إلى روتينك اليومي يتصدر غالبية التوصيات الصحية، لكن تطبيقه قد لا يكون سهلاً.
النصائح التالية تهدف إلى جعل ممارسة التمارين أسهل وأكثر قابلية للاستمرار، بل ممتعة، مما ينعكس إيجاباً على صحة القلب والعقل والجسم ككل:
تنفس بعمق أثناء التمارين للمساعدة في إدخال الأوكسجين وضبط ضغط الدم.
إجعل الأمر اجتماعياً: مارس رياضة المشي مع صديق، أو انضم إلى مجموعة، أو شارك في نشاط خيري لتقابل أشخاصاً يشبهونك وتستمتع بالوقت.
سجل نشاطك البدني في دفتر أو استخدم جهاز تتبع لمتابعة مستوى نشاطك البدني.
أدمج التمارين في يومك: خصص وقتاً يناسب جدولك للقيام بنشاط بدني مثل المشي أو ركوب الدراجة بدلاً من القيادة.
إبقَ نشيطاً: حتى الأعمال المنزلية اليومية مثل الطهي والتنظيف تحقق فائدة بدنية أيضاً.
إبدأ تدريجاً: قسّم نشاطك إلى جلسات قصيرة من خمس دقائق موزعة خلال اليوم، ووسعها تدريجاً.
حدد أهدافاً بسيطة مثل المشي القصير يومياً، فذلك يمنحك شعوراً بالإنجاز ويزيد الدافع.
نوّع أنشطتك: أنشئ قائمة بالتمارين الممتعة مثل الرقص أو ركوب الدراجة، وجرب نشاطاً مختلفاً كل أسبوع.