إعداد: أ.د.خالد فتحي سالم
أستاذ بقسم البيوتكنولوجيا النباتية بمعهد الهندسة الوراثية والتكنولوجيا الحيوية جامعة مدينة السادات

في عالم يزداد فيه الاهتمام بالصحة والتغذية الطبيعية، أصبح البحث عن أطعمة غنية بالعناصر الغذائية والفيتامينات والمعادن ضرورة للحفاظ على الصحة والوقاية من الأمراض المزمنة. ومن بين هذه الأطعمة، يبرز الشعير كخيار صحي متكامل، ليس فقط كمصدر للطاقة، بل كدواء طبيعي يحتوي على مركبات غذائية فعالة، أبرزها البيتاجلوكان (β-glucan)، الذي أثبتت الدراسات الحديثة أنه يلعب دورًا مهمًا في تعزيز الصحة العامة.

الشعير: الغذاء التقليدي بلمسة علمية حديثة
لطالما عرف الإنسان الشعير منذ آلاف السنين، حيث استخدمه في صناعة الخبز والمشروبات والحبوب المغلية. لكن العلم الحديث كشف أن الشعير ليس مجرد طعام، بل حبة مليئة بالفوائد الصحية والدوائية. يحتوي الشعير على الألياف الغذائية، والفيتامينات مثل B1 وB3، والمعادن المهمة كالحديد والمغنيسيوم، بالإضافة إلى مضادات الأكسدة التي تساعد في مكافحة الجذور الحرة وحماية الخلايا من التلف.
أحد أبرز مكونات الشعير هو البيتاجلوكان، وهو نوع من الألياف الذائبة التي تساهم في خفض مستويات الكوليسترول الضار LDL في الدم، وتنظيم مستويات السكر، وتحسين صحة الجهاز المناعي. هذا المركب جعل من الشعير عنصرًا رئيسيًا في الدراسات العلمية الحديثة حول الأغذية الوظيفية التي تعمل على الوقاية من الأمراض المزمنة.
بيتاجلوكان: مفتاح صحة القلب والجسم
البيتاجلوكان يعمل بطريقة علمية واضحة؛ فهو يشكل طبقة هلامية في الجهاز الهضمي تبطئ امتصاص السكريات، ما يساعد على السيطرة على مستويات السكر في الدم. هذه الخاصية تجعل الشعير مفيدًا جدًا لمرضى السكري أو الأشخاص المعرضين للإصابة به.
بالإضافة إلى ذلك، أثبتت الدراسات أن تناول الشعير بانتظام يقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، ويعزز صحة الجهاز الهضمي، كما يساهم في الشعور بالشبع لفترة أطول، مما يساعد على التحكم في الوزن. هذا يجعل الشعير خيارًا مثاليًا لمن يسعى إلى نظام غذائي صحي ومتوازن.
الشعير والوقاية من الأمراض
ليس الشعير مفيدًا فقط للقلب والسكر، بل له فوائد متعددة للجهاز الهضمي، حيث تساعد الألياف الغذائية على تنظيم حركة الأمعاء، وتقليل مشاكل الإمساك، وتحسين صحة القولون. كما يحتوي الشعير على مضادات أكسدة طبيعية تحمي الخلايا من التلف وتقلل من خطر الإصابة ببعض أنواع السرطان.
وقد أظهرت بعض الدراسات الحديثة أن الشعير يمكن أن يساعد في خفض ضغط الدم وتحسين وظائف الكبد، ما يعزز دوره كغذاء طبي ووقائي، وليس مجرد مصدر للطاقة.
طرق الاستفادة من الشعير
للاستفادة الكاملة من شعير الحبوب وبيتاجلوكان، ينصح الخبراء بتناوله كحبة كاملة أو مطحونًا كدقيق كامل الحبة، بدلاً من المنتجات المكررة التي تفقد جزءًا كبيرًا من الألياف والعناصر الغذائية. يمكن استخدام الشعير في عدة أشكال عملية:
الشوربات والسلطات: إضافة الشعير المطبوخ كعنصر أساسي في الأطباق اليومية.
الخبز والمعجنات الصحية: استخدام دقيق الشعير بدلًا من الدقيق الأبيض.
مشروب الشعير: طريقة شعبية للاستفادة من فوائده في شكل سائل لذيذ ومنعش.
نصائح لتضمين الشعير في النظام الغذائي
للحصول على أفضل النتائج الصحية، ينصح بتناول حوالي نصف كوب إلى كوب من الشعير المطبوخ يوميًا. كما يفضل دمجه مع الخضروات والبروتينات للحصول على وجبة متكاملة. ويمكن للمدارس والمطاعم والمنازل استبدال بعض منتجات القمح بدقيق الشعير لتعزيز القيمة الغذائية للأطعمة اليومية.
الموجز المختصر
الشعير اليوم ليس مجرد غذاء يومي، بل دواء طبيعي يمكن أن يكون جزءًا من نظام وقائي شامل. بفضل احتوائه على بيتاجلوكان، يمكن للشعير أن:
يخفض مستويات الكوليسترول الضار.
ينظم مستويات السكر في الدم.
يحسن صحة الجهاز الهضمي.
يعزز مناعة الجسم ويحمي الخلايا من التلف.
يساعد على التحكم في الوزن والشعور بالشبع.
إن إدخال الشعير في النظام الغذائي اليومي يمثل خطوة بسيطة لكنها فعالة نحو حياة صحية أكثر توازنًا. ومن المؤكد أن هذه الحبوب الصغيرة تحمل في طياتها إمكانات كبيرة لصحة الإنسان، ما يجعلها أحد أفضل الخيارات الطبيعية للوقاية من الأمراض المزمنة وتعزيز جودة الحياة.
في النهاية، يمكن القول إن الشعير رحلة بين التغذية والدواء الطبيعي، رحلة تبدأ بحبة صغيرة وتنتهي بفوائد كبيرة للجسم والعقل. إنه مثال حي على أن الطبيعة دائمًا توفر لنا الحلول الصحية، وأن إدخال الشعير في حياتنا اليومية هو استثمار حقيقي في الصحة والوقاية.
🔹 تابعونا على قناة الفلاح اليوم لمزيد من الأخبار والتقارير الزراعية.
🔹 لمتابعة آخر المستجدات، زوروا صفحة الفلاح اليوم على فيسبوك.


