أعلن مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي (إثراء) – مبادرة أرامكو السعودية- افتتاح معرض “الأفق في أيديهن: فنانات من العالم العربي (ستينيات – ثمانينيات القرن العشرين)” مساء الخميس، بالتعاون مع “مؤسسة بارجيل للفنون” الرائدة والمتخصصة في جمع واقتناء الأعمال الفنية المعاصرة من جميع أنحاء العالم العربي، وذلك داخل صالات “متحف إثراء”، ويستمر حتى 14 شباط/فبراير 2026.
في قلب المشهد الثقافي العربي، جاء المعرض ليكرّم الإبداع النسائي اللبناني عبر عرض أعمال أربع رائدات تركن بصماتهن الخاصة في التشكيل والفكر البصري: أمية عالية صُبرة، سلوى روضة شقير، جوليانا سرافيم، وناديا صقيلي. حضور هذه الأسماء يضع المبادرة في سياق أوسع، حيث لا يقتصر دورها على تمكين الشباب فحسب، بل يتقاطع أيضاً مع مسار فنانات أسّسن لثقافة جمالية وفكرية ما زالت تلهم الأجيال.
جانب من المعرض.
يعكس معرض “الأفق في أيديهن” رسالة “إثراء” في بناء منظومة ثقافية تحفظ الإرث وتُعزز الأصوات المتنوعة، وتُلهم حواراً متصلاً بين الماضي والحاضر والمستقبل، وفق رئيسة “متحف إثراء” فرح أبو شليح، التي اعتبرت أنّه “من خلال هذا التعاون مع مؤسسة بارجيل، يُمثل المعرض محطة بارزة في مسيرة إثراء نحو رعاية الإبداع وتسليط الضوء على السرديات المغيبة في تاريخ الفن العربي”.
بدوره، قال قيّم المعرض و”مؤسسة بارجيل للفنون” رامي حمص “إنّ المعرض يسلط الضوء على مساهمات 50 فنانة من أنحاء العالم العربي قدمّنَ للجمهور أعمالًا فنية إبداعية أعادت تعريف الفن من جديد”.

مُنى المُنَجِّد، الأحلام تتحقّق في السعودية، 2022. (من مجموعة الفنانة)
وأشار إلى أنّ “المعرض يقدّم لمحة معمقة عن المقاربة التي صنعتها الفنانات بين الفن والحرف وإنتاج أعمال فنية تستحق التأمل النقدي وتثير أسئلة حول انصهار الطابع الفني مع الجانب الحرفي: ما هو تعريف الفنون الجميلة؟ ما هو الحد الفاصل بين مختلف أشكال الحرف التي يُنتفع منها والتعبير الفني الفردي؟ وكيف يمكن توظيف العناصر المادية لتصبح يداً فاعلة في إثارة الحوار السياسي والثقافي؟”.
تفاعل بين الفنون الجميلة والحرف اليدوية
يستكشف المعرض الفني تشكيلة متنوعة لأعمال إبداعية معاصرة لـ 50 من الفنانات الرائدات في العالم العربي، ممن ساهمن في تشكيل حركة الحداثة الفنية في المنطقة خلال الحقبة الممتدة من ستينيات إلى ثمانينيات القرن الماضي، وكان لهن بالغ الأثر في رسم المعالم الثقافية والبصرية لتلك الفترة، وهو ما يتجلى من الأعمال المعروضة التي تتفاعل فيها حركة الأجيال والجغرافيا والتوجهات المختلفة.

نادیة محمد، نباتات الحديقة، 2021. (مقتنیات مؤسسة بارجیل للفنون، الشارقة)
فنانات رائدات من العالم العربي
وعن أبرز الأعمال الفنية، يسلط المعرض الضوء على الفنانة التشكيلية السعودية الرائدة، صفية بن زقر (1940-2024) والتي تُعد من أُوَّل الفنانات اللاتي افتتحن معرضًا فنيًا في المملكة، وكذلك السعودية منيرة موصلي (1954-2019)، وهي فنانة تشكيلية ورسّامة شهدت أعمالها استعمالًا لمواد متنوعة كالنحاس وألياف النخيل والورق والبردي والمحار.
إلى جانب ذلك، تستعرض الفعالية لوحة “عزبة” وهي من إبداع الفنانة التشكيلية المصرية إنجي أفلاطون (1924-1989) التي تتناول لوحاتها مفاهيم الحرية، إلى جانب لوحات للفنانتين، المغربية الشعيبة طلال (1929-2004) ، والفلسطينية المولد فيرا تماري (مواليد عام 1945)، إذ تعكس لوحاتهما قضايا الذاكرة والوطن إلى جانب الأعمال التعبيرية الملونة، وكذلك الفنانة المصرية سوزان حفونة (مواليد عام 1962) والتي تقدم أعمالًا متعددة الوسائط تستكشف فيها الهوية وحياة المدن والتمازج الثقافي، ومن أبرز أعمالها “الصبر جميل”.
من ناحية أخرى، يبرز المعرض أعمالًا لفنانات ينتمين إلى بداية حركة الحداثة الفنية في القرن العشرين، مثل الفنانة المصرية زينب عبد الحميد (1919-2002)، والفنانة التونسية صفية فرحات (1924-2004)، وصولًا إلى أصوات معاصرة مثل الفنانة البحرينية مريم فخرو (مواليد عام 1952)، والفنانة الكويتية سعاد العيسى (مواليد عام 1943).

فیرا تماري، نساء فلسطینیات في العمل، 1979. (مقتنیات مؤسسة بارجیل للفنون، الشارقة)
أعمال تستحضر موضوعات الماضي والحاضر
ومن خلال الأعمال المعروضة تتجلى مقدرة الفنانات على صهر الحرف اليدوية والابتكار والفنون الجميلة في بوتقة واحدة لإنتاج لوحات مبهرة تعكس التحولات الاجتماعية والسياسية والثقافية لتلك الحقبة. وتستعرض اللوحات الفنية داخل صالات متحف إثراء موضوعات كالهوية، والذاكرة، والمكان، والمهجر، والتقاليد، والتجديد، كلٌ في إطاره الثقافي والشخصي، لتقدم لضيوف المتحف قراءة جديدة ومعمقة عن تاريخ الفن العربي المعاصر إبان حقبة مهمة من القرن العشرين.
ويأتي استضافة إثراء لهذا المعرض الفني باعتباره منصة ترعى كافة أشكال الفنون من حقب زمنية متنوعة، سواء كانت محلية أو عالمية، وذلك من خلال معارض تفاعلية وصالات عرض ومعارض مؤقتة تجمع مختلف الثقافات تحت مظلة واحدة تثري تجربة الزوار.

