رغم أن تخزين الهيدروجين يُعد حلًا نموذجيًا لفائض الإنتاج، فإنه ينطوي على الكثير من التساؤلات، في ظل محاولة الوصول لموارد أكثر اتساقًا مع المتطلبات البيئية.
ولسنوات طويلة، ظلّت الانبعاثات الناجمة عن عملية التخزين الشاغل الأكبر للباحثين، وتجاهلت الدراسات ذات الصلة نقاط شائكة أخرى.
وخلص تحليل -تابعته منصة الطاقة المتخصصة (الصادرة من واشنطن)- إلى أن تسليط الضوء على الانبعاثات الكربونية للتخزين فقط، يساعد في “تجاهل” الأثر البيئي الشامل.
وشدد مُعِد التحليل على ضرورة إجراء تقييمات لجدوى التخزين تُغطّي جوانب ومعايير متكاملة، للوقوف على جدوى الاندفاع وراء التقنية، خاصة أن غالبية دراسات المجال لم تتناول بعض القضايا الرئيسة مثل مصير المواد المستعملة في التخزين بعد انتهاء عمرها التشغيلي.
دراسات تخزين الهيدروجين
ركزت دراسات تخزين الهيدروجين على “الانبعاثات الكربونية”، بوصفها أبرز الآثار البيئية الناجمة، وغفلت عن نقاط أخرى قد تعادلها في الأهمية أو تفوقها.
وبعد مقارنة 30 دراسة ذات صلة، أكد مؤسس منصة إنرجي نيوز، أرنيس بيوغرادليا، الحاجة إلى التوصل لنتائج أكثر شمولًا حول تكاليف وتداعيات التخزين على الصعيد البيئي.
ورصد “بيوغرادليا”، في تحليله، أن ما يزيد على “ثلث” التقييمات حملت “الانبعاثات” وحدها مسؤولية التأثير البيئي للتخزين، وفق ما نشره في المنصة.
وقال إن الأثر البيئي يمتد لما هو أبعد من ذلك، وهو ما يغطي مراحل سلسلة التوريد المتكاملة، ويراعي البعد الاقتصادي والاجتماعي أيضًا.
وربط “بيوغرادليا” بين نشر تقنية تخزين الهيدروجين بصورة مستدامة، ونتائج الدراسات المستقبلية للمعايير المتكاملة لتأثيراتها، خاصة الأجزاء المتعلقة بمعالجة المعدات في نهاية عمرها التشغيلي وكيفية الاستغناء عنها.
التأثيرات البيئية لتخزين الهيدروجين
بالنظر إلى تأكيد التحليل أن التأثيرات البيئية لتخزين الهيدروجين أوسع نطاقًا من الانبعاثات، نناقش في التقرير الآتي محاور وأبعاد أخرى.
1) طريقة الإنتاج
تمثّل طريقة إنتاج الهيدروجين أهم مراحل التأثير البيئي، فقبل الوصول لتخزين الإمدادات مرت عملية التطوير بمراحل عدة.
ويحدد المصدر الرئيس المستعمل في إنتاج الهيدروجين حجم بصمته الكربونية سواء اعتمادًا على مصادر متجددة (مثل الشمس والرياح) أو الغاز أو غيره.
وينعكس نوع مصدر الإنتاج على انبعاثات دورة حياة الهيدروجين، على مدار سلسلة التوريد الكاملة، بدءًا من الإنتاج حتى التخزين وما بعده.
وبالتالي، ترتبط البصمة البيئية للتخزين بإزالة الكربون بدءًا من مرحلة الإنتاج، حتى يتقلص حجم الانبعاثات على مدار دورة حياة الوقود.
2) سلسلة الصناعة المتكاملة
يُغطّي الأثر البيئي الكامل مراحل عدة، من بينها: شبكات الكهرباء، وطريقة النقل، والاستعمالات الصناعية.
3) سُميّة المعادن
يُشاع عن الهيدروجين الأخضر أنه أكثر أنواع الوقود ملائمة للأهداف البيئية، دون الالتفات إلى تأثير السموم الناجمة عن استخراج المعادن النادرة اللازمة لعملية التحليل الكهربائي، أو خلايا الوقود.
4) مصير التقنية بعد انتهاء عمرها
أغفلت غالبية الدراسات المتعلقة بالتخزين مصير المعدات المستعملة للاحتفاظ بالهيدروجين بعد انتهاء عمرها التشغيلي المقدر، التي تطلق حجم انبعاثات كبيرًا ومواد ضارة.
وانتهت مرحلة تقييم الأثر البيئي لسلسلة الهيدروجين عند “الاستهلاك” في 54% من الدراسات، دون بحث مصير نهاية العمر الزمني في التعامل مع الخزانات المصنعة من ألياف الكربون، ومعادن أجهزة التحليل الكهربائي وخلايا الوقود.
ولم تبحث التقييمات حتى الآن انعكاس إعادة تدوير هذه الموارد، وتأثيراتها البيئية.
5) وسيلة التخزين
يؤثر اختيار وسيلة التخزين في الأثر البيئي الشامل للتقنية، إذ يُعد الهيدروجين المضغوط أفضل صور التخزين وفق تحليل “إنرجي نيوز”، لكن هناك طرق تخزين أخرى يمكن الاعتماد عليها وتخفض الانبعاثات في الوقت ذاته، مثل:
هيدريد المعادن:
ويعني ذلك ربط الهيدروجين بمركبات معدنية عبر تفاعلات كيميائية، وتمتاز باحتياجها إلى طاقة تشغيلية أقل.
التخزين الجوفي:
عبر تخزين الهيدروجين تحت الأرض، وفي الكهوف الملحية أو حقول النفط والغاز القديمة، وتمتاز بأنها لا تنتج مخلفات ونفايات من معدات التخزين الأخرى كالألياف وغيرها.
6) سعة التخزين
أظهرت الدراسات أنه كلما زاد حجم مرافق التخزين زادت السعة وانخفض الكربون، وسجلت الانبعاثات تراجعًا مقابل كل كيلوغرام يضخ لتخزينه.
7) الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية
افتقرت غالبية دراسات التداعيات البيئية لتخزين الوقود النظيف إلى الأبعاد الاقتصادية (تكلفة سلسلة الهيدروجين بدءًا من الإنتاج حتى التخزين والاستهلاك وما بعدهما)، وكذلك التأثيرات الاجتماعية (اعتبارات الصحة والسلامة وغيرها).
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصادر:
