تسبب الموز فى عدة أزمات بأمريكا اللاتينية، منها اقتصادية واجتماعية أيضا، وذلك على خلفية انخفاض الإنتاج بسبب التغيرات المناخية ودرجات الحرارة المرتفعة، مما يؤثر على نسبة الصادرات وأيضا سيؤدى ذلك إلى ارتفاع فى نسبة البطالة.
تنتاب بعض دول أمريكا اللاتينية، خاصة كولومبيا وكوستاريكا، قلق ومخاوف كبيرة بسبب انخفاض إنتاج الموز، وهو ما يثير أزمة مع الدول الأوروبية فى ظل خفض نسبة الصادرات إليها، وفقا لصحيفة فريش بلازا الإيطالية.
وأشارت عدد من الخبراء إلى أن هناك مخاوف من تأثير انخفاض انتاج الموز فى دول أمريكا اللاتينية على توافره فى الأسواق الأوروبية، وذلك يعود للتغيرات المناخية وارتفاع درجات الحرارة التى تسببت فى تلف محصول الموز مما سيؤثر سلبا على الصادرات وهو ما تخشاه الدول الأوروبية .
كما أشارت صحيفة التيمبو التشيلية إلى أن تغير المناخ يؤدى إلى جعل مناطق واسعة من أمريكا اللاتينية غير صالحة لزراعة الموز إذا لم يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة قريبًا، حيث أن درجات الحرارة المرتفعة تجعل أجزاء كبيرة من أمريكا اللاتينية غير مناسبة لإنتاج الموز، وستكون كولومبيا وكوستاريكا أكثر عرضة للخطر.
وتوجد مخاوف من أن الأشهر الجافة المقبلة ستعيد إحياء الأوقات الصعبة التي شهدناها في عام 2023، عندما تسببت موجة الحر في انخفاض حصاد العام التالي بنسبة 15 %، حتى في الظروف العادية، يحتاج 60 % من مزرعة الفاكهة التي تبلغ مساحتها 100 هكتار والتى يملكها كوجلر إلى الرى، “ولكن عندما تصل درجات الحرارة إلى حوالى 40 درجة مئوية ومستويات الرطوبة منخفضة للغاية، تتوقف النباتات عن العمل، حتى مع الرى”.
ومع استمرار ارتفاع درجات الحرارة العالمية، فإن التوقعات بعيدة كل البعد عن أن تكون واعدة.
يعد الموز من أكثر المنتجات الزراعية تصديرا في جميع أنحاء العالم، حيث تقدر قيمة سوقها بنحو 11 مليار دولار أمريكى سنوياً.
وتوصلت دراسة إلى أن ارتفاع درجات الحرارة سيؤدي بحلول عام 2080 إلى انخفاض بنسبة 60% في المناطق المناسبة لإنتاج الموز الموجه للتصدير في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي إذا لم يتم اتخاذ إجراءات عاجلة لمكافحة تغير المناخ.
ومن المتوقع انخفاض المحاصيل فى معظم المناطق المستخدمة حاليا لزراعة الموز في المنطقة، ووجد العلماء أيضًا أن العوامل الاجتماعية والاقتصادية مثل توفر العمالة والبنية الأساسية تحد بشدة من القدرة على التكيف مع المناخ.
استخدم الباحثون صور الأقمار الصناعية لرسم خرائط مناطق الإنتاج المكثف للموز، وتحديد العوامل المناخية والاجتماعية والإقتصادية والتربة التى تؤثر على قابلية المحاصيل للبقاء.
وتظهر النتائج أن إنتاج الموز يتركز فى المناطق المنخفضة الارتفاع ذات درجات الحرارة المرتفعة والمستقرة والتربة الحمضية قليلاً، وتقع معظم مزارع الموز بالقرب من الموانئ والمراكز الحضرية، مما يجعل من الصعب تحديد موقعها في مناطق أكثر ملاءمة.
وقال دان بيبر، أستاذ علم البيئة بجامعة إكستر في المملكة المتحدة، والذي قاد الدراسة: “في بعض المناطق، يكون الطقس حارًا جدًا بالفعل، ويقترب من الحد الأقصى للإنتاج التجارى، وستصبح درجات الحرارة مرتفعة للغاية”.
وقال ماوريسيو كويلو، باحث في مؤسسة البحوث الزراعية البرازيلية: “إن بعض المناطق التى كانت زراعة الموز فيها قابلة للاستمرار دون رى، على الرغم من ارتفاع مخاطر المناخ، تحتاج الآن إلى الري للتخفيف من تلك المخاطر.”
وبحسب بيبر، فإن كولومبيا وكوستاريكا معرضتان للخطر بشكل خاص، وهو أمر يثير القلق بالنسبة لصناعة التصدير إلى أوروبا وأمريكا الشمالية، والمناطق الوحيدة التي تتمتع بتوقعات إيجابية هي جنوب البرازيل، التي تتمتع بالفعل بمناخ أكثر برودة، والإكوادور، حيث لا تشير التوقعات إلى حدوث ارتفاع كبير في درجات الحرارة.
وأوضح بيبر “لقد وجدنا أن المراقبة عن بعد باستخدام رادار الأقمار الصناعية كانت مفيدة للغاية في اكتشاف إنتاج الموز عالى الكثافة”.
وأضاف “ومع ذلك، فإن العديد من دول جزر البحر الكاريبي، مثل هايتى، تنتج الموز بكثافة أقل، ولم نتمكن من اكتشاف أنظمة الإنتاج هذه بدقة”.
وتشكل هذه الفاكهة مصدرا حيويا للدخل بالنسبة للدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط. وفي كولومبيا، تمثل التجارة الزراعية حوالي 5 % من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد وتوظف ما يقرب من 300 ألف شخص، بشكل مباشر أو غير مباشر، وهو ما يجعل انخفاض الإنتاج للموز يؤثر أيضا على نسبة العمالة ، وفقا للدراسة.
وعلاوة على ذلك، وباعتبارها غذاءً أساسياً يستهلك في جميع أنحاء العالم، فإن التهديدات التي يتعرض لها إنتاجها تشكل أيضاً مخاطر على الأمن الغذائي في العديد من البلدان.
ومنذ عام 2020، أدرجت البرازيل زراعة الموز في مناطق المخاطر المناخية الزراعية، وهو نظام رسم خرائط يقيم مخاطر الزراعة والإنتاج في ظل ظروف مناخية مختلفة.
ويقول ماوريسيو كويلو، الباحث في مؤسسة البحوث الزراعية البرازيلية، و تقسيم المناطق المعرضة لمخاطر المناخ الزراعى أظهر أن مناطق البرازيل التي كانت شبه رطبة أصبحت الآن شبه قاحلة.
وأوضح أن “بعض المناطق التي كانت زراعة الموز فيها قابلة للاستمرار دون ري، رغم ارتفاع مخاطر المناخ، تحتاج الآن إلى الري للتخفيف من تلك المخاطر”.
استراتيجيات التخفيف
لقد تم اعتماد عدة استراتيجيات للتخفيف من تأثير تغير المناخ على إنتاج الموز، في مزرعة الموز الخاصة به، قام إيرفينو كوجلر بزيادة كمية الري اليومية وتوجيه المياه إلى أجزاء أكثر من النباتات.
ومع ذلك، فإن توفر المياه يتأثر أيضًا بالاحتباس الحراري العالمي. ولمعالجة هذه المشكلة، يدرس العلماء أصناف الموز المقاومة للجفاف.
ومن بينها صنفان تم تطويرهما من قبل جمعية المزارعين الكاريبيين، واللذان يحتاجان إلى 25 % أقل من المياه مقارنة بالأصناف التقليدية.
وبحسب كويلو، فقد تم تطوير هذه الموز الهجين في البداية لمقاومة الأمراض الفطرية مثل السيجاتوكا السوداء والأصفر، ومع ذلك، وعلى نحو غير متوقع، أظهرت أيضًا احتياجات أقل للمياه.