في إطار الاحتفال باليوم العالمي للمرأة، نظمت الكتابة الإقليمية لمولاي رشيد سيدي عثمان لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ندوة فكرية تحت عنوان “حقوق المرأة بالمغرب: أزمة قانون أم أزمة مجتمع؟”، وذلك بمسرح مولاي رشيد. تميّزت الندوة بحضور مكثف، خصوصًا من النساء، ما عكس الاهتمام الكبير بهذه القضية الملحة.
التمكين القانوني والحقوقي للمرأة هو عنوان مداخلة المحامية عائشة كلاع، عضو المجلس الوطني لحزب الاتحاد الاشتراكي، التي أكدت ان الحضور القوي للمرأة في هذا اللقاء يعكس الدور الفاعل الذي تلعبه المرأة المغربية رغم التحديات الكبيرة التي تواجهها.
و لقد طرحت سؤالًا جوهريًا: هل الأزمة في القوانين أم في المجتمع؟ لتجيب بأن الإشكال مزدوج، إذ أن الأزمة تكمن في الاثنين معا.
و لقد شددت كلاع على أن النقاش حول حقوق المرأة لا يعني صراعا بين الجنسين، بل هو معركة ثقافية مرتبطة بأسس التربية والتمييز القائم بين الرجال والنساء. واستعرضت مجموعة من الإحصائيات التي تعكس استمرار إقصاء المرأة في عدة مجالات، رغم تفوقها في التعليم ومشاركتها الفعالة في المجتمع.
كما أكدت على ضرورة إشراك المرأة في التنمية المجتمعية وعدم حصر دورها في النمط التقليدي الذي يربطها بالمنزل والقيود الاجتماعية. مشيرة إلى أن مناهضة العنف ضد النساء تتطلب تشريعات واضحة تحمي حقوق المرأة وتواكب التطورات المجتمعية. واعتبرت أن مدونة الأسرة، رغم أنها خطوة هامة، تعكس صراعا بين تيارين: أحدهما تقليدي يؤدي إلى تفكك الأسرة والطلاق، وآخر حداثي يدعو إلى تكريس المساواة بين الرجل والمرأة وفق المواثيق الدولية.
و في الاخير تطرقت كلاع إلى قضايا حساسة مثل تزويج القاصرات، ارتفاع نسبة الأمية بين النساء، وضعف تمثيل المرأة في مجال الأعمال والاستثمار، مؤكدة أن غياب ترسانة قانونية متطورة يحرم النساء من حقوقهن الاقتصادية والاجتماعية. كما أشارت إلى إشكالية تحديد النسب، معتبرة أن القانون المغربي لم يواكب التطورات العلمية في هذا المجال، مما يؤثر سلبًا على حقوق الطفل والأسرة بشكل عام.
حقوق المرأة بين التقنين وتمثلات المجتمع هو عنوان مداخلة الدكتور عبد اللطيف مستكفي أستاذ القانون العام والعلوم السياسية، وكاتب إقليمي للاتحاد الاشتراكي بالمنطقة ، و الذي ركز على العلاقة الجدلية بين القانون والتمثلات المجتمعية التي تؤثر على وضعية المرأة.
وأكد أن حزب الاتحاد الاشتراكي يتبنى مشروعا مجتمعيا يضع المرأة في صلب اهتماماته، معتبرا أن النضال من أجل حقوق المرأة هو جزء من رؤية الحزب الشاملة للإصلاح.
و لقد استحضر مستكفي مقولات لعدد من الباحثين في علم الاجتماع، مسلطا الضوء على كيفية تداخل العوامل الثقافية والقانونية في تحديد وضعية المرأة. وأشار إلى أن النقاش لا يجب أن ينحصر فقط في الزواج والطلاق والحضانة، بل يجب أن يتجاوز ذلك إلى نقد التمثلات السائدة داخل المجتمع. واستعرض بعض الأمثلة المتداولة التي تعكس نظرة دونية للمرأة، مثل العبارات الشعبية التي تقلل من شأنها وتؤثر على مكانتها داخل الأسرة والمجتمع.
كما تحدث عن أهمية التمكين الاقتصادي للمرأة، منتقدا النظرة التقليدية للمرأة الاقتصادية، التي تحصر دور النساء في التعاونيات والأنشطة ذات الطابع الإحساني بدل اعتبارهن فاعلات في المنظومة الاقتصادية. وأكد أن تعزيز دور المرأة في الاقتصاد يتطلب تغييرا في العقليات إلى جانب إصلاحات قانونية تضمن المساواة والعدالة الاجتماعية.
الحزب ونضاله المستمر من أجل المرأة
في كلمته الختامية، شدد المنسق الإقليمي محمد بلعتيق، الذي تحدث باسم الكتابة الإقليمية للحزب، على أن هذه الندوة تأتي في إطار التزام الحزب التاريخي بالدفاع عن حقوق المرأة. وأكد أن الاتحاد الاشتراكي لا يعتبر قضية المرأة مجرد ورقة سياسية لتأثيث المشهد، بل هي جزء من نضاله الفكري والسياسي من أجل مجتمع أكثر عدالة ومساواة.
هذه الندوة لم تكن مجرد لقاء فكري، بل هي محطة لمساءلة الوضع الراهن والتفكير في سبل التغيير، لأن النضال من أجل حقوق المرأة هو نضال من أجل مجتمع ديمقراطي متوازن
تفاعل الحضور والنقاش المفتوح
اختتمت الندوة بنقاش مفتوح مع الحضور، حيث تفاعل المتدخلون مع أسئلة الحاضرين ومقترحاتهم حول سبل تحسين وضعية المرأة في المغرب، سواء من الناحية القانونية أو المجتمعية. وشدد الجميع على أن تحقيق المساواة الفعلية يتطلب تضافر الجهود بين الدولة والمجتمع المدني، إلى جانب ضرورة إصلاح القوانين بما يضمن للمرأة حقوقها الكاملة دون تمييز أو إقصاء