فايز نصّار
ارتبط اسم جمال الخطيب ارتباطاً وثيقاً بفريق النجمة لسنواتٍ طويلة ، حملَ خلالها المجد والعزّة للنادي البيروتيّ العريق ، فحصدَ الألقاب والكؤوس بالجملة ، وباتَ اسمه على لسان كلّ الجماهير.
ولمّا حاول الغزال البحث عن مستقبله ، لفَّق له المغرضون قضايا ليست رياضية ، فاتخذ القرار الصعب بعدم العودة للنجمة ، ليلعب الدهاء الرياضي لعبته من قبل إدارة النجمة ، التي استغلت اجتماعاً مع الرئيس الراحل أبو عمار ، والتمست منه التدخل لإبقاء الغزال في الفريق الخمري ، وفعلاً طلب القائد من جمال البقاء في النجمة ، القريب من قوى الثورة في لبنان ، فبقي جمال .. وطارت منه فرصة كبرى للاحتراف .
وتميز الغزال الفلسطيني الأسمر بسرعته الهائلة ، وحسّه التهديفي العالي ، فلم يكن يشترك في مباراة دون ان يهزّ شباك المنافسين .. ووصل الأمر بملك الكرة بيليه إلى القول : إن الخطيب يستطيع اللعب في أيّ فريق في العالم .
وبقي أبو محمد وفياً لفلسطين ، فلعب مع الفدائي القديم كثيراً من المباريات ، وشارك في مباريات أخرى مع منتخب الأرز اللبناني ، ومع منتخب قطر تحضيراً لكأس الخليج في الكويت ، التي احتجت على أصله الفلسطيني ، فحرمّ من فرصة التألق في الخليجياد .
كانت المسافة بين الوطن والغربة قريبة ، فسارع الغزال الأسمر إلى تلبية دعوتي ، وفتح قلبه العاشق ، سارداً لنا شيئاً من محطات العشق الفلسطيني في بلاد الآخرين !
– اسمي جمال صبحي عبد الحفيظ الخطيب ” أبو محمد ” من مواليد بيروت يوم 12/12/1952 ولقبي الغزال الأسمر ، وأصلي من اللد ، ووالدتي من يافا.
– بعد نكبة 1948 نزح أهلي إلى منطقة الطريق الجديدة في بيروت ، وبدأ عشقي لكرة القدم عندما كنت في السابعة من عمري ، لأنّ جميع أخوتي – وأنا خامسهم – كانوا يلعبون الكرة ، وكنت أتابعهم أينما ذهبوا ، بما زاد في عشقي لكرة القدم ، حتى بلغ الأمر أن أهرب من المدرسة ، لأمارس لعبتي المفضلة ، التي أعطيتها عمري ، فأعطتني الشهرة ، وحبّ واحترام الناس .
– وكانت الانطلاقة الحقيقية بالانضمام لأشبال نادي الأنصار ، بقيادة المدرّب مصطفى البابا ، لأتدرّج في صفوف الفئات العمريّة ، وصولاً إلى الفريق الأول ، بقيادة المدرب المعروف عدنان الشرقي ، الذي ساهم في صقل موهبتي ، وتنمية قدراتي ، فشاركَت مع الفريق موسماً واحداً ، كنت خلاله أصغر لاعب (16 عاماً). وفي العام 1969 انتقلت الى نادي النجمة ، حيث بدأت مسيرتي الذهبية ، وكان وراء انتقالي المدرب المعروف سمير العدو.
– وإضافة إلى الانصار والنجمة لعبت لنادي الاستقلال القطري ، ونادي خيطان الكويتي ، وكنت قريباً من اللعب للأهلي المصري ، الذي تدربت معه ، ولكن النجمة رفض الاستغناء عني ، كما أنني كنت قريباً من اللعب لفنار بخشه التركي .. ولعبت لمنتخب لبنان ، ومنتخب فلسطين ، ومنتخب قطر ، الذي لعبت له قبل الدورة الرابعة في الدوحة ، ووعدت بمبلغ مليون ريال إذا فزنا بالبطولة ، وليلة الافتتاح احتج الوفد الكويتي عليّ ، على خلفية لعبي سابقا لمنتخب لبنان ، وأيدت كلّ دول الخليج الاعتراض الكويتي ، وتمّ منعي رغم تهديد قطر بالانسحاب . !
– لم أكن أخشى أيّ مدافع ، ولكني كنت أتجنب الخشونة ، وأهرب من المدافعين الخشنين ، الذين تسببوا بكسر في رجلي ثلاث مرات ، ووضعت رجلي في الجبس ثلاثة أشهر .
– مثلي الأعلى في الملاعب المدرب عدنان الشرقي ، والجوهرة بيليه ، ثم الظاهرة البرازيلي رونالدو ، أسطورة كرة القدم ، الذي لن يتكرر .
– أفضل نجوم فلسطين في لبنان وسوريا جمال الخطيب ، وعمر طه ، وهاني عبد الفتاح ، ووسيم عبد الهادي ، ومحمد أبو عتيق ، وإبراهيم سويدان .
– مع الأسف لم تنظم لي مباراة اعتزال ، بسب الحرب الاهلية ، التي خربت كلّ شيء في لبنان ، وكانت لي تجارب تدريبية عديدة ، أبرزها تدريب منتخب لبنان ، ومنتخب فلسطين ، كما دربت لفترة نادي النجمة .
– إنجازاتي في الملاعب لا تعد ولا تحصى ، ولكني أعتز بكوني خرجت من الملاعب كأفضل لاعب من حيث الأخلاق والحمد لله … وقد توّجت أكثر من مرّة هدّافاً للدوري اللبناني ، منها في موسم 1975 حيث أحرزت 17 هدفاً من أصل 43 لفريقي ، الذي عاد وأحرز اللقب من دون خسارة ، وحزت على معظم البطولات أثناء لعبي مع النجمة ، وفي موسم 1991 أعلنت اعتزالي اللعب مع الفريق النبيذي.
– سنة 1971 لعبَت لنادي خيطان الكويتي ، وسنة 1976 لعبت لفريق الاستقلال القطري ، وأحرزت لقب الهدّاف برصيد 18 هدفاً ، كما حزت على لقبَي الدوري والكأس معاً ، ولعبت للمنتخب القطري ، وكنت هدافه الأول ، وكان معي اللاعب الفلسطيني أحمد فستق ، وكنت قاب قوسين او أدنى من نيل الجنسية اللبنانية سنة 1974 ، بعد عرض من نادي السلام زغرتا ، الذي كان يرأسه طوني ، نجل رئيس الجمهورية سليمان فرنجية ، ويومها أيضاً رفض النجمة تحريري .
– افتخر بكون جائزة الحذاء الذهبي لهداف الدوري الفلسطيني في لبنان تحمل باسمي !
– مباريات الديربي اللبناني بين الأنصار والنجمة كانت بمثابة عيد للرياضيين في لبنان ، حيث تمتلئ المدرجات ، وتعلو الهتافات ، التي تصمّ الآذان ، وسط أجواء الشدّ العصبي ، والمشاكل بين جماهير الفريقين ، وكنت في فوهة البندقية ، كوني انتقلت من الأنصار إلى النجمة ، وكان جمهور النجمة يتهمني بأني لا أريد التسجيل ، كوني نشأت في الأنصار ، وفي احدى المباريات شتمني الجمهور ، فاستفزني الأمر ، وسجلت هدف الفوز في آخر دقيقة ، وبعد المباراة خرجت من الملعب غاضباً ، ولم أتحدث مع أحد من الجمهور ، ولمّا حاولت ركوب سيارتي منعني الجمهور ، ولم يقبلوا إلا بحملي من المدينة الرياضية إلى مقر النادي ، وأذكر يومها انهم حملوا السيارة وأنا بداخلها ، فخرجت منها ، وحملوني على الاكتاف .
– بسبب تواصل انقطاع الكهرباء في لبنان لا أتابع كثيراً من دوريات العالم ، وبالتالي فأنا لا أتابع الدوري الفلسطيني ، ولكني أتابع جميع مباريات الفدائي .
– أتمنى من الاتحاد الفلسطيني إيلاء مزيد من الاهتمام لنجوم الشتات فهناك الكثير من الموهوبين ، الذين بإمكانهم خدمة المنتخبات الوطنية ، وأضيف بأنّ هناك كثيراً من النجوم من فلسطينيي لبنان ، ولكن الظروف لم تساعدهم ، لأنّ الأندية اللبنانية تفضل التعاقد مع اللاعبين الأجانب .
– أفضل نجوم فلسطين سابقاً مروان كنفاني ، وفؤاد أبو غيدا ، وعلي ابو حمدةً ، وأفضل لاعب عربي سابقاً محمود الخطيب وبلومي ، وحالياً محمد صلاح النجم الرائع ، ورياض محرز لاعب كامل الاوصاف من الطراز الأول ، وأفضل لاعب عالمي سابقاً بيليه ، والبرازيلي رونالدو ، وحالياً البرتغالي رونالدو .
– مدربي المفضل فلسطينياً منصور الحاج سعيد، وعربياً عدنان الشرقي ، وعالمياً مورينو .
– من المباريات التي لا أنساها ، تلك التي جمعت النجمة بمنتخب الجزائر القوي مطلع السبعينات ، يومها كانت مدرجات المدينة الرياضية ممتلئة بأكثر من ثلاثين ألف متفرج ، وكان معنا المصري المعروف محسن صالح ، الذي سجل هدفين ، وسجلت انا هدفاً .
– أعان الله الإعلام الرياضي الفلسطيني على القيام بمهامه ، فألف شكر على جهود جميع الإعلاميين ، الذين يعملون في ظروف صعبة ، ومنها هذا السلسلة عن نجوم فلسطين عبر التاريخ .
– لا أنسى المباراة التاريخية بين النجمة وفريق جامعات فرنسا في بيروت ، عندما لعبت إلى جانب الجوهرة السوداء بيليه في نيسان 1975…كانت تلك أهم لحظة في حياتي ،وخاصة عندما سئل بيليه في مقابلة تلفزيونية عن الكرة اللبنانية فقال : اللاعب رقم ثمانية يمكنه أن يحترف في أيّ ناد في العالم .
– كما لا أنسى المواجهة ضدّ التضامن بيروت ، يوم كنت على سوء تفاهم مع الإدارة ، وجلسَت في المدرجات ، لكنّ الجمهور النجماوي هتف لي طويلاً طالباً مشاركتي بعد تأخر فريقي بهدف ، فاستجبت للجمهور وشاركت قبل النهاية بـ 12 دقيقة ، فمرّرت هدف التعادل لمحمود شاتيلا ، وسجّلت هدف الفوز في الدقيقة القاتلة.
– أشكر كرة القدم ، التي ادين لها بالشهرة ، واحترام الناس ، وكل التحية لك اخي فايز على جهودك في احياء التراث الرياضي ، أنت من خيرة الصحفيين الذين عرفتهم .

