فاز توماس توخيل بـ9 من أول 10 مباريات له مع منتخب إنجلترا. كما أن المدير الفني الوحيد الذي حقق نفس العدد من الانتصارات مع منتخب إنجلترا في أول 10 مباريات له هو غلين هودل في موسم 1996-1997 (فاز أيضاً بـ9 وخسر مباراة واحدة).
تأهلت إنجلترا إلى نهائيات كأس العالم بالعلامة الكاملة بعد الفوز على ألبانيا بهدفين دون رد، ليحقق المدير الفني الألماني توماس توخيل رقماً مميزاً بـ8 انتصارات من أصل 8 مباريات، وتسجيل 22 هدفاً دون استقبال أي هدف.
وبهذا، تنتهي المرحلة الأولى من المهمة التي عُين من أجلها توخيل خلفاً للسير غاريث ساوثغيت، ألا وهي الفوز بكأس العالم.
والآن، ينتقل توخيل إلى المرحلة التالية. فما النقاط الرئيسية التي يجب أن يفكر فيها قبل اختيار قائمة منتخب الأسود الثلاثة لكأس العالم، وهو يتطلع إلى إنهاء انتظار دام 60 عاماً للفوز بالمونديال؟
بيلينغهام أم روجرز؟
تُعد المنافسة بين صديقي الطفولة جود بيلينغهام ومورغان روجرز على مركز صانع الألعاب للمنتخب الإنجليزي نقطة مثيرة للاهتمام في تحضيرات توخيل لكأس العالم.
يؤكد المدير الفني الألماني على أن المعركة يمكن أن تبقى «ودية»، على الرغم من أنه – حسب فيل ماكنولتي على موقع «بي بي سي» – كاد أن يُؤججها لأنه حريص جداً على خلق قدر كبير من التنافس الشديد بين اللاعبين.
إلى جانب ديكلان رايس، يُعد روجرز اللاعب الإنجليزي الوحيد الآخر الذي شارك في جميع المباريات العشر التي لعبها المنتخب الإنجليزي تحت قيادة توخيل.
وقد استغل روجرز الفرصة بشكل رائع عندما غاب بيلينغهام بعد الجراحة التي خضع لها في الكتف، ثم استمر توخيل في منح ثقته للاعب أستون فيلا البالغ من العمر 23 عاماً بعد أن قرر عدم استدعاء نجم ريال مدريد فور تعافيه من الإصابة.
وبعد ظهوره بديلاً لمدة 25 دقيقة ضد صربيا على ملعب ويمبلي، بدأ بيلينغهام في التشكيلة الأساسية أمام ألبانيا، وقدم أداءً ممتازاً، فقد أظهر مهاراته الكبيرة في التمرير، وانطلاقاته المميزة، وكاد أن يُسجل هدفاً في الشوط الثاني، لكنه أظهر أيضاً قدراً من التوتر عندما حصل على بطاقة صفراء نتيجة ارتكابه خطأً بعد فقدانه الكرة، ثم بدا غير سعيد باستبداله، وهو الأمر الذي قال توخيل إنه سيُراجعه.
ومع ذلك، فإن الأداء المميز الذي قدمه روجرز مع المنتخب الإنجليزي وضع توخيل في مأزقٍ كبير، لكن درجات الحرارة العالية التي ستقام فيها كأس العالم الصيف المقبل تعني أن توخيل سيلجأ على الأرجح إلى الاعتماد على لاعبين أساسيين ثم يدفع بالعدد المسموح به من البدلاء لكي يُجنب لاعبيه الإرهاق، وهو ما يعني أنه يمكن الاعتماد على كل من بيلينغهام وروجرز.
ومن الواضح للجميع أن توخيل معجب للغاية بروجرز، والدليل على ذلك أنه شارك في 10 مباريات تحت قيادته، حيث بدأ 6 مباريات أساسياً ولعب ما مجموعه 531 دقيقة.
بينما بدأ بيلينغهام 4 مباريات أساسياً، ولعب ما مجموعه 374 دقيقة. لن يتهرب توخيل من القرارات الحاسمة، ولن يُفرط في الاعتماد على النجوم، أو يختار اللاعبين بناء على أسمائهم الرنانة.
فمن سيبدأ؟
على الرغم من كل ما قدمه روجرز من أداءٍ مُبهر، أثبت بيلينغهام قدرته على إحداث تغييراتٍ حاسمةٍ في المباريات على أعلى المستويات، وقد تأكدت مكانته أيضاً عندما طلب منه كريستيان أسلاني، لاعب منتخب ألبانيا، تبديل قميصه بين الشوطين بدلاً من المخاطرة بترك ذلك حتى نهاية المباراة!
وعلاوة على ذلك، سيكون فيل فودين ضمن تفكير توخيل أيضاً، حيث قال المدير الفني الألماني إنه لا يرى مهاجم مانشستر سيتي كجناح، ولكن «كمزيج بين المهاجم الصريح وصانع الألعاب».
ويمتلك كول بالمر، نجم تشيلسي، القدرات والإمكانات التي تؤهله لفرض نفسه على التشكيلة الأساسية لمنتخب «الأسود الثلاثة» إذا تعافى من إصابته في الفخذ.
في الواقع، يبدو أن الخيار سيكون بين بيلينغهام وروجرز، لكن خبرة بيلينغهام في المنافسات الكبرى ستمنحه، بلا شك، الأفضلية عندما يُعلن توخيل عن التشكيلة الأساسية للمنتخب الإنجليزي في أول مباراة له في كأس العالم.
هاري كين لا غنى عنه، لكن من هم البدائل؟
حافظ هاري كين على سجله الرائع مع إنجلترا بتسجيله هدفين في مرمى ألبانيا. قد يكون كين في الثانية والثلاثين من عمره، لكنه يبدو في قمة مسيرته الكروية، فهو هداف بارع ولاعب متكامل، ولديه استعداد للعودة إلى الخلف للقيام بواجباته الدفاعية، فضلاً عن براعته في إنهاء الهجمات أمام المرمى.
وقال كونور كودي، مدافع إنجلترا السابق، لـ«بي بي سي»: «لا أتخيل إنجلترا من دون هاري كين، فما يقدمه لهذا الفريق لا يُصدق حقاً. إن استمراره في تحقيق هذه الأرقام أمر لا يُصدق، وهذا يُحسب له. إنه أول من يدخل ملعب التدريب وآخر من يغادره. إنه أملنا الأكبر مع بداية العام المقبل».
من المؤكد أن كين لاعب لا يمكن الاستغناء عنه، فهو الهداف التاريخي لمنتخب إنجلترا برصيد 78 هدفاً في 112 مباراة دولية. وإذا لم يلعب، فسيكون هناك خلل كبير في تشكيلة المنتخب الإنجليزي.
وعلى الرغم من أن جميع بدلاء كين المحتملين يتمتعون بكفاءة عالية، لكنهم ليسوا مثله على الإطلاق. وبالتالي، إذا تعرض كين للإصابة فإن ذلك سيكون ضربة قوية للمنتخب الإنجليزي.
يتم طرح اسم لاعب برايتون المخضرم داني ويلبيك، البالغ من العمر 34 عاماً، ليكون بديلاً لكين. ورغم أن هذا يعد دليلاً على أن ويلبيك يمتلك إمكانات جيدة، لكنه لعب آخر مرة مع منتخب إنجلترا قبل سبع سنوات، وهو ما يشير إلى عدم وجود بدلاء جيدين لكين بالشكل المناسب.
وقال توخيل إن ويلبيك كان «قريباً جداً» من الانضمام إلى آخر معسكر لمنتخب إنجلترا، لكنه أضاف: «شعرت حتى من دون أن أعرفه بالقدر الكافي أنني أعرف ما يمكن أن يقدمه لنا. فهل كنت بحاجة حقاً لرؤية ذلك في معسكر المنتخب في شهر نوفمبر (تشرين الثاني)؟»
وضم توخيل لاعب أستون فيلا، أولي واتكينز، على الرغم من اختفاء إيفان توني عن الأنظار بعد استدعائه بشكل غريب من السعودية لكي يلعب دقيقتين فقط في المباراة الودية ضد السنغال في يونيو (حزيران) الماضي.
يستطيع ماركوس راشفورد اللعب مهاجماً، بينما لعب أنتوني غوردون، لاعب نيوكاسل يونايتد، في هذا المركز مع ناديه، لكنه ليس الخيار الأمثل.
ووُصف فودين بأنه جزء من تعديل خططي وتكتيكي ممكن إذا احتاجت إنجلترا إلى مهاجم صريح، لكن خلاصة القول هي أن إنجلترا لا تمتلك لاعباً آخر بنفس قدرات وإمكانات هاري كين. وكما ذكر كودي، فإنه لا يمكن تخيل إنجلترا من دون هاري كين في كأس العالم.

خط الدفاع
أظهر جون ستونز كفاءته وتعدد مهاراته أمام ألبانيا، حيث بدا وكأنه يلعب في مركزه المعتاد كقلب دفاع، لكنه كان يتقدم إلى خط الوسط عندما تستحوذ إنجلترا على الكرة.
لقد أظهر ستونز أنه قادر على القيام بهذه المهمة بسهولة، وهو ما يعطي المنتخب الإنجليزي زيادة عددية في خط الوسط.
وقال ستيفن وارنوك، مدافع إنجلترا السابق: «هذه المباراة ضد ألبانيا تؤكد أهمية جون ستونز في تشكيلة المنتخب الإنجليزي. إنه يتحكم في إيقاع اللعب من الخلف وخط الوسط. إنه لاعبٌ مُثير للإعجاب حقاً».
من المُرجّح أن يكون هناك 4 لاعبين أساسيين في خط الدفاع – قلبا دفاع وظهيران – في كأس العالم، لذا يبدو أن التشكيلة ستقتصر على اثنين من بين ستونز، وإزري كونسا، لاعب أستون فيلا، ومارك غويهي، قائد كريستال بالاس، في قلب الدفاع. قد تكون الأفضلية لستونز بفضل خبرته الواسعة، كما نضج كونسا وغويهي، اللذان غابا عن مباراة ألبانيا بسبب الإصابة، كلاعبين دوليين.
وقال كودي: «أعتقد أن المنافسة متقاربة جداً. كان كونسا مُذهلاً، لكن بالنسبة لي أعتقد أن ستونز وغويهي هما من سيلعبان أساسياً. الحفاظ على لياقة ستونز لكأس العالم أمرٌ بالغ الأهمية».
ظهر جاريل كوانساه، لاعب باير ليفركوزن، لأول مرة مع المنتخب الأول، بعد انتظار طويل، أمام ألبانيا، وأثار إعجاب الجميع حيث بدأ أساسياً في قلب الدفاع قبل أن ينتقل للعب على الطرف.
ويتعين على توخيل أيضاً أن يصل لقرار نهائي بشأن مركز الظهير الأيسر، في ظل وجود ثلاثة لاعبين شباب مميزين يتنافسون على المشاركة أساسياً في هذا المركز.
لقد حصل كل من مايلز لويس سكيلي، لاعب آرسنال، وجيد سبنس، لاعب توتنهام، ونيكو أوريلي، لاعب مانشستر سيتي، على فرصة المشاركة الدولية الأولى تحت قيادة توخيل، لكن أوريلي هو من بدأ أساسياً وأبهر الجميع في آخر مباراتين من التصفيات.
قد يكون تينو ليفرامينتو، لاعب نيوكاسل يونايتد، الغائب حالياً بسبب الإصابة، في صدارة المرشحين لشغل هذا المركز، بعد استبعاد لويس سكيلي من القائمة بسبب قلة مشاركته مع آرسنال هذا الموسم.
وربما يكون أوريلي قد تفوق على سبنس بعد هذا المعسكر. وبالتالي، لا تزال المنافسة مفتوحة ومشتعلة على هذا المركز.

هل سيبدأ راشفورد على الجهة اليسرى؟
أثبت بوكايو ساكا جدارته في مركز الجناح الأيمن، فمن سيلعب على الجانب الآخر؟ ترك ماركوس راشفورد بصمته في مباراة ألبانيا عندما مرر كرة عرضية رائعة سجل منها كين الهدف الثاني في المباراة.
لقد أثبت راشفورد جدارته، لكن غوردون أبهر الجميع أيضاً، كما أن توخيل من أشد المعجبين بنوني مادويكي، لاعب آرسنال، الغائب حالياً بسبب الإصابة.
وقدم جاك غريليش أداءً جيداً خلال فترة إعارته إلى إيفرتون، لكنه ببساطة يواجه منافسة شرسة، ولم يشارك مع منتخب إنجلترا منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2024.
شارك إيبيريتشي إيزي في التشكيلة الأساسية أمام ألبانيا، ويمكنه اللعب على الجهة اليسرى أو كصانع ألعاب، لكنه ليس مرشحاً بقوة لمنافسة بيلينغهام وروجرز في هذا المركز.
ومع ذلك، فإن التمريرة العرضية المتقنة التي أرسلها راشفورد لكين في مباراة ألبانيا قد أعطت توخيل فكرة عما يمكن أن يقدمه اللاعب المعار إلى برشلونة لمنتخب بلاده خلال الفترة المقبلة.

