الموسيقى العربية بخير وجمهورها عريض..
المهرجانات تتطور لشكل أفضل مع الوقت
د. إيناس جلال الدين، المسئولة عن إعداد المحتوى الموسيقى والغنائى بالبرنامج الثقافى، ومدير عام التخطيط الموسيقى والغناء بالإذاعة المصرية، ومعد ومقدم صالون «مقامات» المُقام فى بيت الغناء العربى بشارع المعز فى الخميس الثانى من كل شهر الساعة 8 مساءً، وتعده وتقدمه عبر أثير البرنامج الثقافى. عن المحتوى الموسيقى فى ماسبيرو ورؤيتها للمشهد الموسيقى حاورناها.
كيف جاء تخصصك بإعداد كل المحتوى الموسيقى والغنائى بالبرنامج الثقافى؟
تخرجت من كلية التربية الموسيقية 1991، ثم حصلت على الماجستير من معهد النقد الفنى، تخصص موسيقى ونقد 2002، فى رسالة بعنوان «السمات المميزة لموسيقى الفيلم عند كل من على إسماعيل وفؤاد الظاهرى»، كما حصلت على الدكتوراه 2011 فى رسالة بعنوان: «الجذور النوبية فى الغناء المصرى المعاصر.. محمد منير نموذجاً». لى عدة إصدارات من الكتب الموسيقية والنقدية عن على إسماعيل ومحمد منير وعبده داغر، وفؤاد الظاهرى، وكتاب عن كمال الطويل تحت الطبع.
هل التحقت بداية بالبرنامج الثقافى؟
لا.. بداية التحقت بالإذاعة 1992 بالإدارة العامة للتخطيط الموسيقى والغنائى، كانت الإدارة منوطة بإنتاج الأغنيات الخاصة بالإذاعة المصرية، تنتج أغانى للإذاعة تحت عنوان «مختارات الإذاعة» بكل القوالب لكل الأغانى، كان بها لجنتا النصوص والاستماع، وكانت الإذاعة تطلب معدى برامج موسيقية ومشرفى تسجيلات، فتقدمت للاختبارات، اختبرنى الإذاعى صالح مهران، وكان يشغل مدير عام التخطيط آنذاك، ثم الإذاعية ميرفت حسنى وكان تخصصها الموسيقى. نجحت بالفعل، ثم كان عملى باستوديو 46، نسجل بداية لحن الأغنية، ثم يأتى الملحن والمطرب ليغنوا صوتياً، وننفذ المكساج ثم نقدم الأغنية فى لجنة الاستماع لتتم إجازتها، بعدها توضع على الخريطة لتذاع.
هل تقصدين الأغانى المصرية العادية أم نوعاً معيناً من الأغانى؟
الأغانى المصرية التى كانت تنتجها الإذاعة لكل المطربين والملحنين والكتاب، واشتغلت فى الإدارة مع كل الملحنين الكبار، ما عدا الموسيقار محمد عبدالوهاب فقد توفى قبل التحاقى بالإذاعة، عملت فى كل إنتاج الإذاعة من عام 1992 حتى 2005، عملت مع محمد الموجى، وبليغ حمدى، وكمال الطويل، ومحمد سلطان، وحلمى بكر، وعبدالعظيم محمد، وسامى الحفناوى، وحلمى أمين، وماجد عرابى، وفؤاد حلمى، وفاروق الشرنوبى، ومحمد قابيل، وصلاح الشرنوبى، وعماد الشارونى، وخالد الأمير، ويحيى الموجى، ومحمد ضياء. كل يوم كنا نشتغل أكثر من أغنية، سجلنا مع كبار نجوم الغناء: محمد رشدى، ومحمد العزبى، وعلى الحجار، ومدحت صالح، وسوزان عطية، وأمينة فاخر، وصابر الرباعى، وأنغام وأصالة. كما نظمت حفلات أضواء المدينة، وشاركت بها مع الإذاعى وجدى الحكيم، وفرج أبوالفرج، وإمام عمر. كان العصر الذهبى للإنتاج الغنائى بالإذاعة.
هل كان دوركم تسجيل الأغانى فقط؟
كان دورنا الإشراف على تسجيل اللحن كاملاً، بتركيب الصوت والمكساج، والاطمئنان على الشكل الأخير للأغنية، والإشراف على الإنتاج حتى وصول الأغنيات إلى لجنة الاستماع الموحدة لكل قطاعات المبنى لإجازتها للعرض الإذاعى.
ومتى التحقتِ بالبرنامج الثقافى؟
فى عام 2012 انتقلت لإذاعة البرنامج الثقافى، ومن هنا بدأت مشواراً آخر فى الحياة العملية، أعد كل البرامج الموسيقية التى تقدم بالبرنامج الثقافى، مثل «سوناتا»، «ربع تون»، أعد برنامج «دراسات موسيقية» منذ 15 عاماً، وبرنامج «مذهب وكوبليه» ثم «رندو» وهو برنامج مستمر حتى اليوم.
كيف جاءت فكرة «صالون مقامات» التى تعدينه وتقدمينه عبر أثير البرنامج الثقافى؟
فى عام 2015 عملت بروتوكولاً واتفاقية مع الراحل الفنان محسن فاروق، مدير بيت الغناء العربى آنذاك، وإذاعة البرنامج الثقافى وصندوق التنمية الثقافية، يقضى بتقديم صالون ثقافى موسيقى شهرى بعنوان «صالون مقامات» وهو صالون تبناه كل رؤساء الإذاعة المصرية، بدءاً من 2015 حتى اليوم باهتمام كبير وتقديم كل الدعم. يقدم للعام الـ11، قدم الصالون كل ما يخص الموسيقى العربية من أعلام الموسيقى فى مصر والعالم العربى، وكل أنواع الموسيقى، مع توثيق لمعظم عمالقة التلحين والغناء والعازفين فى مصر والوطن العربى. يقدم فى بيت الغناء العربى، بشارع المعز فى الخميس الثانى من كل شهر الساعة 8 مساءً، يحضره جمهور كبير، أقوم بإعداده وأحاور الضيوف فيه، يُسجل ويُذاع عبر إعداد البرنامج الثقافى، كما أقدم الحوارات المتخصصة مثل ضيف متخصص فى الموسيقى لوجود نقاط مشتركة.
هل هناك دراسات موسيقية كافية لتقديم برنامج متخصص عنها؟
«دراسات موسيقية» معنِيّ بتقديم كل رسائل الماجستير والدكتوراه المتميزة الخاصة بالموسيقى العربية أو الغربية، وبرنامج «ربع تون» أعده منذ 6 سنوات متكاملة، وهو برنامج يومى نتحدث فى كل حلقة عن خاصية من خواص الموسيقى العربية، لذا اسمه ربع تون مثل أنواع المقامات وألوانها، كمقام النهاوند والصبا وغيره، وما يميز كل مقام. و«حوار الأوتار» يتناول ويختص بالمبدعات فى مجال الموسيقى مثل نيفين الكيلانى، وعازفة القانون د.تحية شمس الدين، ود. مها العربى، وميس عبدالغنى، ود. جيهان عبدالناصر أستاذة الغناء بمعهد الموسيقى، ود. دعاء صابر عازفة الفلوت.
هل لا تزال الموسيقى العربية بخير ولها جمهور أم هجرها الجمهور لصالح الأجنبى والمهرجانات وموضة الراب والجاز وغيره؟
لا تزال الموسيقى العربية متربعة على عرشها، ولها جمهور كبير من جميع الأعمار، وهذا لا ينفى وجود ظواهر وتيارات موسيقية أخرى، منها الجيد وغير الجيد، ووقت وجود حفل لعمرو سليم مثلاً يتهافت الناس على الحضور، وكذلك حفلات كبار النجوم الذين يطورون أعمالهم كل يوم: محمد منير، على الحجار، مدحت صالح، عمرو دياب، صابر الرباعى، مروان خورى، كاظم الساهر، أنغام، شيرين، أصالة وغيرهم كثيرون، وعددنا كبير، والساحة تتسع للجميع، بكل الأشكال والألوان والأعمال الغنائية، والجمهور يختار الأقوى والأجمل والأكثر رقياً.
قطاع كبير من الجمهور أقبل على أغانى المهرجانات مثلاً.. فهل هى تندرج تحت الموسيقى العربية؟
رغم أنى لا أسمع المهرجانات، فإشكالية هذا النوع من الغناء فى كلماته وألفاظه، وليس فى موسيقاه، التى ستتطور حتماً، والآن هناك من يستحسنها، كما أن هناك من يفضل الكلاسيك أو الشعبى أو غيره.
هل هناك مهتمون بالمحتوى الغنائى المقدم عبر المحتوى الثقافى؟
نعمل وفق رسالتنا، وهى أن يكون لدى الجميع ثقافة موسيقية، وهذا دور برامجنا ومحتوانا، ورد الفعل على هذه البرامج جيد جداً، وحين اخترت غناء محمد منير فى رسالتى للدكتوراه كان لأنه ظاهرة ويحبه الكبار والصغار من كل الأعمار، وبدأ الجيل الجديد حالياً يبحث عن على الحجار مثلاً، وهذا دورنا الأصيل، توصيل ثقافة موسيقية للجمهور. وأتذكر حين قدمت فكرة برنامج «دراسات موسيقية» كان تحدياً كبيراً، وكان السؤال: هل لدينا أبحاث فى الموسيقى تكفى دورة برامجية؟ فقلت ممكن أقدمه لسنوات، وهذا واجبى تجاه الباحثين فى المجال الموسيقى. وبالمناسبة، لدينا معضلة تكرار نفس الأسماء فى كل المجالات، فحين كان محمد عبدالوهاب موجوداً كان هناك أيضاً رياض السنباطى وفريد الأطرش، لدينا مجموعة تقدس هذا الفنان وأخرى تقدس ذاك. وحتى إذا رأينا عملاقاً مثل بليغ حمدى نجد أنه كان أبسط من محاولات تقديسه. فأتذكر حين كنا نسجل أغانيه فى الإذاعة ذات مرة سألنى: هل عجبتك الأغنية؟ فتعجبت من سؤاله فقال: «انت جمهورى، ولما تحبيها سيحبها الناس». فرسالتى هى خروج الجواهر المخفية إلى النور فى عالم الموسيقى والغناء، وتقديم محتوى مختلف ومتميز، ولا أسير مع التيار.

