يعد متحف آثار الغردقة من الوجهات المميزة التي تضم مجموعة من القطع الأثرية الفريدة، ومنها تماثيل ولوحات تُجسد فكرة الترابط العائلي في مصر القديمة، هذه القطع تمثل جزءًا أساسيًا من الحضارة المصرية القديمة، حيث يبرز فيها بشكل واضح المدى الذي وصل إليه الفن المصري القديم في تصوير العلاقة بين أفراد الأسرة، ويظهر فيها الأب، الأم، والأطفال كركيزة أساسية في تشكيل الهوية المصرية القديمة.
من جانبه قال وليد علام المشرف العام على متحف آثار الغردقة، أن الفنان المصرى القديم كان يولى اهتمامًا كبيرًا فى أعماله الفنية لتمثيل الوحدة العائلية، حيث كانت الأسرة تعتبر أحد الأعمدة الأساسية في بناء الحضارة المصرية القديمة.
واضاف المشرف العام على متحف الغردقة، أن يظهر هذا بوضوح في التماثيل واللوحات التي تصوّر الزوجين معًا في تناغم، وهو ما يعكس أهمية العلاقة بين الأب والأم في الحياة اليومية وكذلك في الحياة الآخرة.
وأوضح: أن الوحدة العائلية لم تقتصر فقط على العلاقات بين الزوجين، بل امتدت أيضًا لتشمل الأبناء، حيث كان يُصور الابن الأكبر في العديد من اللوحات الجنائزية وهو يقدم القرابين لوالديه كنوع من الوفاء والاحترام.
وتعتبر هذه التصويرات حجر الزاوية في العديد من الأعمال الفنية، وتبرز كيف كانت الأسرة تُعتبر نقطة انطلاق لانتقال الروح عبر الأجيال، مشيرا إلى أن التصويرات العائلية على هذه اللوحات والتماثيل كانت تتداخل مع المفاهيم الدينية التي شكلت جوهر الحياة المصرية القديمة.
وتابع : كانت الديانة المصرية القديمة تُعبر عن مفهوم أسري بامتياز، حيث كان الثالوث المقدس الذي يتكون من الزوج والزوجة والإله الطفل هو تجسيد لهذه الفكرة، و كان هناك تطابق بين مفاهيم الحياة العائلية والروح الدينية، فقد تم تصوير الآلهة أيضًا في صور عائلية، مثلما تم تصوير الثالوث الإلهي الأشهر في تاريخ مصر القديمة أوزوريس، إيزيس، وابنهما حورس.
هذا الثالوث الذي أضفى طابعًا خاصًا على الديانة المصرية القديمة، وكان رمزًا للعلاقة المقدسة بين الأسرة والحياة الأبدية، وتعتبر هذه التصويرات جزءًا من الفهم العميق الذي كان يمتلكه المصريون القدماء حول الترابط بين الأحياء والأموات.
كان المصريون يعتبرون أن الحياة تستمر في العائلة من خلال التكريم والاحترام المتبادل بين الأجيال، وهو ما كان يتجسد في اللوحات والتماثيل الجنائزية، التي غالبًا ما كانت تتضمن تصوير الأجيال السابقة، مما يعكس أهمية توثيق شجرة النسب العائلية.
وكشف المشرف العام على المتحف أن العديد من اللوحات كان يتم فيها تسجيل شجرة النسب لعائلة ما، وذلك على جدران المقابر أو على مقاصيرها، حيث كان يتم تمثيل الأجداد والأسلاف بطريقة تؤكد على استمرارية الأسرة عبر الزمن، كان هذا التوثيق جزءًا من العقيدة الدينية في مصر القديمة، حيث كان المصريون يعتقدون أن استمرارية العائلة وتمجيد أسلافهم سيضمن لهم حياة آخرة سعيدة.
بهذه الطريقة، استطاع الفن المصري القديم أن يترجم الأفكار والمعتقدات الدينية والاجتماعية إلى صور دائمة، وهي اليوم تشهد على العمق الحضاري الذي كان يتمتع به المصريون القدماء في تعاملهم مع القيم العائلية والدينية.
واشار الى أن يمكن القول إن تماثيل ولوحات العائلة في مصر القديمة، التي تضمها مقتنيات متحف آثار الغردقة، تعد نافذة مميزة لفهم كيفية تأثير الثقافة المصرية على فهم الأسرة والترابط العائلي، هذه القطع لا تقتصر فقط على كونها أعمالًا فنية، بل هي تجسيد حي للتقاليد الدينية والاجتماعية التي تميزت بها مصر القديمة، ما يجعلها مصدرًا قيمًا للدراسة والاكتشافات التاريخية.
تماثيل ولوحات العائلة بمتحف الغردقة

لوحات العائلة بمتحف الغردقة

لوحات حجرية عن العائلة فى مصر القديمة