أسدل الستار على فعاليات الدورة الـ33 من مهرجان الموسيقى العربية، والتي حملت قبل انطلاقها نغمة متوترة تشبه لحنا خرج عن إيقاعه، وذلك بداية من تداخل المواعيد مع مهرجانات فنية كبرى، وغياب المايسترو تامر غنيم مدير المهرجان عنه لظروف صحية – كما أعلن – والاحتفاء “بالست” كوكب الشرق أم كلثوم والتي اختارتها الدورة 33 لتكون شعارا لها بالتزامن مع مرور 50 عاما على رحيلها.
فعلى مدار 10 أيام، بدا المشهد الثقافي المصري كأوركسترا ضخمة بلا قائد يعزف كلُ فيها لحنه الخاص، حيث تحول المشهد إلى نشاز يهدد عراقة مهرجان الموسيقى العربية الذى ولد ليحفظ هوية الطرب الأصيل من الضياع.
فخلف أضواء المهرجان الأعرق في العالم العربي، كانت تدور وقائع فى الكواليس لا يعرفها الجمهور: مسرح يهدم ويعاد بناؤه، ملايين تنفق، واحتفاء باهت برمز بحجم أم كلثوم.
أم كلثوم.. احتفاء باهت بكوكب الشرق
واختار مهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية في دورته الـ33 أن يحمل اسم كوكب الشرق أم كلثوم بمناسبة مرور 50 عاما على رحيلها، وكان الاختيار رائعا ومحمودا.
ولكن جاء الاحتفال بكوكب الشرق باهتا لا يليق بعظمتها وتاريخيها الفني الذي ينحني أمامه العالم أجمع من موسيقيين وجماهير، وظهر ذلك منذ اليوم الأول، حيث اختارت إدارة المهرجان أن تقدم في حفل افتتاح مهرجان الموسيقى العربية فيلما وصف بأنه تسجيلي أو وثائقي فلم يتعد الدقيقتين وجاء على شاكله “قالوا عنها”، فكان عبارة عن مقاطع مجمعة لآراء عدد من الكتاب والنقاد عن أم كلثوم، فكيف يكون ما قدم فيلما يحتفي بأيقونة الموسيقى والنغم العربي.

لم يكن الفيلم وحده تقزيما لعظمة الست، فعلى الرغم من المهرجان يحمل اسمها ويحتفي بمرور 50 عاما على رحيلها، إلا أن إدارة المهرجان قررت عمل ليلة في حب “حليم ووردة الجزائرية” غنى فيها الفنان محمد ثروت والفنانة مروة ناجى، وكأن مسارح الأوبرا تتعطش لأعمالهما مع حفظ الألقاب الفنية لكل منهما، أو أن الدورة 33 اختفت من برامجها أغانيهم على مدار أيام المهرجان! واتذكر ما قاله الدكتور علاء عبد السلام رئيس دار الأوبرا في حواره معنا بعد توليه رئاسة الدار، عند سؤاله بأن الجمهور يشتكى من تكرار نفس البرامج ونفس الحفلات؟ فقال حينذاك على سبيل التندر ” ايه المنتج اللى بتقدمه الفرق ففي ذكرى الفنانين.. هوجه حفلات عن مولد ستنا وردة ووبلوغ عبد الوهاب سن الرشد “.. فأين هذا الكلام من التخطيط لبرنامج المهرجان ؟!
وبخلاف هذا وذاك فكان الأكثر إثارة، نقل تمثال أم كلثوم للنحات الكبير طارق الكومي، والموجود في الأوبرا منذ التسعينيات إلى مكان بعيد مهمل في الحديقة الخلفية لمسرح النافورة، وكأنه تمثالا سريا أو لشخصية غير كوكب الشرق.

والغريب أن التمثال لم يستخدم كجزء من المسرح ليقدم بدوره نغمه فنية أخرى تتشابك مع شعار المهرجان الذى اختار أم كلثوم شخصية الدورة 33، وهو ما لم تفسره أي من المصادر التي تحدثنا إليها.
الغموض يحيط بعملية فراشة مسرح النافورة
كشفت الدورة الحالية من مهرجان الموسيقى العربية، أن مسرح النافورة بدار الأوبرا المصرية، لم يكن مجرد مسرحا لعرض الحفلات فقط، بل يحمل بين جدرانه أكثر من تقديم الفن والموسيقى للجمهور.
فقد أثيرت خلف الكواليس أحاديث غامضة، أثناء الاستعداد والتجهيز لمهرجان الموسيقى العربية 33، حول عملية تأجير واستقدام فراشة – منصة المشاهدين – بـ 2700 مقعد، حيث دار لغط كبير فيما يخص عمليه ترسية الفراشة بـ “الأمر المباشر” بملغ قدرة مليون و750 ألف جنيه.

ورغم الإسناد المباشر بمبلغ مليون و750 آلف جنيه حسب المذكرات المقدمة، إلا أن هذا المبلغ تضخم فجأة وأصبح 2 مليون جنيه ونصف !
وبالعودة بالزمن إلى عام 2020، وقت أن كان الدكتور مجدى صابر رئيسا لدار الأوبرا المصرية، فقد أنشأ مسرح النافورة آنذاك كحل استثنائي بعد جائحة كورونا – كوفيد 19 – بعد أن توقفت الأنشطة الفنية داخل القاعات المغلقة، وتنفيذا لتعليمات الصحة والسلامة العامة التي أقرتها الدولة المصرية وقتها فكرت إدارة الأوبرا أن يكون هذا المسرح استثمار طويل الأجل.
وتكلف إنشاء المسرح مليون و300 ألف جنيه، وتجاوزت إيراداته 50 مليون جنيه آنذاك مع الحفاظ على ملكيته كجزء من أصول الهيئة ولم تؤجر وقتها إلا كراسي المشاهدين فقط، وبلغت أعلى طاقة استيعابية له 2000 كرسي.

قطع أشجار الأوبرا النادرة
الأكثر إثارة أن مع إعادة بناء مسرح النافورة بدار الأوبرا المصرية، بعد إزالته مطلع العام، أزال في طريقة عددا من الأشجار التي تتمتع بصفة السلالات النادرة وكانت قد أهدتها اليابان لمصر، وذلك بهدف زيادة مساحة المسرح لـ2700 مقعد.

مهرجان الموسيقى العربية مولد وصاحبه غايب
المدهش في الدورة الـ33 من مهرجان الموسيقى العربية هذا العام، بأنها حملت مفاجأة غريبة من نوعها، وهي إعلان وزارة الثقافة في بيان رسمي يوم الجمعة 24 أكتوبر الجاري أثناء إقامة المهرجان، عن امتداد حفلاته هذا العام خارج حدود مصر حيث تقام ثلاث حفلات موسيقية 24، 25، 26 أكتوبر في دولة الإمارات المتحدة، بمشاركة ثلاثة فنانين وهم هاني شاكر وريهام عبد الحكيم ومروة ناجي.
وإقامة حفلات للفنانين المصريين في الخارج دليلا على قوة تأثير الفن المصري في محيطه العربي، ولكن نتوقف هنا قليلا.. فكيف يتم الإعلان عن امتداد حفلات مهرجان الموسيقى العربية في الخارج، دون الإعلان عنها في المؤتمر الصحفي الذى عقد في 28 سبتمبر الماضي بدار الأوبرا للكشف عن تفاصيل الدورة الحالية الـ33، والذى حدد مدة فترة المهرجان من 16 – 25 أكتوبر الجاري بتحديد إقامته على مسارح دار الأوبرا المصرية في القاهرة والإسكندرية ودمنهور؟!

وهنا يستوقفنا عدة تساؤلات، هل إيرادات تلك الحفلات الثلاث ستدخل ضمن الإيرادات التي حققتها حفلات المهرجان داخل مصر أم لا ؟ وما عدد الإداريين الذين سافروا في تلك الحفلات؟!، ما هي الميزانية الفعلية للدورة 33 من مهرجان الموسيقي العربية؟، وما هو حجم الإيرادات التي حققها المهرجان؟ وما هي الرؤية والأهداف التي يوضع على أساسها البرامج الثقافية والفنية واختيار الفنانين إلى آخر ذلك.
هكذا انتهت الدورة 33 من مهرجان الموسيقى العربية، لا على أنغام الطرب الأصيل، بل على أصوات متنافرة تكشف حجم الخلل داخل أروقة الثقافة المصرية، فبين قرارات مرتجلة، وهدم لمسرح ثم إعادته في صمت، واحتفاء باهت برمز بحجم أم كلثوم، بدا المهرجان وكأنه ضحية إدارة تتعامل مع التراث كما تتعامل مع بند في ميزانية، لا مع ذاكرة وطنٍ وصوت أمة.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

