شهدت المواسم الأربعة الأخيرة من كرة القدم الإسبانية عودة إلى الصراع الثنائي التقليدي بعد فوز أتلتيكو مدريد المفاجئ بلقب «الليغا» عام 2021. ومنذ ذلك الحين، يتبادل ريال مدريد وبرشلونة التتويج باللقب، فيما يكتفي الآخر بالمركز الثاني في كل موسم. واليوم، يأمل أنصار ريال في أن يستمر هذا النمط، ليستعيد فريقهم لقب الدوري من غريمه التاريخي، وذلك وفقاً لشبكة «The Athletic».
كان يُتوقع أن يحتفظ ريال مدريد بلقبه في موسم 2025، لا سيما بعد ضم كيليان مبابي، إثر موسم توّج فيه الفريق بلقبي الدوري ودوري أبطال أوروبا، وهما اللقبان الأغلى في خزائن النادي. غير أن المدرب الأسطوري كارلو أنشيلوتي، في موسمه الأخير مع النادي الملكي، لم يتمكن من صهر كل المواهب الهجومية المتوفرة لديه في منظومة متماسكة. والآن، يتولى تشابي ألونسو، أحد أبرز لاعبي ريال السابقين، مهمة إعادة الفريق إلى القمة.
لكن بداية ألونسو مع ريال لم تكن مثالية، إذ تلقّى الفريق هزيمة ثقيلة بنتيجة 4 – 0 أمام باريس سان جيرمان في نصف نهائي كأس العالم للأندية، وهي نتيجة ازدادت قسوة بعدما خسر الفريق الفرنسي نهائي البطولة أمام تشيلسي بثلاثية نظيفة. ورغم ذلك، لا تزال حظوظ ريال مدريد هي الأرجح للفوز بـ«الليغا»، بحسب تقديرات شركة «بيتفير» للمراهنات.
وربما كان الوقت قد حان للتغيير، إذ إن رحيل أنشيلوتي لتدريب منتخب البرازيل قد يفتح آفاقاً جديدة للفريق، بعد موسم عانى فيه من مطاردة برشلونة. ويعوّل ألونسو على صفقتين من الدوري الإنجليزي لتعزيز دفاعاته، هما ترينت ألكسندر-أرنولد ودين هويخسن، في محاولة لتحقيق التوازن الدفاعي اللازم للمنافسة. ويأمل ألكسندر-أرنولد في أن يسير على خطى مدربه الجديد، ويصنع لنفسه مجداً في مدريد كما فعل في ليفربول.
أما برشلونة، الذي بدأ الموسم الماضي تحت قيادة مدرب جديد، فقد عاش حملة مثالية تقريباً؛ إذ نجح هانزي فليك في إعادة اللقب إلى خزائن النادي، إلى جانب فرض الهيمنة الكاملة في مواجهات الكلاسيكو، محققاً 4 انتصارات من أصل أربعة، أبرزها فوز عريض بنتيجة 4 – 0 خارج الديار، أعاد إلى الأذهان الانتصار التاريخي 6 – 2 في عهد بيب غوارديولا، الذي دشّن بدوره إحدى أعظم الحقبات في تاريخ النادي الكاتالوني.
وعلى الرغم من هذا الزخم، فإن برشلونة يدخل الموسم الجديد بصفته ثاني المرشحين للقب، ويرجّح أن تكون القيود المالية التي يواجهها السبب في ذلك، على عكس غريمه المدريدي. فالفريق يزخر بالمواهب، لكن التساؤل يبقى حول قدرته على الصمود أمام الإصابات وتحقيق مبدأ المداورة الكافية بين اللاعبين، لا سيما في ظل طموحات الجمع بين التألق المحلي والأوروبي. وسيكون من أبرز العوامل المحفزة هذا الموسم العودة إلى ملعب «كامب نو» في أغسطس (آب)، بعد غياب موسمين بسبب أعمال التوسعة. وقد يتحول هذا الملعب إلى حصن أشد من ذي قبل، لا سيما مع تطور لامين يامال إلى أحد أفضل لاعبي العالم حالياً.
وفي العاصمة، يستمر دييغو سيميوني على رأس الجهاز الفني لأتلتيكو مدريد، كثاني أكثر المدربين بقاءً في منصبه على مستوى أوروبا. ويُحسب له أنه كسر هيمنة العملاقين الإسبانيين في العقد الأخير، مع تحقيق لقبين في 2014 و2021. ورغم أن الترشيحات الحالية لا تمنح فريقه سوى حظوظ ضئيلة (81 إلى 1) للفوز باللقب الثالث، فإن أتلتيكو يظل فريقاً صلباً ومنظّماً يعكس شخصية مدربه، مع نجم لا يمكن تجاهله هو أنطوان غريزمان، الهداف التاريخي للنادي.
ومنذ عام 2004، حين تُوّج فالنسيا بقيادة رافائيل بينيتيز، لم يتمكن أي نادٍ غير ريال مدريد وبرشلونة وأتلتيكو من الفوز بلقب الدوري. وتُعدّ أندية مثل أتلتيك بلباو وفياريال وريال بيتيس، أقرب الأسماء القادرة على إحداث مفاجأة، لكن الاحتمالات تظل ضعيفة للغاية (تتراوح من 501 إلى 1001)، رغم احتفاظ بلباو بنجمه اللامع نيكو ويليامز.
كل المؤشرات تنبئ بموسم مثير. ففليك يأمل في أن يكون ما تحقق في الموسم الماضي مجرد بداية لعصر جديد يستحضر أمجاد غوارديولا، في حين يجد ألونسو نفسه مطالباً، رغم حداثة عهده، بالفوز بـ«الليغا» وإعادة الكرة إلى ملعب مدريد في صراع القمة. أما بالنسبة لبقية الأندية، فإن المركز الثالث قد يكون أقصى ما يمكن الطموح إليه، نظراً إلى أن أحداً لم يتمكن من اختراق الثنائي الكبير منذ نصف عقد.