في مساحة تنبض بالفن، وتستعيد ذاكرة اللوحات اللبنانية، احتفل متحف بيروت للفن الحديث والمعاصر “بِما” (BeMA) في فيلا عودة، اليوم الخميس، بمحطّتَين بارزتَين في مسيرته الثقافية والتعليمية: مرور عشر سنوات على برنامج “مسارات إبداعية” (Creative Pathways)، وإطلاق مبادرة “الفنون الجوّالة” (Arts Ambulants)، التي تهدف إلى إخراج الفن من إطار المتاحف، ونقله مباشرة إلى الناس في مختلف المناطق اللبنانية.
افتُتح هذا المعرض المزدوج، الذي ضمّ أعمالاً فنية لمئة تلميذ من مدارس رسمية في مناطق لبنانية مختلفة، بحضور السيدة الأولى نعمت عون، ووزير الثقافة غسان سلامة، إلى جانب عدد من المسؤولين والديبلوماسيين والشركاء في تأسيس المتحف.
في حديث خاص لـ “النهار”، قال السيدة الأولى نعمت عون: “نحن نشجع الإبداع والفن، ووزارة الثقافة ووزارة التربية شريكتان أساسيتان في هذا المسار، لأن الوطن من دون فنّ وإبداع لا يمكن أن ينهض”.
وأضافت: “لبنان غني بالطاقات البشرية، ويجب أن نمنح هؤلاء التلاميذ مساحة ليؤمنوا بقدراتهم وحرّيتهم، وليعبّروا عن آرائهم بالفن كما بالكلمة. هذا أساسي لبناء جيل جديد ووطن حرّ بأفكاره وإبداعاته. ونأمل أن يعود لبنان جميلاً كما نراه في هذه الأعمال الفنية”.
من جهته، شدّد وزير الثقافة غسان سلامة على “أهمية هذا المعرض في تعزيز علاقة الشباب بالكنز الفني، الذي تمثّله أكثر من ألفي لوحة تملكها وزارة الثقافة”.
وقال سلامة لـ “النهار”: “في كل قاعة تُعرض لوحة أساسية من المجموعة الوطنية، إلى جانب أعمال الطلاب الذين أعادوا رسم رؤيتهم الخاصة لها. إنه معرض تفاعلي يجمع بين الطبيعة الأصلية، ورؤية الفنان، ثم رؤية الشباب. علاقة تفاعلية مثلّثة تؤسس لارتباط جديد بين الشباب والفن”.
وزير الثقافة غسان سلامة في متحف بِما في فيلا عودة (المصدر: متحف بِما).
وأشاد سلامة باختيار “بِما” العمل مع المدارس الرسمية، معتبراً أن “اكتشاف الفن يبدأ في سن مبكرة، و”بِما” محقّة في التوجه نحو التعليم الرسمي وإدخال الفن إلى عقول وقلوب الجيل الجديد”.
أما المديرة المشاركة في “بِما”، جوليانا خلف، فأوضحت لـ “النهار” بأن المتحف يعمل حالياً على جعل الفن قريباً من الناس، قائلة: “نحن نسعى لبناء متحف، لكن في هذه المرحلة رأينا أنه من الضروري أن نذهب بالفن إلى الناس، لا أن ننتظرهم ليأتوا إليه. لذلك أطلقنا فكرة الصناديق الجوالة التي تنتقل من منطقة إلى أخرى”.
وأضافت: “نركّز على مجموعة وزارة الثقافة لأنها المجموعة الوطنية التي لم تُعرض كما يجب. ومنذ عام 2017 نعمل على ترميمها وإعادتها إلى الناس”.
جوليانا خفل برفقة السيدة الأولى نعمت عون ووزير الثقافة غسان سلامة في متحف بِما في فيلا عودة (المصدر: متحف بِما).
وأشارت إلى اختيار موضوع “المناظر الطبيعية” وإضافة بعد تفاعلي يقرّب الجمهور من الأعمال، مع إشراك طلاب الجامعة اللبنانية والفنانين الناشئين.
من جهتها، قالت مديرة البرامج في “بِما”، ريان رعيدي، لـ”النهار” إن مشاركة مئة تلميذ من مدارس رسمية من مختلف المناطق اللبنانية منح المعرض روحاً إضافية: “اليوم يرى التلاميذ أعمالهم معروضة إلى جانب لوحات من المجموعة الوطنية. عملوا في مدارسهم مع فنانين على أعمال مستوحاة من الفن التجريدي للين الخال، وكل مدرسة ركّزت على نوع فني معيّن”.
وتابعت: “هؤلاء التلاميذ جاؤوا من مناطق لا تتوافر فيها متاحف أو صالات عرض، ودورنا في “بِما” هو الذهاب إليهم، وتعريفهم على الفن والثقافة وكيفية التعبير عن أنفسهم من خلال الرسم”.

افتتاح متحف بِما في فيلا عودة (المصدر: متحف بِما).
يُشكّل هذا الحدث الإطلاق الرسمي لبرنامج “الفنون الجوّالة” الجديد من قبل “بِما”، الذي يسعى إلى إعادة صياغة مفهوم التفاعل الثقافي عبر نقل الفن إلى أماكن الحياة اليومية ومساحات التلاقي، وفق ما جاء في بيان المتحف.
وأُقيم معرض “مناظر متحركة” للمرة الأولى في قصر بيت الدين من 3 تموز/ يوليو حتى 19 تشرين الثاني/نوفمبر 2025، بالشراكة مع المجلس الثقافي البريطاني في لبنان. وسيزين المعرض جدران فيلا عودة في بيروت ابتداءً من 12 كانون الأول/ديسمبر الجاري، ويستمر حتى 24 شباط/فبراير 2026، قبل أن تُستكمل الجولة في مناطق أخرى من لبنان.

