في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
ألقت قوات “الدعم السريع” السودانية القبض على الفاتح عبد الله إدريس، المعروف بـ”أبو لولو”، المتهم في انتهاكات الفاشر تمهيداً لمحاكمته.
وأعلن “تحالف تأسيس” التابع للدعم السريع اتخاذ إجراءات عاجلة ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات، رافضاً الانتهاكات الجسيمة ضد المدنيين في الفاشر. وأكد التحالف مواصلة إطلاع الجهات الدولية على التحقيقات في الإقليم، مشدداً التزامه بحماية المدنيين وعدم التهاون مع مرتكبي الانتهاكات.
مقاطع مصورة
صعد الرجل الملقب بـ”أبو لولو” إلى صدارة المشهد، ليصبح أحد أكثر الأسماء تداولاً في السودان، لاسيما بعد ظهور مقاطع مصورة للرجل في شوارع الفاشر.
فبين ليلة وضحاها، تحول “أبو لولو” من مقاتل مغمور إلى وجه في مشاهد العنف الميداني التي تصدّرت مواقع التواصل الاجتماعي.
الفاتح عبد الله إدريس الملقب أبو لولو
في الأثناء، اتفقت روايات محلية متقاطعة على أن الرجل خرج من رحم المجموعات المسلحة في دارفور، واكتسب سمعة مقاتل شرس، لكنه لم يلبث أن تجاوز حدود المقاتل التقليدي ليصبح قائداً ميدانياً بارزاً، رغم أنه نفى أمس في بث على مواقع التواصل أن يكون منضوياً في صفوف الدعم السريع.
فيما أسهمت المقاطع المصورة التي انتشرت له في شبكات التواصل الاجتماعي في تحويله إلى أحد أكثر الأسماء إثارة للرعب في المشهد السوداني.
فقد أظهرت بعض تلك المقاطع المصورة المزعومة، الرجل يتحدث بلهجةٍ آمرة إلى أسرى ومدنيين، قبل أن يطلق النار عليهم.
ففي أغسطس الماضي، انتشر مقطع مصور قيل إنه لـ”أبو لُولو” وهو يطلق النار على رجلٍ أعزل في مدينة الفاشر، ما أثار موجة غضب عارمة على المنصات السودانية.
فيما دفعت تلك الحادثة قيادة الدعم السريع إلى إعلان تشكيل لجنة تحقيق، مع وعود بمحاسبة الجاني إن ثبت انتماؤه إلى القوة.
لكن سرعان ما ظهر الرجل مجدداً في تسجيلات جديدة عقب سيطرة الدعم السريع على مدينة الفاشر، وهو ينفّذ عمليات إعدام ميدانية بحق مدنيين وأسرى.
إلى ذلك، أظهرت مقاطع أخرى من مواقع مختلفة داخل الفاشر لم يتم التأكد من صحتها، رجلاً قيل إنه أبو لولو يطلق النار على مجموعة من الرجال الجالسين على الأرض تباعاً، بينما ظهر في تسجيلات مختلفة محاطاً بمسلحين يحتفون به بوصفه قائداً منتصراً، وسط كومة من الجثث المتناثرة على الأرض بالقرب منهم.
في موازاة ذلك ومع ارتفاع حدة الغضب الشعبي والرسمي من تلك الجرائم الوحشية، حاولت قيادة الدعم السريع النأي بنفسها عن أفعاله، إذ نشر فارس النور، المعيّن حاكماً للخرطوم في “حكومة التأسيس” المدعومة من الدعم السريع، منشوراً قال فيه إن “يد العدالة ستطال كل من أجرم في حق أهلنا في الفاشر”، مرفقاً صورةً لـ”أبو لولو”.
لكن ظهور الرجل مراراً بالزي العسكري إلى جانب قادة ميدانيين من الدعم السريع أثار تساؤلات، خصوصاً أن حساباته على المنصات الرقمية وثّقت نشاطات له إلى جانب عناصر من الدعم السريع.
تجسيد للعنف المنفلت
بدوره، قال الصحافي السوداني علاء الدين محمود إن “نموذج (أبو لولو) لا يختلف كثيراً عن أولئك الذين ارتكبوا الفظائع في الخرطوم والجزيرة ودارفور”، معتبراً أن “اختيار الأسماء الحركية ذات الدلالات العنيفة (أبو لؤلؤ، شارون، يأجوج ومأجوج) يعكس إعجاباً بثقافة القتل”. وأضاف أن “ما فعله رفاق (أبو لولو) هو امتداد لنهج دموي قديم”، وفق قوله.
صدمة الداخل وقلق الخارج
بالتزامن، أبدت المنظمات الحقوقية الدولية قلقها من تفشي ظاهرة “القادة الميدانيين المنفلتين”، مطالبة بتحقيقات مستقلة لتحديد المسؤوليات الفردية عن الانتهاكات في الإقليم.
وقال رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي جيم ريتش في تغريدة على منصة “إكس”، إن “الفظائع التي وقعت في الفاشر بدارفور لم تكن صدفة بل كانت جزءا من خطة قوات الدعم السريع منذ البداية”.
يذكر أن الفاشر كانت آخر مركز إداري رئيسي في منطقة دارفور السودانية تحت سيطرة الجيش السوداني، وخضعت لحصار مكثف من قبل قوات الدعم السريع منذ عدة أشهر، ما أدى إلى سقوط الكثير من الضحايا وتفاقم الأزمة الإنسانية.
ويشهد السودان منذ أبريل (نيسان) 2023 صراعاً دموياً على السلطة بين قائد الجيش عبد الفتاح البرهان ونائبه السابق محمد حمدان دقلو (حميدتي)، قائد قوات الدعم السريع.
فيما يخشى مراقبون أن يؤدي هذا الصراع إلى انقسام دائم للبلاد، فيما تعتبر الأمم المتحدة أن الوضع الإنساني في السودان هو الأسوأ في العالم حالياً.

