في ظل الارتفاع الكبير بأسعار المواد الكيميائية وصعوبة الحصول عليها،وجد باحثون أنفسهم أمام عقبة حقيقية تعطل الكثير من المشاريع العلمية.
10 اكتشافات علمية مدهشة في 2022.. أبرزها ابتكار “دماغ واع” بالمختبر
هذا التحدي دفع الدكتور بكر فتحي عبدالوهاب، الأستاذ بقسم الكيمياء العضوية التطبيقية بالمركز القومي للبحوث، إلى إطلاق مبادرة تهدف لتوفير هذه المواد محليا بجودة عالية وتكلفة أقل بكثير من المستورد.
من خلال هذا المشروع، يسعى عبدالوهاب وفريقه إلى سد فجوة طالما أرهقت الباحثين، إذ كانت ندرة بعض المركبات وارتفاع أسعارها يشكلان عائقا أمام إنجاز التجارب المخبرية. المبادرة، التي بدأت بمحاولة بسيطة لتصنيع مركب محدد، سرعان ما تطورت إلى إنتاج مئات المركبات العضوية الدقيقة، ما أتاح للباحثين فرصة الحصول على المواد التي يحتاجونها بسرعة وبتكلفة أقل.
في هذا الحوار مع “العين الإخبارية”، نتعرف أكثر على دوافع إطلاق المشروع، والتحديات التي واجهت الباحثين في تحضير هذه المواد، وآليات ضمان الجودة، وأبرز النتائج التي تحققت حتى الآن، إلى جانب الرؤى المستقبلية لتوسيع نطاق الإنتاج وربما التصدير لاحقا.
لنبدأ من البداية.. ما الذي جعلك تفكر في إنتاج هذه المواد محليا؟
كنت بحاجة لمادة اسمها الفيناثيل بروميد، وفوجئت أن أقل عرض سعر لها 6,500 جنيه، مع فترة انتظار قد تصل لستة أشهر. عندها تساءلت: لماذا لا نقوم نحن بتصنيعها؟ خصوصا أن المواد الخام موجودة في السوق المحلي. الفكرة بدت بسيطة، لكنها كانت بداية مشروع كبير.
وما الصعوبة التي يواجهها الباحث إذا حاول تحضير هذه المادة بمفرده؟
تحضير جرام واحد فقط يتطلب شراء كميات كبيرة من المواد الأولية، حيث إن أقل كمية متاحة للبيع 100 جرام لكل مادة بسعر نحو 5 آلاف جنيه. هذا يجعل الأمر مرهقًا جدًا ماليًا ولوجستيًا. أما من خلال الوحدة الإنتاجية عندنا، يمكننا توفير الجرام المطلوب بسعر 150 جنيهًا فقط، وهو فارق هائل.
هل يقتصر المشروع على مادة واحدة فقط؟
بالتأكيد لا. المشروع يغطي مواد كثيرة أكثر تعقيدًا، مثل مركب يُعرف علميًا باسم 4-أمينو-6-(كلوربنزيل)-3-ثياوكسي-1،2،4-تيريازين-5-أون. هذا المركب يتطلب سبع مواد أولية، وسعرها مجتمعة لا يقل عن 10 آلاف جنيه. بينما نحن نستطيع توفير الجرام المطلوب بسعر 350 جنيها فقط وبنقاء يصل إلى 95%.
وكيف يتم ضمان جودة هذه المواد المنتجة محليا؟
الجودة عنصر أساسي في عملنا. لذلك نتحقق من التركيب الكيميائي للمواد في معامل المركز باستخدام تقنية طيف الرنين النووي المغناطيسي، (¹H NMR) ، وهذه التقنية تعطينا دقة عالية جدًا وتؤكد أن المنتج مطابق للمواصفات المطلوبة.
كم عدد المواد التي تمكنتم من تحضيرها حتى الآن؟ وما خططكم المستقبلية؟
حتى الآن حضرنا أكثر من 370 مادة كيميائية عضوية دقيقة، ونسعى للوصول إلى 500 مادة بنهاية العام. الهدف ليس فقط تلبية احتياجات الباحثين محليًا، بل نسعى لاحقا لتصدير هذه المواد إلى الجامعات العربية والعالمية.
ما المكاسب التي يحققها هذا المشروع للباحثين وللبحث العلمي في مصر؟
نوفر ما لا يقل عن 40% من التكلفة والجهد على الباحثين. الأهم أننا نقلل فترة الانتظار الطويلة التي كانت تعرقل التجارب البحثية بسبب استيراد المواد. نحن نفتح باب الاعتماد على الذات في مجال شديد الأهمية للبحث العلمي.
aXA6IDJhMDI6NDc4MDoyNzoyMDA1OjA6MzBmMTplNGM3OjEg جزيرة ام اند امز
