الأحداث الثقافية الكبرى.. جسور بين التراث والانفتاح على العالم
تُعد الأحداث الثقافية الكبرى في الإمارات منصة حيوية للتفاعل بين ثقافة المجتمع المحلي والثقافات الإنسانية المختلفة حول العالم.
تمثل هذه الفعاليات نقطة تلاقٍ لأنشطة متنوعة من الفنون والآداب، وتساهم في إبراز الثقافة والتراث الوطني، مما يعزز انتماء الأجيال المتعاقبة واعتزازها بهويتها الثقافية. كما أن لهذه الأحداث دوراً مهماً في دعم الأنشطة السياحية والاقتصادية للدولة، وهو ما ينعكس بدوره على التطور الفكري والإبداعي للمجتمع. لقد استطاعت الإمارات أن تصبح منارة ثقافية في المنطقة بفضل رؤيتها المتوازنة بين إرثها الثقافي العريق وطموح قيادتها الرشيدة للانفتاح على العالم. وضمن هذا التوجه، نجحت الدولة في بناء بيئة تحتفي بالتنوع الثقافي، وتستند إلى قيم التعايش والتسامح. أصبحت الإمارات خلال السنوات الأخيرة جسراً للتواصل بين الثقافات الإنسانية عبر استضافتها لفعاليات عالمية بارزة، مثل مؤتمر التسامح الدولي، وإصدار وثيقة الأخوة الإنسانية، ومعرض إكسبو 2020 دبي، ومؤتمر المناخ «كوب28»، وغيرها من الفعاليات الكبرى التي تُعقد على أرضها. تمثل الثقافة والتراث قلب الهوية الإماراتية.
ومن خلال الفعاليات الكبرى، تُعبر الدولة عن اعتزازها بموروثها الغني. يُعد مهرجان الشيخ زايد التراثي مثالاً بارزاً على ذلك، حيث يسلط الضوء سنوياً على العادات والتقاليد الإماراتية مثل الصقارة، وسباقات الهجن، والحرف اليدوية. كما يقدم مهرجان قصر الحصن تجربة فريدة تسرد حكايات الأجداد، وتبرز القيم التي أسهمت في بناء الدولة الحديثة. ولا تقتصر الفعاليات الثقافية على الاحتفاء بالتراث فقط، بل تمتد إلى الأنشطة التي تعزز الحوار الفكري والمعرفي. على سبيل المثال، يشكل «معرض أبوظبي الدولي للكتاب» و«معرض الشارقة الدولي للكتاب» ملتقى يجمع الكُتاب والمفكرين من مختلف أنحاء العالم. هذه الفعاليات ليست مجرد منصات لبيع الكتب، بل نوافذ للتفاعل الثقافي العالمي. ومن خلالها، يتاح للعالم الاطلاع على الثقافة الإماراتية الحديثة التي تمتزج بجذورها العريقة، في حين يتاح للإماراتيين فرصة التفاعل مع الثقافات الأخرى في حوارات فكرية مثمرة. تحرص الإمارات على تحقيق التوازن الثقافي بين الموروث العريق والحداثة في مختلف المجالات. على سبيل المثال، في مجال الفنون، تُعد دار الأوبرا في دبي ومتحف اللوفر أبوظبي رمزين لهذا التوازن، حيث يجمعان بين الفنون الكلاسيكية والمعاصرة في بيئة تشجع التفاهم الثقافي والإنتاج الإبداعي. هذه المبادرات تؤكد طموح الإمارات في أن تكون مركزاً عالمياً للفنون والثقافة، مع الحفاظ على هويتها الوطنية المتجذرة. لا يمكن الحديث عن الأحداث الثقافية الكبرى في الإمارات دون الإشارة إلى قدرتها الفريدة على بناء جسور بين الثقافات.
على سبيل المثال «مهرجان طيران الإمارات للآداب» يبرز الشغف بالتواصل الحيوي مع الأدب العالمي، حيث تتيح المجال للحوار بين الأدباء والمثقفين من خلفيات متنوعة. كما تعكس هذه الفعاليات التزام الإمارات بمبدأ التعددية الثقافية، الذي أصبح جزءاً أساسيا من هويتها العالمية.
نجحت الإمارات في ترسيخ مكانتها كمنارة ثقافية تجمع بين تراثها الغني ورؤيتها الطموحة للمستقبل. من خلال الفعاليات الكبرى، لا تعزز الدولة هويتها الوطنية فحسب، بل تسهم أيضاً في بناء عالم أكثر تواصلاً وتفهماً.
في هذا الإطار، تواصل الإمارات جهودها لتحقيق التوازن الثقافي الفريد الذي يجمع بين الاعتزاز بالماضي والانفتاح على المستقبل، مما يجعلها نموذجاً يحتذى به في العالم.
*باحثة إماراتية في الأمن الاجتماعي والثقافي، أستاذ زائر بكليات التقنية العليا للطالبات، أستاذ زائر بجامعة الإمارات العربية المتحدة.