على مدى سنوات طويلة، ارتبطت العباءة بمجال التقليد وحده، قطعة تهدف إلى الوقاروالإرث والاستمرارية الثقافية. إلا أن موجة جديدة من المصممين السعوديين المبدعين دفعتها إلى ما هو أبعد من جذورها، لتتحول إلى قطعة عالمية أساسية في خزانة كل امرأة، أينما كانت. أصبحت العباءة اليوم تتجوّل بكل ثقة في شوارع العواصم العالمية، تُرتدى كمعطف، أو كيمونو انسيابي، أو طبقة خارجية أنيقة، وتُكملها الأوشحة المميزة، لتصبح عنصرًا مقصودًا من إطلالة كاملة.
هذا التحوّل لم يحدث صدفة؛ بل كان نتيجة شغف وإبداع جيل شاب جريء أعاد تخيّل التراث من خلال قصّات مبتكرة، وألوان غير متوقعة، وخطوط معاصرة، مثبتين أن العباءة ليست مجرد قطعة ملابس، بل رمز ثقافي حديث. وبمزج الهوية بالتصميم العصري، أعاد هؤلاء المصممون صياغة العباءة كقطعة خالدة تعيد تعريف أسلوب النساء حول العالم وكيفية تعبيرهن عن ذاتهن وتقديرهن لجمال الحرفية العربية.
في هذا المقال يسلّط فريق “هي” الضوء على خمس مصممات سعوديات استطعن كلٌّ منهن، بلغتهن الفنية الخاصة، إعادة تشكيل العباءة وتحويلها إلى قطعة عابرة للحدود. رؤيتهن وإبداعهن يقفان في مقدمة حركة تنطلق بالموضة السعودية نحو المشهد العالمي.
Nakhlah: إعادة تعريف العباءة كقطعة فنية تُرافق المرأة في كل مكان
تجسّد علامة نخلة، التي أسستها المصممة السعودية نورة الهديب ذات الأربعة والعشرين عاماً، شغفاً فنياً ينبض بالحيوية ويحوّل العباءة من مجرد زي تقليدي إلى لوحة معاصرة تُعبّر عن ثقافات متعددة وجماليات الطبيعة.
تستند العلامة إلى قيم الاستدامة، وتستمدّ قصّاتها وألوانها من تنوّع العالم واتساعه، مقدّمة تصاميم تحتفي باندماج الفن والثقافة والألوان النابضة. ومع هذا الحس الإبداعي المتجدّد، أصبحت قطع نخلة تُرتدى مثل الكيمونو أو طبقة خارجية تكمل الإطلالة اليومية في أي مدينة حول العالم، لتجعل العباءة قطعة خزانة أساسية تتجاوز حدود المكان والهوية.
Moja Majka: صيغة عائلية تحتفي بالحِرف والراحة
Moja Majka هي علامة سعودية أسستها سارة باسعد مع والدتها ثريا، منذ عام ٢٠١٢ تراعي جذورها المتعدّدة بين السعودية والتركية في كل تصميم. تستخدم العلامة أقمشة طبيعية من الكتان، القطن، والحرير، معظمها من تركيا ومن قرى تُنتج تفاصيل يدوية تقليدية.
تصاميمها تمزج بين الراحة اليومية من عباءة فضفاضة تُناسب التنقّل أو التجمعات، مع تطريزات أو تفاصيل مستوحاة من الحِرَف التقليدية، والطابع الفني، فتخرج القطعة مميزة بلمسة أصيلة، تتجاوز فيها معنى العباءة.تتميز أيضاً العلامة بالأصواف والخامات الشتوية الفاخرة، مما يجعل قطعها مرغوبة لدى الكثير من النساء لارتدائها كسترة أو كقطعة خارجية في الأيام الباردة.
Thaa: توقيعاً منسوجاً بالكروشيه
Thaa هي علامة وُلدت في السعودية وتمزج بين الحرفية الرفيعة والجماليات العصرية الهادئة. تشتهر بتقنية الكروشيه التي أصبحت توقيعها الخاص، حيث تعيد من خلالها ابتكار العباءة كقطعة خارجية تُرتدى كسترة، وتعتمدها نساء حول العالم كعنصر أساسي في إطلالاتهن اليومية. وبإصدارات محدودة وتفاصيل دقيقة، تعيد ثاء صياغة التقاليد بروحٍ أنيقة وعملية ومعاصرة.
Pearl Collection:تصاميم معاصرة تعيد ابتكار العباءة التقليدية
تأسست لعلامة في عام 2013 على يد الشقيقتين لما ولجين سعد، وهي علامة سعودية معروفة بسرديتها الموسمية المميزة والهوية التي تفردت بها قطعها المعروفة. تستلهم العلامة أفكارها من صيحات الموضة العالمية، مع إعادة تعبيرها من خلال رؤيتها الإبداعية لصنع تصاميم تبرز بأقمشتها الفريدة وتفاصيلها المدروسة وجمالياتها المميزة. من خلال دمج صيحات الموضة العالمية في كل مجموعة، أصبحت عباءات بيرل كولكشن قطعاً متعددة الاستخدامات وعالمية الطابع، تتحدث لغة معاصرة تتناغم مع النساء حول العالم. وقد نجحت هذه الرؤية في تحويل العباءة من زي تقليدي إلى قطعة أساسية يومية تجمع بين التراث والموضة العصرية.
Kharaz:جسر بين التراث السعودي والموضة العالمية
تأسست علامة خرّز على يد المصممة السعودية شمّا، وتندرج ضمن مبادرةSaudi 100 للعلامات المميزة من الهيئة العامة للأزياء. تتميز العلامة باستخدام خامات فاخرة مثل الحرير والصوف والكتان، وألوان زاهية، وتطريزات فريدة بالفضة والذهب، إلى جانب القطع الجلدية الأنيقة. مستوحاة من الرموز التقليدية السعودية، تدمج خرّز التراث بالحداثة بسلاسة، لتصنع عباءات خالدة وفريدة من نوعها. الحِرفية الرائعة وتناسق الألوان والخامات لكل قطعة،تجذب المرأة من جميع الثقافات، مما يجعل العلامة جسراً حقيقياً بين الثقافة السعودية والعالم.
ومع ازدياد احتفاء عالم الموضة بالأصالة الثقافية، يمثّل صعود هؤلاء المصممين لحظة مفصلية: فالعباءة لم تعد قطعة تُرى من بعيد، بل أصبحت عنصرًا مرغوبًا، يُقتنى ويُنسَّق وتُرتدى بافتخار من نساء في مختلف أنحاء العالم. إنها شهادة على النهضة الإبداعية التي تشهدها المملكة، نهضة يمزج فيها التراث بالابتكار، وتواصل فيها العباءة رحلتها من زيّ تقليدي إلى أيقونة عالمية للأناقة.
