06:58 م – الأحد 14 ديسمبر 2025
د. حنان حسن بلخي المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط
كتب
محمود جودة
قالت د. حنان حسن بلخي، المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، لوسائل الإعلام قبل اجتماع المائدة المستديرة رفيع المستوى، بشأن تشجيع الاستثمار في الصحة العالمية من خلال التمويل الإسلامي، “أشكركم على الانضمام إلينا قبل انعقاد اجتماع المائدة المستديرة الرفيع المستوى بشأن التمويل الإسلامي في الرياض”.
وواصلت، تستهدف جلسة الإحاطة اليوم توضيح السياق اللازم، بما يسمح بالتغطية الإعلامية لفرصة آخذة في التطور سريعًا لتوسيع نطاق الحيز المالي من أجل الاستثمار في الصحة العالمية.
فمن المعروف أن النُّظُم الصحية في جميع أنحاء العالم تواجه ضغوطًا متزايدة، إذ أصبحت الميزانيات أكثر تقشفًا، وتضاعفت الاحتياجات، وتجزأت الخدمات، وتراجعت المعونات الخارجية بنسبة 40%.
وفي إقليم شرق المتوسط، تتفاقم تلك الضغوط تحت وطأة حالات الطوارئ الممتدة، والعبء المتزايد للأمراض غير السارية، وأعداد اللاجئين المرتفعة، والنفقات الصحية الباهظة التي أرهقت جيوب المواطنين.
وتتزايد الاحتياجات الصحية في إقليمنا وفي مجتمع منظمة التعاون الإسلامي الأوسع نطاقًا بوتيرة أسرع من قدرة التمويل التقليدي على مواكبتها.
وهذا كفيل بأن يجعل نماذج التمويل المبتكرة والمستدامة ضرورية لاستكمال الميزانيات المحلية، وتعويض تناقص الدعم الخارجي.
ويتيح التمويل الإسلامي واحدة من أكثر الفرص الواعدة للمساعدة في سد هذه الفجوة.
إذ تستند أدواته المتنوعة -مثل الزكاة، والأوقاف، والصدقات، والخُمس، والصكوك، والتكافل- إلى قِيَم التضامن والعدالة والمسؤولية المشتركة.
وبالرغم من أن تلك الأدوات أسهمت عقودًا طويلة في دعم الرعاية الاجتماعية، فإن إمكاناتها لم تزل غير مستغلة بالقدر الكافي في مجال الصحة العالمية.
وهناك بالفعل نماذج واضحة للتمويل الاجتماعي الإسلامي تسهم في تقديم الخدمات الصحية، ودعم العلاج، وتعزيز صحة المجتمعات.
فأموال الزكاة في السودان تدعم التأمين الصحي الوطني للأسر ذات الدخل المنخفض، وبيت الزكاة في الكويت يموِّل المشاريع الصحية في اليمن ولبنان، ووصلت برامج منظمة “قطر الخيرية” إلى أكثر من 32 بلدًا.
وفي المملكة العربية السعودية، حددت دراسة حديثة 4381 وَقْفًا من الأوقاف التي تدعم الهدف الثالث من أهداف التنمية المستدامة المتعلق بالصحة، وهو ما يمثل 12% من إنفاق الأوقاف المُكرَّس لأهداف التنمية المستدامة.
ومن ذلك العدد، يُوجَّه 44% للرعاية المتخصصة، و31% للرعاية الأولية، و26% للوقاية والصحة العامة.
وتعترف المصارف الإنمائية المتعددة الأطراف أيضًا بالتمويل الإسلامي بوصفه أداةً لسد الثغرات في مجال الصحة، حيث يمزج صندوق الحياة والمعيشة، الذي يبلغ حجمه 2.5 مليار دولار أمريكي، بين المِنَح والتمويل الإسلامي الميسَّر لتوسيع نطاق الرعاية الصحية الأولية ومكافحة الأمراض المعدية في الدول الأعضاء ذات الدخل المنخفض.
وفي ضوء تلك الإنجازات، فإننا نهدف إلى تعزيز وتوسيع نطاق الصلة بين التمويل الإسلامي واحتياجات القطاع الصحي من خلال اختيار نماذج تمويلية فعالة؛ ومساعدة الحكومات على إعداد مشاريع صحية جاذبة للاستثمار؛ وحشد رأس المال المتوافق مع التعاليم، الذي يمكن التنبؤ به للاستثمار في الرعاية الصحية الأولية والتغطية الصحية الشاملة واستئصال الأمراض؛ وتعزيز تبادل المعارف والخبرات بين الأقاليم.
وستجمع المائدة المستديرة في الغد وزراء المالية والصحة، وقادة من البنك الإسلامي للتنمية ومنظمة التعاون الإسلامي، والمؤسسات الخيرية، ومستثمري القطاع الخاص، وخبراء من جميع أنحاء إقليمنا وأفريقيا.
ومن المنتظر أن تطرح المائدة المستديرة رؤية جديدة «لتحالف التمويل الإسلامي من أجل الصحة العالمية»، الذي تشارك في قيادته منظمة الصحة العالمية والمركز الإسلامي لتنمية التجارة، وذلك سعيًا إلى تحويل التمويل الإسلامي إلى آلية عملية يمكن للبلدان استخدامها بيسر وسهولة لسد ثغرات التمويل الصحي.
وتوفر التقنيات الحديثة -كالمدفوعات الرقمية، وأنظمة التكنولوجيا المالية، ومنصات الشفافية المعتمدة على سلسلة الكتل (بلوكتشين)، والتحليلات المدعومة بالذكاء الاصطناعي- وسائل جديدة لضمان تتبُّع كل ريال أو دولار، وضمان توافُقه مع أهدافه، وربطه بنتائج صحية قابلة للقياس.
وستعرض جلسة الإحاطة التي سنعقدها اليوم هذا المشهد العام، والتحديات التي نواجهها، وأسباب جذب التمويل الإسلامي للاهتمام بسرعة باعتباره حلًّا استراتيجيًّا يسهم في النهوض بالصحة العالمية.

