وجهت وزارة الثقافة دعوة موسعة للجمهور، لزيارة متحف الفن المصري الحديث، التابع لقطاع الفنون التشكيلية، وذلك ضمن فعاليات مبادرة “فرحانين بالمتحف الكبير .. ولسة متاحف مصر كتير” التي تنظم برعاية الدكتور أحمد فؤاد هنو وزير الثقافة، تزامنا مع الزخم المحلي والعالمي المصاحب لافتتاح المتحف المصري الكبير، في رسالة تهدف إلى التأكيد على أن ثراء مصر المتحفي يمتد ليغطي تاريخا ممتدا لكافة الفنون والمجالات.
يقع متحف الفن المصري الحديث داخل حرم دار الأوبرا المصرية بالجزيرة، في قلب حي الزمالك، ويعد احد أبرز الصروح الفنية في مصر والعالم العربي، نظرا لانفراده باستيعاب مختلف الاتجاهات الفنية، والمدارس التشكيلية، فعند التجول في قاعاته، يجد الزائر نفسه أمام لوحات تنتمي إلى الواقعية والتجريدية والسريالية والتكعيبية والدادية، كما يعكس تنوع أعمال الفنان الواحد عبر مراحله المختلفة ثراء التجربة الفنية المصرية.
تعود جذور فكرة إنشاء متحف خاص للفن المصري الحديث إلى عام 1925، حين بادر محمد محمود خليل بك، رئيس جمعية محبي الفنون الجميلة آنذاك، بطرح فكرة تكوين مجموعة من الاعمال الفنية، تمثل نواة لمتحف يواكب الاهتمام المتزايد بالفنون التشكيلية فى هذا الوقت.
في عام 1927 نجح خليل بك فى إقناع السراي بإصدار مرسوم ملكي بتشكيل لجنة استشارية لرعاية الفنون الجميلة، حيث أوصت اللجنة بإنشاء متحف للفن الحديث بالقاهرة، يضم مقتنيات وزارة المعارف من صالون القاهرة السنوي، الذى تنظمه جمعية محبي الفنون الجميلة.
في عام 1929 بدأت أولى عمليات تجميع المقتنيات بغرفة صغيرة داخل جمعية محبي الفنون الجميلة بسراي “تيجران”، الكائنة بشارع إبراهيم باشا “شارع الجمهورية حاليا” بوسط القاهرة، وبعد ذلك نقل المتحف إلى مقر مستقل في شارع البستان بميدان التحرير عام 1936، ثم نقل إلى قصر “الكونت زغيب”، بشارع قصر النيل ، وفي 1966 ونتيجة لهدم مبنى المتحف السابق نقلت مقتنياته إلى فيلا إسماعيل باشا أبو الفتوح، بحي الدقي بالجيزة، وفي عام 1983 تم تخصيص سراي 3 بدار الأوبرا، والتي كانت آنذاك هي أرض المعارض بالقاهرة، قبل نقلها إلى مدينة نصر لكي تكون مقراً جديداً للمتحف، و السراي أنشئ في السابق على الطراز الإسلامي، وظل المتحف محافظاً على هذا الطابع حتى الآن.
أقيم المبنى الحالي للمتحف عام 1936 بتصميم المعماري مصطفى بك فهمي، وكان يعرف باسم “السراي الكبرى”، وتم تطويره ليصبح المقر الدائم للمتحف، حيث أعيد افتتاحه رسمياً في أكتوبر 1991، بعد تجهيزه على أحدث أساليب العرض المتحفي؛ يتكون المتحف من 10 قاعات، على ثلاثة طوابق، إلى جانب مساحة للعرض الخارجي لأعمال النحت كبيرة الحجم، وفي مايو 2005 أعيد افتتاح المتحف بعد عملية تطوير شاملة لنظم العرض والإضاءة والخدمات الفنية، ليصبح أحد أهم المتاحف المتخصصة في الشرق الأوسط.
يضم المتحف اليوم 11,828 عملاً فنياً تشمل الرسم والحفر والتصوير والخزف والنحت، تجسد تطور الحركة التشكيلية في مصر منذ عشرينيات القرن الماضي وحتى اليوم، وتشمل المقتنيات أعمالاً لرواد الفن المصري الحديث، وعلى رأسها أعمال للفنانين: محمود مختار، راغب عياد ، كمال أمين ، يوسف كامل ، أحمد صبري، وغيرها من الأسماء التي صنعت المشهد الفني المصري وأسست لمرحلة ازدهار الفن التشكيلي في بدايات القرن العشرين، خاصة مع إنشاء مدرسة الفنون الجميلة عام 1908 وتخرج دفعتها الأولى عام 1911.
أكدت وزارة الثقافة أن متحف الفن المصري الحديث، يعد شاهدا حيا على أكثر من مائة عام من الإبداع، ويمثل جسرا بين الأجيال الفنية، بفضل مقتنياته التي توثق لتجارب كبار الفنانين الذين وضعوا بصمتهم في مسيرة الفن المصري والعربي.
مبادرة “فرحانين بالمتحف الكبير ولسه متاحف مصر كتير”، تسعى إلى تعريف الجمهور، وخاصة الشباب، بالمخزون الفني الثري داخل المتاحف المصرية، كما تهدف إلى جعل زيارة المتاحف جزء أصيلا من الثقافة العامة للمواطن، وإتاحة الفرصة للتعرف على تاريخ مصر الفني والحضاري الممتد عبر آلاف السنين وحتى العصر الحديث.

