يُغيّر التقدم المذهل في التكنولوجيا الحيوية الصينية، مسار إنتاج الأدوية في العالم، ويُشكّل تحديًا للهيمنة الغربية على ابتكار الأدوية، وفقًا لتحليل أجرته وكالة “بلومبيرغ”.
وتشهد صناعة التكنولوجيا الحيوية في الصين تحولاً جذرياً، يقوده مصنعو الأدوية الصينيون، الذين قطعوا شوطاً طويلاً ليتحدوا الهيمنة الغربية على الابتكار.
وأظهر تقرير “بلومبيرغ”، أن عدد الأدوية الجديدة في الصين، لعلاج السرطان وفقدان الوزن وغيرها، التي دخلت مرحلة التطوير تصل إلى أكثر من 1250 دواءً العام الماضي، متجاوزة بذلك الاتحاد الأوروبي بكثير، ومقتربة من عدد الأدوية الأمريكية، البالغ حوالي 1440 دواءً.
وتتجاوز الأدوية المرشحة القادمة من الصين، التي اشتهرت سابقاً بمنتجاتها المقلدة الرخيصة ومشاكل الجودة، معايير عالية بشكل متزايد لنيل اعتراف كل من الجهات التنظيمية للأدوية وشركات الأدوية الغربية العملاقة، بحسب “بلومبيرغ”.
وأضاف تقرير الوكالة، أن النتائج، المستقاة من تحليل قاعدة بيانات تحتفظ بها شركة “نورستيلا”، وهي شركة مزودة لحلول استخبارات الأدوية، تُظهر تحولًا جوهريًا في مركز ثقل الابتكار الطبي.
وبيّنت أنه مع تهديد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية على قطاع الأدوية، فإن التقدم في التكنولوجيا الحيوية الصينية، الذي يتكشف نطاقه تدريجياً، يُهدد بأن يصبح مجالاً آخر للتنافس بين القوى العظمى، مثل الذكاء الاصطناعي والمركبات الكهربائية.
جذابة وسريعة
وقالت هيلين تشين، الشريكة الإدارية في شركة “أل إي كيه كونسلتنج” في شنغهاي، والتي قدمت استشارات لشركات الرعاية الصحية بشأن استراتيجيتها في الصين منذ عام 2033، “لم نشهد هذا الحجم من قبل؛ المنتجات متوفرة، وهي جذابة وسريعة”.
وذكرت الوكالة أن ذلك التحول حدث بوتيرة غير مسبوقة؛ فعندما بدأت الصين إصلاح نظامها التنظيمي للأدوية عام 2015، لم يكن لديها سوى 160 مركبًا للمساهمة في خط الأنابيب العالمي للأدوية المبتكرة، أي أقل من 6% من الإجمالي، متخلفة عن اليابان والمملكة المتحدة.
وبينما ساعدت هذه الإصلاحات في تبسيط المراجعات، وتطبيق معايير جودة البيانات، وتحسين الشفافية، ساعدت خطة الحكومة “صنع في الصين 2025” للنهوض بالتصنيع في 10 قطاعات ذات أولوية في تحفيز موجة من الاستثمارات في التكنولوجيا الحيوية.
وأشارت الوكالة إلى أن تلك الاستثمارات أطلقت العنان لطفرة قادها علماء ورجال أعمال تلقوا تعليمهم وتدريبهم في الخارج.
نمو مماثل
وقال دانيال تشانسلور، نائب رئيس الريادة الفكرية في “نورستيلا”: “لم تعد الصين الآن على قدم المساواة تقريبًا مع الولايات المتحدة فحسب، بل إنها تسير في مسار نمو مماثل”.
وأضاف أنه “لن يكون من المبالغة القول إن الصين ستتفوق على الولايات المتحدة في السنوات القليلة المقبلة من حيث عدد الأدوية التي تُدخلها إلى خط إنتاجها”.
وأوضحت الوكالة أنه بصرف النظر عن الأرقام، فإن القفزة الأبرز تكمن في جودة ابتكارات التكنولوجيا الحيوية الصينية؛ فبينما يدور جدل مستمر في صناعة الأدوية حول قدرة الشركات الصينية على إنتاج علاجات جديدة فعّالة، بل وثورية، إلا أن هناك اعترافًا متزايدًا على جبهات متعددة.
وتنظر أكثر الهيئات التنظيمية صرامةً في العالم، بما في ذلك إدارة الغذاء والدواء الأمريكية ووكالة الأدوية الأوروبية، بشكل متزايد إلى الأدوية الصينية على أنها واعدة بما يكفي لتبرير تخصيص موارد إضافية لتسريع مراجعتها، ومنحها تصنيفات صناعية مرغوبة مثل المراجعة ذات الأولوية، أو تصنيف العلاج المبتكر، أو وضع المسار السريع.
وتُظهر البيانات أن الصين تتقدم الآن بفارق طفيف على الاتحاد الأوروبي في الحصول على مثل هذه المراجعات السريعة اعتبارًا من عام 2024، وهو ما يُمثل ميزةً ملحوظةً على منطقة كانت تُنتج سابقًا أدوية مثل “ويغوفي”؛ علاج خلوي أظهر قدرة واعدة على علاج سرطان الدم المميت.