ميدل ايست نيوز: تواجه صناعة الأجهزة المنزلية في إيران انخفاضاً حاداً في الإنتاج بنسبة 38 في المئة وتراجعاً في المبيعات بنسبة 40 في المئة، وسط أزمة سيولة ونقص في العملة الصعبة وهيمنة البضائع المهرّبة التي تستحوذ على نحو 30 في المئة من السوق. هذه الظروف أدت إلى تراجع جودة المنتجات المحلية وفقدان ثقة المستهلك الإيراني بها. وفي ظل هذا الركود، يثار التساؤل حول ما إذا كانت الزيادات الجديدة في تكاليف الإنتاج ستؤدي إلى ارتفاع إضافي في الأسعار.
وقال موقع تجارت نيوز إن صناعة الأجهزة المنزلية في إيران لم تكن يوماً خالية من العقبات. ويعد نقص السيولة وعدم القدرة على توفير العملات الأجنبية اللازمة للمصنعين من أبرز التحديات التي تواجه هذا القطاع، إذ تشير بيانات اتحاد منتجي الأجهزة المنزلية إلى أن هذه المشكلة تحولت خلال السنوات الأخيرة إلى أحد أهم معوقات العملية الإنتاجية.
ويُقدَّر حجم سوق الأجهزة المنزلية في إيران بأكثر من ستة مليارات دولار، فيما تحتاج هذه الصناعة إلى نحو 1.2 مليار دولار سنوياً من العملات الأجنبية. غير أن تأخر أو نقص تخصيص هذه العملات أدى إلى توقف تخليص المواد الأولية في الجمارك وتعطّل دورة الإنتاج. وفي ظل غياب التمويل الكافي، تضطر العديد من المصانع إلى شراء المواد الأولية من السوق الحرة، ما يزيد من تكلفة الإنتاج ويقلل من قدرتها التنافسية في السوقين المحلية والخارجية. كما تسببت القيود المفروضة على العملة الأجنبية في تعطيل عملية تسجيل الطلبات الخاصة باستيراد المعدات الجديدة، ما حال دون تحديث خطوط الإنتاج.
وتبرز أيضاً مشكلة التضخم الكبير في أسعار المواد الأولية، والذي تجاوز بكثير معدلات التضخم العامة في البلاد. فبينما يبلغ معدل التضخم الرسمي السنوي بين 40 و50 في المئة، فإن التضخم في أسعار المواد الأولية المستخدمة في صناعة الأجهزة المنزلية يقدَّر بين 300 و700 في المئة. ويعزو أعضاء الاتحاد هذا الارتفاع الحاد إلى زيادة أسعار الصرف واحتكار توريد المواد الأولية والاعتماد المفرط على السوق الحرة، وهي عوامل أدت إلى تآكل القدرة التنافسية للمنتجين المحليين وإبطاء مسار نمو هذه الصناعة.
وقال مهرداد محمدي، عضو مجلس إدارة جمعية صناعات الأجهزة المنزلية الإيرانية، في الاجتماع الأخير للجمعية، إن السياسات المالية والنقدية الحكومية فرضت ضغوطاً شديدة على المصنعين، مشيراً إلى أن العقوبات وسياسات البنك المركزي الانكماشية دفعت الصناعة إلى حافة الخسارة. وأوضح أن التأخير الطويل في تخصيص العملات الأجنبية، الذي قد يمتد إلى 160 يوماً، أدى إلى احتجاز المواد الأولية في الجمارك وتفاقم أزمة السيولة لدى المصانع. وأضاف أن المنتجين، الذين يعملون حالياً على حافة الخسارة، يجدون أنفسهم مضطرين إلى رفع الأسعار، وأن السبب الجوهري لهذه الأزمة يكمن في السياسات الاقتصادية الكلية. كما أشار إلى سوء إدارة قطاع الطاقة بوصفه عاملاً آخر يرفع تكلفة الإنتاج، موضحاً أن بعض الشركات تضطر إلى إنفاق ما يصل إلى 5 في المئة من مبيعاتها السنوية لتأمين الكهرباء والوقود من السوق الحرة، وهو عبء مالي ينتقل في نهاية المطاف إلى المستهلك. كذلك أدت العقوبات إلى زيادة كلفة تحويل الأموال اللازمة لاستيراد المواد الأولية بنسبة تصل إلى 30 في المئة، مما أجبر الشركات على اللجوء إلى طرق غير رسمية لتأمين المكونات.
من جانبها، قالت نسرين أوجاقي، الأمين العام لجمعية صناعات الأجهزة المنزلية الإيرانية، على هامش الاجتماع، إن الصناعة رغم تحقيقها نمواً في الإنتاج خلال السنوات الماضية، شهدت في عام 2025 تراجعاً بنسبة 38 في المئة في الإنتاج وانخفاضاً بنسبة 40 في المبيعات مقارنة بالعام السابق. وأكدت أن هذه الصناعة قادرة على تلبية احتياجات السوق المحلية، لكنها تعاني ركوداً حاداً، فيما اتجه جزء من الطلب نحو السلع المهرّبة والمستوردة. وأوضحت أن نحو 30 في المئة من السوق تسيطر عليه السلع المهرّبة، مشيرة إلى أن قانون دعم سكان المناطق الحدودية ونظام “تهلنجي” يعدان من أبرز أسباب الاضطراب في السوق. كما عدّت مشكلات الطاقة، وتقلبات أسعار الصرف، وتأخر تخصيص العملة من أبرز العقبات التي تواجه الإنتاج. وأضافت أن انقطاع الكهرباء خلال فصل الصيف يوماً بعد يوم أدى إلى ارتفاع كبير في تكاليف الإنتاج، ما دفع العديد من المصانع إلى تعديل هيكلها المالي لتفادي تسريح العمال.
نسخ الرابط

